أظهرت دراسة اسكتلندية أن الأشخاص الذين يتناولون حبوبا شائعة الاستعمال لعلاج حرقة المعدة ربما تزداد احتمالات إصابتهم بعدوى بكتيرية في الأمعاء مقارنة بمن لا يلجأون إلى هذا العلاج. وتمنع هذه الحبوب الخلايا الموجودة في بطانة المعدة من إفراز الأحماض بصورة زائدة قد تسبب القرح وأعراض ارتجاع المريء مثل حرقة المعدة.
وفحص الباحثون بيانات حوالي 188 ألف شخص تناولوا هذه الحبوب ونحو 377 ألفا لم يفعلوا. ومقارنة بالأشخاص الذين لم يلجأوا إلى حبوب علاج حرقة المعدة فإن من فعلوا كانوا أكثر عرضة لنوع حاد من الإسهال تسببه بكتيريا كلوستريديوم (المطثية). وقال الدكتور توماس ماكدونالد، الباحث في علم الصيدلة في جامعة داندي في اسكتلندا والذي قاد فريق الدراسة، “إن تقليل أحماض المعدة الذي يحول دون الالتهاب يزيد من فرص الإصابة بعدوى في الجهاز الهضمي”.
وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني “أن الخطر الرئيسي لحبوب حرقة المعدة هو حدوث عدوى بالجهاز الهضمي”. ويستخدم الملايين في أرجاء العالم الحبوب الشائعة لمعالجة الحرقة التي تتوفر دون وصفة طبية في أوروبا والولايات المتحدة مما يعني أن الزيادة في فرص الإصابة بالالتهابات المعوية يمكن أن تصيب عددا كبيرا من المرضى. وقال الطبيب وسيتش مارليكز، الباحث في طب الأمعاء في كلية بومرانيان للطب في بولندا، وهو لم يشارك في الدراسة، “إن المشكلة الرئيسية مع استخدام هذه الحبوب هي الإفراط في تناولها. هذه الأدوية فعالة للغاية وآمنة عندما يتناولها المرضى وفقا لدواعي استخدامها”.
وأجريت إحدى الدراسات على أشخاص مصابين بحرقة المعدة ويتناولون حبوبا مضادة وهي عبارة عن مجموعة من مثبطات مضخة البروتونات. وتوصلت الدراسة إلى أن هؤلاء الذين يستخدمون ذلك النوع من الحبوب، يكونون عرضة للإصابة بداء الكلى المزمن. وقام الباحثون بالكشف عن الآثار السلبية لذلك النوع من الدواء وقاموا بربطها بدراسات سابقة عنها تناولت نفس الجانب.
قال الفريق البحثي إن مثبطات البروتونات تعمل على منع الخلايا في جدار المعدة من إنتاج كمية كبيرة من الحمض مما يقلل من حدوث القرح ومن أعراض ارتجاع المعدة والمريء. ثم قام الباحثون بربط تلك الدراسة مع دراستهم تلك عن أدوية حرقة المعدة وعلاقتها بالإصابة بأمراض الكلى المزمنة، حيث قاموا بمراجعة البيانات والمعلومات للإضافة عليها، فوجدوا أن من يتناولون أدوية حرقة المعدة امتلكوا أوزانا زائدة بالمقارنة بغيرهم، بالإضافة إلى تناولهم لأدوية تخفيض ضغط الدم وأدوية الكوليسترول.
وربط الباحثون ذلك بأن ضغط الدم المرتفع يرفع من خطر الإصابة بأمراض الكلى المزمنة. وتم نشر الدراسة في مجلة جاما انترناشيونال ميديسين العلمية على جزأين، حيث شمل البحث أكثر من عشرة آلاف شخص تابعهم الباحثون لمدة تقرب من 14 عاما ووجدوا أن 56 من أصل 300 أصيبوا بأمراض الكلى المزمنة، نتيجة لتناول أدوية حرقة المعدة وأصيب 1350 شخصا من العشرة آلاف بمرض الكلى بالرغم من عدم تناولهم لأدوية حرقة المعدة.
لذلك كشفت الدراسة ارتفاع عدد المصابين بأمراض الكلى إلى 11.6 بالمئة لمن يتناولون أدوية حرقة المعدة مقارنة بمن لا يتناولونها. وشملت المرحلة الثانية من البحث عينة أكبر وأوسع نطاقا من الأولى، وصلت إلى أكثر من مئتي ألف مريض وتابعهم الباحثون لحوالي ست سنوات. وتوصلوا إلى أن الذين يتناولون أدوية حرقة المعدة هم أشد الناس عرضة للإصابة بأمراض الكلى المزمنة.
شدد الأطباء في نهاية الدراسة على مخاطر تلك الأدوية على الصحة على المدى القريب والبعيد. وأشاروا إلى أن هناك العديد ممن يتناولون تلك الحبوب لا يكونون في حاجة إليها مما يزيد من فرص الإصابة بأمراض أخرى غير الكلى لعدم احتياجهم إلى تناول مثبطات البروتونات إطلاقا. وتحذر حملة صحية المواطنين في إنكلترا من عدم تجاهل حرقة المعدة باعتبارها قد تكون مؤشرا على الإصابة بسرطان المعدة أو المريء.
ودعت هيئة الصحة العامة بإنكلترا إلى توجه الأفراد إلى الطبيب إذا كانوا يعانون من حرقة في المعدة باستمرار أو صعوبة في هضم الطعام لثلاثة أسابيع أو أكثر. لكنها أشارت إلى أن معظم الناس ليسوا على دراية بالأعراض. ويمثل سرطان المعدة والمريء خامس أكثر أنواع السرطانات شيوعا في إنكلترا. وتظهر إحصائيات هيئة الصحة العامة أن نحو 12900 شخص يصابون بهذين النوعين من السرطان كل عام في إنكلترا، وأن نحو عشرة آلاف شخص يتوفون سنويا جراء هذه الأمراض. لكن من الممكن إنقاذ حياة نحو 950 شخصا كل عام إذا بلغت نسبة العلاج من أمراض سرطان المريء والمعدة مستويات تعادل أفضل المعدلات المسجلة في أوروبا.
ونشر موقع بي بي سي تقريرا جاء فيه أن بريطانيا تسجل أعلى نسبة من الإصابة بسرطان المريء بالنسبة إلى الرجال والنساء في الاتحاد الأوروبي، وهذا قد يكون نتيجة للتدخين وارتفاع مستويات البدانة وقلة الفاكهة والخضروات في الأنظمة الغذائية والاستهلاك المستمر للمشروبات الكحولية. وكلما اكتشف السرطان مبكرا، كلما زادت فرص نجاح العلاج.