تتعدد الآفات الاجتماعية في وطننا، في زمن تضمحل فيه المبادئ والأخلاق العامة، حيث كل شيء قابل للبيع مقابل حفنة من المال.
كل من يبحث عن اللذة مع "بائعات الهوى"، يجدهن في حدائق وأزقة طرابلس، ولكن في النهار وليس في الليل، في طرابلس "فتيات نهار" تتواجدن يوميا عند التاسعة صباحا وإن تأخرت بالوصول أكثر من الساعة الثانية بعض الظهر لن تلحق بهن، فعند هذه الساعة ينتهي دوامهن، فحتى الدعارة "وظيفة" لها ساعات عمل محددة.
لا تشغل بالك بكيفية ايجادهن والتعرف عليهن، فحال رؤيتك تتجول وتتلفت يسارع "عامل النظافة" لتقديم المساعدة وإرشادك عليهن مقابل بضعة آلاف ليرة لا تتخطى أصابع اليد الواحدة!
فتيات "على مد عينك والنظر"، لبنانيات أم سوريات، متزوجات أم عازبات، كبيرات أم يافعات، أرملات أم مطلقات...جميع الأشكال والأنواع متوفرة بأسعار مغرية!
أهو قرف، أهو غضب، أهو شفقة ؟! عدة مشاعر تخالجك وتوجعك، عند رؤيتك لامرأة حامل تحمل ابنها بين ذراعيها، ومع ذلك ملتزمة بعملها تأتي وتتجول متفحصة الرجال المتوفرين لاصطياد "زبون لقطة" !
في إحدى الساحات تجلس النساء المعروفات، يشربن القهوة والسجائر استعداداً لنهار حافل"بمواعيد العمل" ، وفي مقابلهن رجالهن يجلسون يتسامرون ويسمسرون ويأجرون نساءهم "أملاكهم" مقابل أسعار مناسبة، فور رؤيتهم للكاميرا يسارعون بالهروب وذلك لأنهم معروفون وهم بدورهم يعلمون ماذا تريد الكاميرا منهم، وأولئك أنفسهم تراهم يتسولون في شارع آخر وعندها يسارعون للحديث ونقل همومهم والالحاح لتصويرهم!
خلال جولتك، تصادف "بصارة " تفترش الرصيف تحت "فية شجرة"، إن رأتك شابا وحيدا تغريك بكل وسائل الترغيب بالجلوس إلى جانبها كي تبصر لك، وتخبرك عن عروسة العمر. وبعد مرور بضعة دقائق على الحديث تتحول "البصارة" إلى "قوادة"، تشكي همها وتروي لك عن مرض ابنتها ومدى صعوبة تأمين الدواء لها، فتعرض عليك وتعدك بأي فتاة تريد و"عذوقك"، مقابل أن تعطيها المال لاعالة ابنتها.
تجزم بأن تؤمن لك فتاة "خلنج"، وتكون لك وحدك، تحت الطلب عند حاجتك، دون أن تكون لغيرك، فتؤمن لك "ممارسة جنسية نظيفة آمنة " شرط أن تتكفل باطعام وتطبيب ابنتها.
"الغاية تبرر الوسيلة "، فتستملك امرأة أجساد "بنات غيرها"، لتعود وتبيعها وتملّكها لأي رجل من أجل تأمين متطلبات الحياة لابنتها!
ولكن لا يهمها المال بحد ذاته، ما يهمها الالتزام والصدق، "قوادة" تتمتع بأخلاق حميدة، تتاجر بالفتيات ولكن "بصدق وصراحة "!
تخاف من أن تفضحها، فتطلب منك السرية، وتقدم لك ما تشتهي، تحدد لك موعدا مع فتاة صباحا وإن لم تعجبك، "في آلاف غيرها" ، تقبض هي "مستحقاتها"، حسب كرمك، ويعود لك أن تتفق مع الفتاة التي ستؤمنها لك على "السعر المناسب"، فيكون السعر حسب طلباتك الجنسية ، وتتراوح الأسعار ما بين الثلاثين والخمسين ألف ليرة لبنانية .
ومع أن "القوادة" لا تعمل هي شخصيا، وتصارحك بذلك من أول الحديث، تعدل عن "التزامها"، إن كنت "شاب حلاوة" وتدر الليرات أكثر من الزبائن العاديين فتبدي استعدادها للذهاب معك "كزدورة" .
هي من عكار (حسب قولها) وتأتي يوميا في سيارة أجرة إلى طرابلس "تسترزق" ومن ثم تعود إلى مكان سكنها.
"أبلغت بتواجد الفتيات أمام حديقة الملك فهد، ولقد اعتقلنا 3 فتيات وأم مع ابنتها، ولكن لا نريد أن نخيف الناس من الحدائق." يقول رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر الغزالي في حديثه لموقع ليبانون ديبايت.
وتابع الغزالي: "بالنسبة لوضعهن فهو مشابه لوضع المتسولين، لا يمكننا إلا ايقافهم وتسليمهم إلى القوى الأمنية ولكن القوى الأمنية ترفض اعتقالهم بحجة عدم توفر الأمكنة، فبعد أن يقضوا كامل النهار عندنا في البلدية نضطر أن نتركهم آخر النهار بعد أن نكون قد تكلفنا على إطعامهم، فهذا هو واقعنا بكل أسف."
وأضاف: "أما عن جديد فلا علم لي بعدد الفتيات وإن كان وراءهن مافيات، ودورنا كشرطة بلدية متابعة الموضوع مع أن امكانياتنا ضئيلة، فلا يوجد إلا 15 عنصر في النهار لمدينة بمساحة 20 كم2 ، فإذا الجيش لم يستطع تنفيذ الخطة الأمنية في ظل هذا الوضع الأمني فكيف ستستطيع شرطة البلدية القيام بهذه المهام."
في بلد تعتصم فيه الجمعيات للمطالبة بحقوق الحيوانات، ترخص فيه قيمة الانسان، ويباع بأبخس الاثمان، فسعره أرخص من سعر حيوان مشرد!