تعرّضت إعلاميّة لبنانيّة قبل أيام لحفلة ضرب مبرّح من زوجها الهمام، بحسب صحيفة "القدس العربيّ" أول من أمس. وأضاف الخبر أنّها ستظهر على شاشة المحطة التي تعمل فيها بلا مكياج، وعلى وجهها آثار "قبضنة الرجّال"! وهذا خبرٌ إبداعيّ، يضيف بعداً جديداً إلى التعامل مع ظاهرة تعنيف المرأة من مجتمعها، وخصوصاً الزوج. فقد جرت العادة وما تزال أن تعتكف المرأة المعنّفة من زوجها في بيتها خجلاً من أن يعرف بذلك الجوار أو زملاء العمل أو حتى الأهل، وأن تُخفي آثار الضّرب تحت أطنان من الكريمات وموادّ التّمويه، وأن تؤلّف القصص لتبرير هذه البقعة الزرقاء أو تلك، في محاولة يائسة لإنقاذ كرامتها التي هدرها من سلّمته زمامَ الأمر ليصونها!
ولكنّ الأزواج لا يتّعظونَ إلا بالقانون العنيف، وبالمجتمع الذي لا يُداري سوءاتهم بل لا يخشى أن يفضحها على ملأ، وبالإعلام الذي يكشف المخبوءَ من سوء الخلق والتّطاول على كرامة شريكة الحياة. وما دام الأمر كذلك، فلا بأس من أن تظهر إعلاميّة على الملأ بآثار قبضة القبضاي على وجهها، ليُحرّض المشهدُ النساءَ أن لا يُخفين بعد اليوم ما تركه تعنيف الأزواج من علامات بأسهم وانعدام شهامتهم وصَغارِ نفوسهم. فمن يضرب امرأة فكأنما ضرب النساء جميعاً... ومن يُهنْ زوجته، فكأنّه أهان البشريّة في أركان المعمورة. ففي البلاء الذي اسمه "تعنيف المرأة" تتحدُ نساء الأرض، فما بالك بالوطن الواحد؟!
ستنتهي القصة عند هذا الحد، ليبدأ نقاش مجتمعيّ لن يتوقّف عند تأييد مبادرة الإعلاميّة فحسب، بل لتأثيمها لأنها طلبت "الفضيحة" بدل "السّتر"، هذا السّتر الذي يُكنُّ في أحشائه ضحايا أرواح وضحايا أعضاء مبتورة ونفوس شوّهها العنف المتكرّر. وما دام الزوج المعنِّفُ ينجو في كلّ مرة من القصاص المجتمعيّ ومن ثمّ من القصاص القانونيّ، فمن سيوقفُه عن جرائمه المتكرّرة؟!
والأسوأ مما في الموضوع أنّ كثرةً من النساء سيُناضلن لإدانة الإعلاميّة التي فضحت زوجها المعتدي، وهو أمر غير مستغرَب ما دامت المرأة قد نشأت في ثقافة تقدّس الذّكر وتمنحه -دونها- صلاحيات مطلقة! وما دامت ثقافة "السّتر" و"العيب" والتظاهر بطهارة المجتمع هي السائدة المسيطرة! وما دامت المرأة هي الحلقة الأضعف في معادلة السلطة!
دعونا لا نفقد الأمل...!