بلغ عدد حالات قتل الإناث في البرازيل في جرائم القتل المتصلة بالنوع الإجتماعي، معدلات مشابهة لحرب أهلية. ففي 10 سنوات فقط، تم قتل 40,000 امرأة في هذه الدولة الأمريكية الجنوبية... لمجرد كونهن نساء. وعلي سبيل المثال، في عام 2010 وحده، تم قتل إمرأة كل ساعة، بمعدل 4.5 جريمة قتل لكل 100,000 امرأة.
وسعيا منها للتصدي لهذه المآسي المفجعة، دأبت جماعات حقوق المرأة ومنظمات المجتمع المدني والدولي، كل عام -في الفترة بين 25 نوفمبر و10 ديسمبر- علي تنظيم لمدة 16 يوماً، سلسلة من الأنشطة ضد العنف الذي يطال النساء في إطار التحيز ضد النوع الإجتماعي.
هذه المبادرة نشأت في مركز القيادة النسائية العالمية، الذي حث في عام 1991 على وجوب أن يكون الفاصل الزمني بين 25 نوفمبر -اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة- و10 ديسمبر -اليوم العالمي لحقوق الإنسان- مكرساً لهذه القضية .
وهذا العام في البرازيل، إتسمت هذه الأنشطة بأهمية خاصة جراء عقد إجتماع في جنوب مدينة بورتو أليغري في 3 -4 ديسمبر لصياغة تقرير الظل الذي يعده المجتمع المدني من أجل تقديمه إلى اللجنة المعنية بإتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة (سيداو)، عندما تجتمع في فبراير المقبل بجنيف.
ويهدف تقرير المجتمع المدني البديل هذا إلى دعم تقييم لجنة "سيداو" لتصرفات الحكومة البرازيلية في نطاق مكافحة الاتجار بالنساء وتحسين صحة المرأة.
في هذا الشأن، صرحت إنغريد لياو -المنسقة في البرازيل للجنة أمريكا اللاتينية والكاريبي للدفاع عن حقوق المرأة: "لقد ظهر العنف ضد المرأة من تحت البساط، والمجتمع يرى الآن أنه حقيقة واقعة وليس شيئا إخترعه الناس". وأضافت لوكالة إنتر بريس سيرفس: "الأيام المخصصة لهذه الأنشطة النشاط توفر مزيداً من الوضوح لأجندة حقوق الجنسين/النوع الإجتماعي".
هذا وقد وجدت دراسة أجراها "معهد أفانتي البرازيل" أن 40,000 امرأة قتلن في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 200 مليون نسمة، وذلك في الفترة بين الأعوام 2001 و2010.
وفي عام 2010 وحده، تم قتل إمرأة كل ساعة كل ساعة، وهو ما يترجم إلى 4.5 جريمة قتل لكل 100,000 امرأة.
وتشير التوقعات لهذا العام في البرازيل إلي مقتل 4,717 من الإناث، في ما يعرف باسم " قتل الذكور للإناث لمجرد كونهن إناث".
لكن مسألة العنف ضد المرأة هي أكبر من ذلك، كما لاحظت إنغريد لياو، التي استشهدت بالجوانب الأخرى، مثل النواحي النفسية والاقتصادية والجنسية أو الرمزية.
هذا ويوجد قانون مطبق للعقوبات ضد العنف المنزلي في البرازيل منذ عام 2006.
ويعرف ذلك القانون بإسم" قانون ماريا دا بينيا" وهي الصيدلانية التي تعرضت للضرب من قبل زوجها لمدة 14 عاماً، وهو الذي حاول قتلها مرتين في عام 1983، وتركها مشلولة بعد اطلاق النار عليها في الظهر وهي نائمة، ثم حاول صعقها في الحمام عندما عادت من المستشفى.
وبدعم من لجنة أمريكا اللاتينية والكاريبي للدفاع عن حقوق المرأة، قدمت ماريا دا بينيا شكوى للجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان. فكانت هذه أول حالة عنف ضد المرأة تتبناها الهيئة الإقليمية التي تشكل جزءا من منظمة الدول الأمريكية، مما قاد إلى الحكم الهام الصادر عام 2001 والذي أدان الدولة البرازيلية بالإهمال وعدم اتخاذ إجراءات ضد العنف المنزلي.
هذا وإلى جانب إتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 1979، وقعت البرازيل في عام ، علي1994 اتفاقية البلدان الأمريكية لمنع ومعاقبة والقضاء على العنف ضد المرأة.
في هذا الصدد، صرحت تليا نيجراو -خبيرة الشبكة النسوية الوطنية للصحة والحقوق الجنسية والإنجابية- لوكالة إنتر بريس سيرفس: "كيف ما زلنا نعيش مع هذا المستوى من العنف ضد المرأة، على الرغم من مرور 40 عاماً من شجب هذه المشكلة؟”.
وشرحت أنه لا توجد حالة نموذجية لضحايا العنف المنزلي، لأن المشكلة تشمل جميع الطبقات الاجتماعية والأجناس والفئات العمرية... "كل النساء، فقط بسبب جنسهن، ضعيفات وعرضة للعنف".
لكن الخبيرة ناجراو -التي تشغل أيضا منصب رئيسة مجموعة النساء المتحدات لحقوق المرأة- أكدت أن درجة ضعف المرأة -والتي تفاقمت بسبب التفاوت الاجتماعي والفقر وانخفاض المستوى التعليمي وفرص العمل المحدودة وانخفاض الدخل- قد ادت لإرتفاع مستويات العنف ضد المرأة.
وقالت، "المرأة لديها عدد قليل من الأدوات الاجتماعية التي يمكنها أن تلجأ لها. وبالنسبة للنساء اللواتي لا يتمتعهن بقدر من الحرية، من الصعب عليهن الهروب من حالة العنف".
في أغسطس عام 2013، سنت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، قانونا يلزم جميع المستشفيات العامة بتوفير العلاج ضد الأمراض المنقولة جنسيا وفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز لضحايا الاغتصاب.
كذلك بتمكين الضحايا من استخدام وسائل منع الحمل في حالات الطوارئ. وفي حالة الحمل، لديهن الحق في الإجهاض، الذي يعتبر غير قانوني عموما في البرازيل.
وتؤكد نيجراو -التي شاركت منذ عام 1985في رصد امتثال البرازيل للاتفاقيات الدولية: "المواطنة الكاملة تعني إنفاذ حقوق الإنسان. لقد حققنا قدرا كبيرا، ولكن ليس بما فيه الكفاية".
وعلقت بقولها، "سوف يتضمن تقرير الظل الذي ستنظر فيه لجنة "سيداو"، حوادث واقعية للتمييز الذي تتجاهله الدولة البرازيلية... لأن الحكومة لا تريد أن تكشف نفسها على الساحة الدولية".
هذا وكانت الجنة المعنية بإتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة (سيداو٩ قد شددت في اجتماع عام 2012، على نقطتين: الاتجار الداخلي والدولي للمرأة، الذي طالبت باتخاذ تدابير ملموسة ضده، والحاجة إلى تشريع موحد بشأن صحة المرأة.
وعن الإتجار بالنساء، أكدت الأمانة العامة لسياسات المرأة في تقرير صدر في أوائل أكتوبر، أن الاتجار بالمرأة إزداد بنسبة تفوق 1،500 في المئة في النصف الأول من العام، مقارنة بنفس الفترة في عام 2012 .
وبين يناير ويونيو، تلقى "الخط 180 الساخن" المخصص للضحايا، مجموع 263 مكالمة، منها 173 تتعلق بالحالات التي تنطوي على الاتجار بالبشر الدولية وبقية الحالات داخل البرازيل. وفي 34 في المئة من الحالات، أعتبر أن حياة الضحية عرضة للخطر.
فقالت نيجراو أن "وتيرة اعتماد تدابير تتعلق بالاتجار بطيئة جدا، وكذلك ردود الأفعال. وليس لدينا حاليا القدرة على تقييم حجم المشكلة".
أما إستيلا سكاندولا -ممثلة المجتمع المدني في اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر- فقد صرحت لوكالة إنتر بريس سيرفس، إن البرازيل لم تنجح في تطبيق سياسة الدولة لمعالجة الجريمة. وأضافت، "لدينا سياسة حكومية بفضل المرسوم. لكننا بحاجة للضغوط الخارجية. والاتجار بالأشخاص يسلط الضوء على العيوب في عملية التنمية في البلاد".
وقالت أن دور المجتمع المدني هو التنديد بفشل الدولة البرازيلية في تنفيذ سياسات ملائمة لمواجهة الاتجار بالبشر.
"الانطباع هو أن فعل أي شيء يستغرق وقتا طويلاً... والروتين لا ينتهي أبدا". هكذا اشتكت إستيلا سكاندول، مشيرة إلى التأخير في تنفيذ الخطة الوطنية الثانية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار، والتي تعطلت نتيجة لعدم توفر الأموال.
وأكدت أن السلطات تملك الوسائل لمنع الاتجار بالبشر ومنع استغلال النساء في المناطق المعرضة للخطر، مثل السدود الكهرمائية الكبيرة وغيرها من مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء البلاد، والتي جذبت أعدادا كبيرة من العمال من المناطق الأخرى.(آي بي إس / 2013)