يربط المختصون في علم النفس بين المدى الذي يمكن أن يبلغه حب التملك ومدى حب الشخص لذاته، فكلما كانت الأنانية مفرطة كلما كانت شخصيته ميالة إلى حب التملك. وينبهون إلى ضرورة تفطن الأبوين إلى نشأة هذا الشعور لدى الطفل منذ الصغر. وقد يظهر ذلك عندما يلاحظان أن الطفل مثلا لا يقبل أن يشاركه أحد في ألعابه أو أنه يغار بشكل مفرط من إخوته عندما يقتربون من الأم أو الأب أو عندما لا يقبل أن يكون لدى إخوته أشخاص مقربين من الأسرة أو من خارجها غيره.
ويوضحون أن هذه العلامات تكشف ميل شخصية الطفل نحو حب التملك للأشياء والأشخاص ويجب على الوالدين الانتباه إليها لإيجاد الطرق التربوية التي تساعدهما في تقويم هذه السلوكيات وإصلاحها، من ذلك تعليم الابن معاني المشاركة وتقاسم الممتلكات كالألعاب مع الغير، وكذلك توعيته بأن الأشخاص ليسوا ملكية خاصة له بطريقة مبسطة تبعده عن اعتبار نفسه محور اهتمام حياة المحيطين به. ويؤكد المختصون في علوم التربية أن تفطن الوالدين مبكرا إلى نمو شعور حب التملك عند الابن من شأنه أن يبني لديه شخصية متوازنة ومعتدلة ما يجنبه تداعيات حب التملك عندما يكبر.
وتعاني العديد من الأسر من المشاكل الناجمة عن حب التملك حيث يجعل هذا الشعور الشريك سواء كان الزوج أو الزوجة يميل إلى السيطرة وفرض قيود مفرطة على تحركات وعلاقات وتصرفات الطرف الآخر ما من شأنه أن يزعج وينفّر هذا الأخير بسبب الضغوط الممارسة عليه وإحساسه بأنه في علاقة تقيّد حرياته وتجعله طرفا تابعا للشريك.
ولا توجد دراسات علمية تجزم إن كان هذا الشعور متواجدا أكثر لدى الرجال أو لدى النساء، فالمجتمعات العربية تربط حب التملك عند الرجل الشرقي بشعوره الدائم بأنه الطرف الأقوى في العلاقة وبأنه من يجب أن يدير علاقته بزوجته كما يشرف على تسيير شؤون الأسرة، ونلاحظ أن البيئة الاجتماعية، التي تعترف بعلوية الرجل، تبرر سلوكيات الرجل التي تنم عن حب التملك بالقول بأنها ناتجة عن الحب والغيرة المفرطة، وأنه رجل البيت الذي يجب أن تأخذ المرأة مشورته وموافقته على كل خطوة تخطوها.
أما في حال كانت نفس التصرفات تصدر عن المرأة فنجد استنكارا لها وتوصف بأنها غيورة بشكل مرضي ويُستغرب أن تطلب من زوجها أن يأخذ إذنها ليخرج مع أصدقائه مثلا. وتبعا لذلك فإن الجميع في المجتمع التونسي مثلا يتعاطف مع الرجل الذي يتذمر من مبالغة زوجته أو خطيبته في الاتصال به هاتفيا عندما يكون بعيدا عنها ويستهجنون تدخلها في علاقاته الاجتماعية وطلبها التعرف على أصدقائه وزملائه، لكن في حال اشتكت الشريكة من نفس التصرفات فإن المقربين منها وعائلتها يجيبونها بأنه أمر طبيعي وهو علامة على الاهتمام.
وتقول أحلام بن طاهر، وهي شابة من الجنوب التونسي، إنها اضطرت إلى فسخ خطوبتها بسبب تصرفات خطيبها الذي كان يتصل بها هاتفيا العديد من المرات طيلة اليوم ويسألها في كل لحظة ماذا تفعل؟ وأين ذهبت؟ ومن التقت؟ ومن اتصل بها؟ رغم أنها عاطلة عن العمل وتعيش مع أسرتها، موضحة أنه كلما وجد هاتفها مشغولا يستشيط غضبا ويبدأ بتكذيب إجاباتها، إلى الدرجة التي يتصل فعلا بصديقاتها أو إخوتها ليستفسرهم. وتضيف أحلام أنها حاولت مرارا تغيير هذا السلوك الذي يحرجها مع المقربين منها لكن دون جدوى.
ويؤكد المختصون في علم الاجتماع أن الكثير من العلاقات الزوجية انتهت بالانفصال بسبب المشاكل التي يكون سببها المباشر حب التملك، ويقول الباحث في علم الاجتماع، طارق بالحاج محمد، لـ”العرب” إنه من وجهة نظر نفسية يعتبر حب التملك بين الأزواج نوعا من الاضطراب النفسي والسلوكي إذ يطغى عند الشخصيات التي تغلب عليها النرجسية، وتستمد وجودها من تملك الآخرين والسيطرة على أفعالهم تحت شعار الرعاية والحب والاهتمام، لكنه في الحقيقة جزء من الاضطرابات النفسية التي تدمر العلاقة الزوجية، من أبرز مظاهره الغيرة حيث يسمح أحد الأطراف لنفسه بالتدخل حتى في أدق تفاصيل حياة الطرف الآخر وتحركاته واتصالاته سواء بشكل مباشر وفظ أو عن طريق التجسس والتلصص عليه.
ويؤكد أن حب التملك يصل في بعض الأحيان إلى درجة الوسواس والإساءة كاتهام الطرف الآخر بأمور ليس لها أساس من الصحة ومنها الخيانة… كما يحاول هذا النوع من الشركاء أن يوجه تصرفات الطرف الآخر وإملاء الأوامر عليه ويشعر بالغضب في حال عدم إطاعته. والجدير بالذكر أن أي محاولة للحصول على جواب منطقي من شريك لديه حب التملك تعتبر فاشلة، حيث أنه لا يتقبل أي انتقاد، وذلك في الغالب نابع من عدم امتلاكه الثقة الكافية بالنفس.
كما أن هذا النوع من الأشخاص لا يمكنه أن يتحمل مسؤولية أي موقف سلبي حيث يحاول التهرب منه وإلقاءه على أشخاص آخرين بمن فيهم شريكه. إنّ حب التملك يُعد من أسـوأ أنواع الحب، فعندما يسيطر هذا الشعور على العلاقة الزوجية قد يتحملها الطـرف الآخر لفترة مؤقتة من الزمن ولكـن لن تـدوم طويلا لأنّ هذا النوع من الحب مؤذ وصعب تحمله والتعايش معه وسيؤدي إلى نفور الشريك من شريكه.