وضعت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" وحلفائها من الجمعيات والهيئات الحقوقية والنسوية والتنموية من مختلف محافظات المملكة مقترحاتها أمام اللجنة الملكية لتطوير القضاء لضمان حق النساء والفتيات في الوصول الى العدالة.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه تطوير القضاء وتعزيز سيادة القانون وترسيخ ثقة المواطنات والمواطنين في نزاهة القضاء يعد ركيزة أساسية من ركائز إستقرار المجتمع وأمنه وشرطاً أولياً لتحقيق التنمية المستدامة، وهو الضمانة للمساواة والعدالة بين المواطنات والمواطنين جميعا، فإن المراجعة المستمرة والإصلاح والتطوير ضرورة حيوية لضمان مواكبة التطورات المعاصرة وللإستجابة إلى متطلبات التعامل مع التحديات المستجدة، وإن أي تقدم في هذا المجال لا شك سيحقق للإنسان في بلدنا المزيد من الطمأنينة وتكافؤ الفرص وسيسهم في توفير الحماية الفعالة للحقوق والحريات للجميع وخاصة للفئات الأكثر عرضة للتهميش والتمييز وأن أي خطوات يتم تبنيها في إطار تطوير القضاء وتعزيز سيادة القانون وفقاً للمعايير الدولية سيكون له أثره الإيجابي على الجميع.
وتعبر "تضامن" وحلفائها عن ثقتهم بأن دولة رئيس اللجنة الملكية وأعضائها لن يتوانوا عن الدفع قدماً بهذه المسيرة إلى الأمام ولا شك بأن تعزيز ضمانات إستقلال السلطة القضائية، والتوجه نحو وحدة النظام القضائي والحد من الإستثناءات وضمانات المحاكمة العادلة وتيسير التقاضي كحق من حقوق الإنسان، وتطبيق أفضل معايير إختيار وتدريب وتأهيل القضاة والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون وتوفير فرص التعلم المستمر والتدريب المتطور والإطلاع الدائم على أفضل الممارسات وتطوير البنى التحتية وتوفير التجهيزات الملائمة، وبيئة العمل المناسبة وإتاحة الموارد المعرفية والعلمية اللازمة ومعالجة مشكلات ضغط العمل ستؤدي جميعها إلى نهضة نتطلع إليها جميعاً ، نهضة تعزز مكانة بلدنا كنموذج في المنطقة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها.
وتأمل "تضامن" وهي تضع أمام اللجنة الملكية لتطوير القضاء وتعزيز سيادة القانون هذه المقترحات تبني معالجات جذرية لبعض الجوانب الضرورية لتعزيز سيادة القانون بما في ذلك تعليم علم القانون ضمن المناهج الدراسية لمختلف المستويات ونشر الثقافة القانونية وضمان إحتواء مناهج كليات الحقوق والقانون ومناهج المعهد القضائي وتدريب المحامين وأفراد الضابطة العدلية على كل ما يتطلبه أداء القضاة ومساعديهم والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون من معارف ومهارات وخبرات عملية تستند إلى المرجعيات القانونية الملزمة نصاً وروحاً كالدستور والإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها وطنياً والإعلانات والمعايير وأفضل الممارسات الدولية والإقليمية والمقارنة في هذا المجال .
إن عدالة القانون وفعالية النظام القضائي في ضمان الحقوق والحريات والفصل بالمنازعات على أسس تحقق للدولة أهدافها وللمجتمع تطلعاته سيسهم حتماً في القضاء على التمييز ضد النساء والفتيات وسيؤدي إلى تمكينهن من حقهن في الوصول إلى العدالة، ولكنه لن يكون كافياً الإعتماد على التطور التدريجي العادي لأنه لا بد أولاً من التدخل لردم الفجوة القائمة من خلال ضمان الفرص وتعزيز المشاركة والمساواة وتذليل العقبات وهو ما يتطلب خطوات تتخذها الدولة ضمن مسؤوليتها ببذل العناية الواجبة لضمان الحقوق للجميع دون تمييز أو تأجيل .
وفي هذا الإطار فإن "تضامن" وحلفائها يقترحون التالي:
1 – ضمان مشاركة النساء صاحبات المؤهل والكفاءة في مختلف مجالات عمل السلطة القضائية وعلى مختلف المستويات بما فيه محاكم الجنايات والتمييز والمحاكم الإدارية والمحكمة الدستورية ، والنيابة العامة وكذلك في عضوية المجلس القضائي. مع تأكيد أهمية تواجد النساء في المحاكم الدينية على إختلاف درجاتها وأنواعها الشرعية منها والكنسية وفي المناصب القضائية والإدارية في هذه المحاكم .
2 – ضمان وجود ممثلين/ممثلات عن منظمات المجتمع المدني ونقابة المحامين بصفة مراقبات/مراقبين للمحاكمات والسماح لهم بدخول قاعات المحاكم لمتابعة الإجراءات تحقيقاً لمبدأ علانية المحاكمة حتى في حالة إتخاذ المحكمة المعنية قراراً بإجراء المحاكمة بصورة سرية وفقاً للقانون.
3 – إجراء المحاكمات بصورة سرية في القضايا المتعلقة بالجرائم الجنسية أو الجرائم الأسرية أو المحاكمات والإجراءات المتعلقة بالأحداث والأطفال في نزاع مع القانون شريطة ضمان وجود مراقبي محاكمات ضمن القواعد المتبعة في الرقابة على المحاكمات لتحقيق التوازن بين مبدأ علنية المحاكمة ومبدأ صون العلاقات الأسرية والخصوصيات الشخصية .
4 – ضمان وجود إمرأة من الضابطة العدلية في جميع مراحل الإجراءات القضائية إذا كانت المشتبه بها/المتهمة/أو حتى المشتكية أو الشاهدة إمرأة وخاصة في القضايا المتعلقة بالجرائم الجنسية والأسرية أو المتعلقة بالطفلات والأطفال.
5 – تنقية التشريعات جميعها من أي نص تمييزي ضد النساء وتوفير حماية صريحة وفعالة للحقوق المعترف بها في مواجهة إنتهاك هذه الحقوق أو الحرمان منها في المجالين العام والخاص بما فيه النص الصريح في الدستور على المساواة بين الجنسين وحظر التمييز وكذلك في القوانين الأخرى كالتقاعد المدني والعسكري والعمل والأحوال الشخصية والجنسية وكذلك في التشريعات الجزائية التي يتوجب تنقيتها من أي نص ينطوي على تمييز ضد المرأة، بما فيه تعديل تعريف الإغتصاب، وإضافة نصوص تتعلق بالتحرش الجنسي تعريفا وإثباتاً وعقاباً وتأهيلاً للطرفين كذلك إلغاء نص المادة 308 و340 وعدم الإكتفاء بتعديلها وتعديل المواد المتعلقة بتطبيق الأعذار المخففة، وتعديل الأحكام المتعلقة بالإجهاض لإباحته ضمن مدة محددة من حدوثه (لا تزيد على شهرين) وإباحة إستخدام العقار المانع من الحمل عند وقوع الإغتصاب أو السفاح، وكذلك إلغاء التناقض المتعلق بعقوبة جريمة القتل المقترن بالإغتصاب والذي يجوز فيه تخفيف العقوبة مع جريمة الخطف المقترن بالإغتصاب والذي لا تطبق فيه الأحكام المخففة مما ينتج عنه مصلحة للجاني في قتل ضحيته .
6 - النص على إستحداث عقوبة الحبس مدى الحياة بدل الحبس المؤبد ( المحدد بمدة زمنية ) أو إضافة له، بصورة تساعد على مواجهة الجرائم الأشد خطورة والمجرمين الخطرين دون حاجة إلى إيقاع عقوبة الإعدام مما يساعد على تقليص عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام إلى الحد الأدنى ويمهد الطريق إلى إلغاء هذه العقوبة إلغاءاً تاماً وكذلك إزالة التناقض بين قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية فيما يتعلق بالحكم بالإعدام على المرأة الحامل.
7 – توفير المساعدة القانونية المجانية للفقراء عموما وللنساء والفتيات غير المقتدرات خصوصاً في الجرائم الجنائية ولكن ايضاً في الدعاوى المختلفة تمكيناً لهن من الوصول إلى العدالة.
8 – التوسع في إستخدام وسائل بديلة عن التوقيف الإحتياطي ( كالسوار الإلكتروني ) وإلغاء تدابير التوقيف الإداري وضمان إيجاد المأوى الآمن للنساء والفتيات، وتبني أنماط حديثة من العقوبات البديلة عن العقوبات السالبة للحرية ( كأوامر خدمة المجتمع والغرامات المالية ) بهدف تلافي الآثار الإجتماعية والأسرية الناجمة عن الحبس وخاصة حبس النساء والفتيات وهي آثار تمتد طويلاً إلى ما بعد إنتهاء مدة التوقيف أو الحبس ويصعب فيها إعادة الإدماج كما لا يتحقق منها هدف الإصلاح والتأهيل .
9 – إعتماد الوساطة لحل المنازعات في مرحلة ما قبل المحاكمة على أسس عادلة وفي حالات يحددها القانون، على أن تتم بقيادة المدعي العام وبحضور وكلاء أو ممثلين عن الإطراف وعلى نحو يضمن عدم تعرض الطرف الأضعف لأي نوع من الضغوط والإملاءات مع إستثناء إستخدام الوساطة في حالة كانـ / ت المعتدى عليهـ /ا أقل من الثامنة عشر من العمر.
10 - إعتماد الوسائل العلمية الحديثة والتقنيات الحديثة في تقديم والإستماع إلى البينات وخاصة في حالات شهادة الأطفال أو النساء ضحايا الجرائم وخاصة الجرائم الجنسية.
11– مراعاة أثر إرتفاع تكاليف التقاضي والرسوم خاصة على المطالبات المالية بما في ذلك الحصص الأرثية مما يحد من قدرة النساء على المطالبة بحقوقهن خلافاً للأصل وهو مجانية التقاضي تأسيساً على قاعدة " العدل يمنح مجاناً " وإيجاد الوسائل الكفيلة بضمان أن لا تشكل تكاليف التقاضي مانعاً يحول دون وصول الناس عموماً والنساء بشكل خاص إلى العدالة كالنص على إعفاء قضايا معينة من الرسوم أو السماح بتأجيلها بإجراءات ميسرة .
12– معالجة مشكلة تراكم القضايا وطول أمد المحاكمات بصورة تحقق العدالة ولا تسمح بإطالة أمد البت في الدعاوى ضمن مدد زمنية معقولة لأن إطالة أمد المحاكمات وإرتفاع تكاليف التقاضي بما فيه أتعاب المحاماة الفعلية يمنع الناس من المطالبة بحقوقهم ويؤدي في الكثير من الأحيان إلى وخاصة النساء مما يشيع التسامح مع مخالفة القانون والإعتداء على حقوق الآخرين والإفلات من العقاب بما فيه الإجراءات المتتابعة يومياً وزيادة عدد القضاة والقاضيات .
13 - إعادة النظر في الجزاءات والعقوبات - بما فيه الغرامات المالية - بصورة تحقق التلاؤم بين جسامة الفعل وخطورته ومدى حاجة المجتمع إلى ردعه وجسامة آثارة على ضحايا الجريمة من جهة وبين الجزاء المفروض عليه من جهة أخرى وخاصة في حالة القصد وحالة التكرار وحالة الإعتداء على القصر وهو ما يوجب إعادة النظر في مقدار هذه الغرامات والجزاءات لضمان قدرتها على تحقيق الردع العام والردع الخاص بصورة فعالة.
14– التعامل مع الجرائم المختلفة الواقعة على النساء والأطفال كجرائم حق عام لا يؤثر إسقاط الحق الشخصي أو التنازل عن الشكوى من المجني عليه/عليها أو من قبل الولي على العقوبة أو على حقوق المجني عليهم/ عليهن القصر.
15– تهيئة بنية تحتية مجهزة وملائمة وممرات آمنة وغرف محاكمات تحقق المعايير المعتمدة دولياً خاصة للنساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن .
15 – التعامل بجدية أعلى مع الكفالات المالية والتعهدات وإستيفاء قيمة الكفالة في حالة المخالفة لضمان التنفيذ الفعلي والإلتزام بمضامينها ومنح المتضرر/ ة من عدم الإلتزام بها الحق في طلب إتخاذ الإجراءات لتطبيق مضامين هذه الكفالات والتعهدات .