رفضت أن نذكر اسمها أو أن نصوّرها أو حتى أن نذكر في أي مقهى تعمل.. شابة سعودية تقضي أكثر من 8 ساعات يومياً بأحد مقاهي الرياض والتي تعمل فيه نادلة، هي واحدة من كثيرات اخترن العمل مقابل أجر شهري لا يتعدّى 3 آلاف ريال سعودي.
فقد وجدت سعوديات في المقاهي المخصصة للنساء من مختلف الأعمار فرصة عمل لهن بعيداً عن الأضواء.
وتراعي المقاهي النسائية الخصوصية التي يتميز بها المجتمع السعودي عن غيره؛ إذ تبحث المرأة فيها عن مكان يحفظ لها حريتها في لقاء الأصدقاء دون أن تُفرض فيه القيود الاجتماعية، بالإضافة إلى الواجبات الدينية التي تفرض الالتزام بالعباءة والحجاب الشرعي لدى السيدات.
كل ذلك أسهم في رواج هذه المقاهي التي أضحت متنفَّساً لدى المرأة السعودية تمارس فيه ما ترغب من نشاطات سواء ترفيهية أو عملية.
شرفة الوحدة
نورة العجمي، وهي صاحبة مقهى في الرياض، تقول إنّ معظم من يزور هذه المقاهي سعوديات تتراوح أعمارهن بين 18 و25 عاماً.
الشابة السعودية وصفت هذه المقاهي بكلمتين "عالم آخر"، فهي تختلف عن المقاهي العائلية بما تقدّمه من مساحة خاصة ولمسة تعبّر عن المرأة وعالمها فقط.
وبحسب العجمي، فإن "هناك إقبالاً من قِبل السيدات اللاتي يبحثن عن مكان هادئ للعمل أو قراءة الكتب وكسر روتين المنزل بعيداً عن صخب الأطفال، حيث إن المقهى يسمح بدخول الفتيات فوق 15 سنة فقط ولا يسمح بدخول الأطفال والرضع؛ وذلك لكي نمنح المكان الهدوء والسكينة".
وقد ترجمت العجمي الهدوء بتأسيسها ما يسمى "بلكونة الوحدة"؛ وهي عبارة عن شرفة تتسع لشخص واحد، وهي "خاصة للتفكير والتأمل الهادئ فقط، وتوجد بها طاولات صغيرة لا تستوعب سوى كرسي وفنجان قهوة"، على حدّ قولها.
وتقول العجمي إن هذه الزاوية تحظى بإقبال شديد، ما "جعلنا نرفع الرسوم عليها قليلاً مع الحجز المسبق، إلا أن فكرة هذه الزاوية جعلتني مؤمنة بأن المرأة السعودية تبحث كثيراً عن الخلوة بنفسها؛ لتفكر دون ضغوط أو تحتاج هذه الخلوة لتزيح عنها عناء الحياة ومشاكلها".
نادلات سعوديات
ولم يقتصر دور هذه المقاهي على توفير مكان لاستجمام السعوديات؛ بل ساهمت أيضاً في توفير وظائف لهن أيضاً، حيث يحرص بعض ملاك هذه المقاهي على أن تقدم الخدمة للزبائن شابات سعوديات.
ويعود ذلك لسببين؛ أحدهما بسبب نظام السعودة الذي تفرضه وزارة العمل وغيرها من الجهات الحكومية، وأما السبب الآخر فيرجع لخبرة بعض السعوديات في التعامل مع بنات وطنهن بخلاف غيرهن من العمالة النسائية، إضافة إلى معرفتهن بعادات المملكة وتقاليدها وما تحتاجه السيدة السعودية، حسبما تقول نورة العجمي.
العمل كنادلة بضوابط
إلا أن عمل الفتاة السعودية نادلة في المقاهي النسائية يعد أمراً غير مقبول لدى البعض، بينما لا يعارضه آخرون مع اشتراط ضوابط معينة.
"هافينغتون بوست " استطلعت آراء بعض الشابات السعوديات حول مدى قبولهن العمل كنادلات في المقاهي النسائية.
خريجة المحاسبة ميعاد راضي، أبدت عدم رفضها العمل في المقاهي النسائية بالسعودية شرط ألا يُسمح بالتدخين فيها، أو الجوالات التي تحوي كاميرات للتصوير، والأغاني، والملابس غير اللائقة، قائلة: "العمل لا عيب فيه مهما كان، شرط أن يكون وفق الضوابط الدينية".
كما عبرت سوسن العنزي كذلك عن قبولها فكرة العمل في المقاهي النسائية، حيث قالت إنّ "ظروف الحياة لا توفر لنا الاختيار، وبما أن المقهى سيكون نسائياً فهو أفضل من غيره من الوظائف ومريح بالنسبة لي".
في المقابل، رفضت إخصائية التمريض غدير اليحيى العمل نادلة في المقاهي النسائية، حيث قالت: "بعد سنوات الجد والاجتهاد والتعب، لا أقبل التفريط في شهادتي والعمل مقدمة طعام أو صانعة قهوة! كما أنها لفتت إلى أن بعض الزائرات تتعمد الإساءة للسعودية وتعاملها بلا احترام أو لباقة".