يمتاز الشعب المصري علي مر العصور بخفة الظل وروح الفكاهة، ويتجلي ذلك دائما في المواقف الصعبة والمصيرية، ويحضرني صورة شاهدتها علي موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" تعبر عن طبيعة المرأة المصرية المطيعة الراضية كما وردت في رائعة الأديب العالمي نجيب محفوظ "بين القصرين" والتي تحولت إلي فيلم سينمائي من إخراج الراحل القدير حسن الامام، وتشير الصورة إلي السيدة "أمينة" بطلة الرواية في حوارها مع "سي السيد" حيث يقول لها "نزلتي ليه يا أمينة من غير أوامري" فترد عليه "السيسي ناداني يا سي السيد".
فقد شهدت الفترة الماضية حضورا مكثفا للمرأة المصرية في مختلف المواقع والميادين، وعادة ما تبرز قوة المرأة المصرية وقت الشدائد، فهن نساء يملكن إرادة وعزما لا يقهره الرجال.
احتلت المرأة المصرية صدارة المشهد السياسي بقوة خلال الاحتفال بالعيد الثالث لثورة 25 يناير، حيث ملأت الميادين بالحضور الطاغي في ظل اجواء احتفالية يتخللها البهجة والرقص والغناء، ولم تخش رصاص الاخوان المارقين أو ارهابهم المادي والمعنوي، وكانت المرأة قد تصدرت الصفوف الاولي اثناء ثورة 25 يناير2011، وأكدت علي حضورها يوم 30 يونيو 2013، ثم وقفت لساعات طويلة في صفوف ممتدة أمام لجان الاستفتاء علي الدستور الجديد في مشهد أبهر العالم، واثبتت المرأة المصرية من خلاله انها صانعة التاريخ وراعية المستقبل، سيدات وفتيات من مختلف الاعمار والاشكال والمستويات الاقتصادية والاجتماعية في حشود متراصة، لا فرق بين المرأة السافرة والمحجبة والمنتقبة، فكلهن مصريات واعيات بقضايا الوطن، يرفعن اللافتات في حب مصر ويلوحن بعلامة النصر، يرقصن ويزغردن ويغنين في تحد رائع للعنف والارهاب، مشهد غير مسبوق في أي مكان بالعالم يقدم درسا جديدا في الولاء والانتماء، فالمرأة المصرية هي بطلة المرحلة بشهادة الرجال، وهي تدرك بوعيها الحضاري ان صوتها امانة وانها قادرة علي حسم نتائج الاستفتاءات والانتخابات بما يضع مصر علي عتبة الاستقرار والأمن.
لبت المرأة المصرية علي الفور وبكل حماس نداء المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت، وخطاب الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والانتاج الحربي حين ناشداها بضرورة النزول بصحبة الابناء والاحفاد للتأكيد علي مكتسباتها وصيانة كرامتها في مواجهة الطغمة الغاشمة، نزلت المرأة بكثافة بحكم عاطفتها الجياشة وفيض حنانها رافضة ما تراه في الشارع من مظاهر العنف والارهاب وترويع الامنين، ومشاهد القتل وسفك الدماء التي آلمتها كثيرا دفاعا عن الزوج والأخ والابن الذي يعاني من الارهاب.
نزلت المرأة لانها تريد الاستقرار والخروج الآمن من الأزمة، وعبور النفق المظلم الذي سببته الجماعات الارهابية، نزلت المرأة لاسترداد كرامتها من جماعة الاخوان التي أهانتها وقللت من شأنها.
انتفضت المرأة المصرية ضد دولة الفساد التي مارست التمييز وأهدرت فرص ابنائها في العمل والحياة الكريمة.
نزلت المرأة لدعم الدولة المدنية التي يتساوي فيها الجميع تحت مظلة المواطنة دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الانتماء السياسي أو الديني نزلت المرأة لرفض التهميش والتقييد وانتهاك الحقوق ورفض تغيير الهوية المصرية. كل التحية للمرأة المصرية.