روسيا اليوم في اول صباح لي في مدينة مايكوب ، كان كل ما حولي يذكرني بالحقبة الشيوعيه ابتداءا من اسم الشارع الذي اقطن فيه ( اكتوبر الاحمر) الى تمثال لينين الشاهق الارتفاع والذي يتوسط ساحة في قلب المدينة الحيوي ، وليس انتهاءا ببعض الملصقات في حافلات النقل العمومي التي حملت صورة لستالين . بالنسبة لي كنت اعتقد ان الشيوعية كايديولوجيه قد ولى زمانها في 25 ديسمبر عام 1991 حين تم انزال العلم السوفييتي الاحمر للمرة الاخيرة من فوق مبنى الكرملين ليحل محله علم روسيا الاتحاديه ، تلاه قرار مجلس السوفيات الاعلى في 26 ديسمبر بالاعتراف باستقلال الجمهوريات السوفيتية السابقة، وانشاء رابطة الدول المستقلة لتحل محل الاتحاد السوفيتي. وبرغم ان الايديولوجيه الشيوعيه كانت الارضية التي مهدت لولادة الاتحاد السوفياتي ، الا انها لم تسقط بسقوطه ، بل ان الحزب الشيوعي اعاد تأسيس نفسه في العام 1993 بزعامة غينادي زيوغانوف ، وهو اليوم يحتل المرتبة الثانيه من حيث المشاركه السياسيه بعد حزب روسيا الموحده . تفكك الاتحاد السوفياتي اثناء تولي الحزب الشيوعي سدة الحكم ربما كان سببا كافيا لحظره وتحميله مسؤولية هذا التفكك ، الا ان الامر لم يتم على هذا النحو ، فسياسة الاقصاء وتخوين المعارضه السياسيه وشيطنة الآخر ، هو امر لا تبرع به سوى الانظمة العربيه ، واكبر دليل هو ما جرى لحزب البعث العراقي من اقصاء بل واجتثاث ايضا بعيد سقوط نظام صدام ، مما دفع بالعديد من كوادر الحزب للانضمام الى التنظيمات الارهابيه كداعش . برغم ما قيل لي عن مزايا العهد السوفييتي الشيوعي من تحقق للعدالة الاجتماعيه وغياب الطبقية والعديد من الانجازات على كافة الاصعده ، الا انني شخصيا لا اتقبل فكرة وجود ايديولوجية حاكمه لا تمكن الفرد في ظلها من التعبير عن معتقده وممارسة طقوسه الدينيه دون خوف من اضطهاد وملاحقة السلطات . اليوم في مدن روسيا يمكنك ان ترى تمثال لينين منتصبا على مسافة قريبة من المسجد ، ويمكنك ان ترى في الشارع فتاة ترتدي تنوره قصيره والى جانبها تسير فتاة محجبه ، في روسيا اليوم تحترم الملكية الخاصة وتظهر طبقة الاغنياء في ذات الوقت الذي تسن فيه التشريعات لحماية مكتسبات المواطنين ذوي الدخول المتدنيه . روسيا اليوم افضل من الامس .