من يخرج من منزله صباحا يدرك حجم الحضور الكثيف للمرأة في الحياه العملية . اعداد غفيره من النساء من مختلف الاعمار ينتشرن كالفراش المبثوث ، معلمات ، طالبات ، طبيبات ، موظفات ، بائعات ، صاحبات مهن ، تتعدد الاتجاهات والهدف واحد .. البحث عن لقمة العيش والسعي نحو حياة افضل . وبما ان حياة الناس في الوقت الراهن قد تشعبت وتعقدت ، فقد يتطلب ذلك من المرأه ان تسافر لوحدها خارج بلدها او داخله لمسافة طويله اما للدراسة او للعلاج او حضور مؤتمر او مبتعثه لحضور دورة تدريبيه ، او زيارة زوجها المقيم في بلد اخر بقصد العمل على سبيل المثال . الا ان بعض البلدان العربيه تضع العراقيل امام سفر المرأه ، بحجة ان الشريعة الاسلامية حرمت على المرأة السفر لمسافة طويله دون وجود محرم معها، ونص الحديث الشريف المستند اليه هو عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلاَّ وَمَعَهَا حُرْمَـةٌ ، وفِي لَفْظِ للْبُخَارِيِّ : أن تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وليلة إلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَم . لطالما راودتني قناعة بان هذا الحديث الشريف موجه للرجال في المقام الاول ، وانها دعوة من النبي عليه الصلاة والسلام للرجال لتحمل مسؤولياتهم تجاه المرأه زوجة كانت ام اختا ام ابنة ... الخ . في اعطائها حقها من الرعاية والحماية اثناء السفر . ولكن هل يتوفر لكل النساء هذا الترف ؟ اعني وجود من يقوم على رعايتها وخدمتها من محارمها ، فالحروب والنزاعات قصفت اعمار العديد من الرجال ، وفي العراق اليوم اكثر من 4 ملايين ارمله والاف مؤلفة من الايتام من الجنسين ، وفي سوريا الحال ليس بافضل من العراق وقائمة الدول التي تشهد نزاعات داخلية مسلحة مرشحة للتوسع . قد يكون السفر للمرأه بمفردها آمنا في المناطق المستقرة من العالم ، خاصة السفر جوا ، ولكن المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة تعتبر بيئة خصبة لنمو وازدهار العصابات التي تتاجر بالبشر وبالاسلحه والمخدرات ،ومعلوم ان المرأة والطفل هما الفئات المستهدفة بتجارة الرقيق الابيض ، فقد تستغل المرأه في عقود زواج تتم بالاكراه ، او تستدرج باعلانات وهميه عن وظائف في دول اخرى لاجبارها على ممارسة الدعاره . من هنا يمكنني تفهم الاجراءات الحكوميه العراقيه القاضية بمنع سفر النساء دون الاربعين ، ويمكنني ايضا تفهم الخطوة التي اتخذها رئيس الاركان العامة للجيش الليبي / الجنرال عبد الرزاق الناظوري بمنع النساء الليبيات دون سن الستين سنه من السفر من غير محرم ، ولإن بدا الامر في ظاهره على انه تحديد لحرية المرأة الليبيه بموضوع السفر بمفردها لكنه قرار ربما في الجانب الاخر يساهم في صون حياتها وكرامتها من عبث تجار البشر الذين لا ينفكون يخدعون الجميع على حد سواء رجالا ونساءا ، حيث ما زالت مراكب الموت تتلاطم بها امواج المتوسط حاملة على ظهورها بشرا مكدسين هاربين من جحيم النزاعات المسلحه املا في حياة جديده هادئه ومستقره ، ولربما اطلع الجنرال الليبي بحكم موقعه القيادي على امور اكثر خطورة ومعلومات ليست متاحة للجميع ، وهذا رأيي الشخصي . والى ان يعود السلام والامن الى ربوع حواضر عربيه كبغداد ودمشق وطرابلس وصنعاء ، يبدو ان على المراه الانتظار ريثما تستعيد كامل حقوقها المهدورة .