الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

العنف ضد المرأة الصحفية

  • 1/2
  • 2/2

 سعيا في ترسيخ مرتكزات التوجهات الهادفة إلى مكافحة جميع أشكال العنف ضد النساء وضمان الحماية القانونية لهن، نظمت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين على قاعة المركز الثقافي النفطي وسط العاصمة بغداد، ندوة حوارية حول العنف ضد المرأة الصحفية. وقد حضر الندوة التي أدارها الأستاذ نزار السامرائي جمع كبير من الباحثين والأكاديميين والإعلاميين والصحفيين ورؤساء وممثلي المنظمات غير الحكومية.
   بدأت الأصبوحة الحوارية بترحيب الزميل السامرائي بجمهور الحاضرين وإشارته بإيجاز إلى افتقار البيئة القانونية إلى وجود تشريعات ضامنة لحماية الصحفيات في العراق من الانتهاكات، إضافة إلى ضعف النشاطات العملية التي بوسعها التأسيس لمشروعات تدعم المرأة  في نيل حقوقها الصحفية داخل المؤسسات أسوة بزملائها الصحفيين، أعقبه الزميل إبراهيم السراجي رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين بكلمة مقتضبة أشار فيها إلى حقيقة تعرض المرأة الصحفية إلى التحرش الجنسي داخل بعض المؤسسات الإعلامية في البلاد، إضافة إلى تحفظ الجمعية على هذه الحالات؛ بالنظر لعدم موافقة الصحفيات الكشف عن هذه الانتهاكات خشية تشويه السمعة، فضلا عن رفض أسرهن الحديث عما تتعرض له بناتهم في فضاءات المجال الإعلامي، بغية المحافظة على سمعة العائلة وصيانتها في مجتمع ذكوري. وأكد السراجي قيام المؤسسات الإعلامية بتسخير الصحفيات لإنجاز أكثر من مهمة صحفية، إلى جانب تضييق فرص الحصول على المناصب الإدارية. وتابع السراجي حديثه منوها إلى أن عدد المؤسسات الإعلامية التي تُديرها النساء في العراق لا يتجاوز مؤسسة واحدة فقط من إجمالي المؤسسات الإعلامية الذي يصل إلى أكثر من ( 250 ) مؤسسة إعلامية تُدار جميعها من قبل الذكور، أي أن نسبة العمل النسوي في إدارة الإعلام متدنية، كونها تشكل  أقل من ( 1% ).
 عرضت في هذه الندوة ثلاث ورقات بحثية تمحورت حول أنواع الانتهاكات التي تتعرض لها الصحفيات في العراق، أولهما قدمتها الاستاذة بشرى الهلالي  تحت عنوان ( واقع المرأة الصحفية في العراق ) التي حددت التحديات أو الصعوبات التي تواجه المرأة الصحفية بثلاثة محاور اولهما الظروف المحيطة (اي ظروف البلد)، وثانيهما  التحديات (المجتمعية)، اما الأخير فقد تجسد بالصعوبات (المهنية). وتضمنت الدراسة الإشارة إلى أن المعطيات على الساحة العراقية تشير إلى الآتي:
1- زيادة عدد المؤسسات الاعلامية والصحفية بعد عام 2003 تسببت في ضم عدد من الطارئات على مهنة الإعلام والصحافة اليها، ما أنعكس سلبا على رسالة عمل المرأة الصحفية.
2.  حاجة المرأة الصحفية للعمل بأجور لا تناسب جهدها، أثر سلبا على عملية الإبداع لديها.
3.  تشتت جهود العاملات في المجال الصحفي والاعلامي، وعدم توحيد كلمتهن او عملهن تحت مسمى معين.
4- افتقار المرأة الصحفية إلى دعم المرأة السياسية.
وخلصت دراسة الزميلة الهلالي إلى التوصيات التالية:
1.تبني المؤسسات الإعلامية مسؤولية حماية الصحفية وعدم تعريضها للخطر.
2- تبني الجهات المعنية بالثقافة والإعلام سياسة المساواة في التعامل مع المرأة الصحفية والتعريف بجهودها ونشاطاتها ومنحها الفرص المناسبة للتعبير عن امكانياتها.
3- توفير الحماية القانونية للصحفية وتشريع قوانين ضد التحرش واعاقة العمل وترويج القضايا التي تتعلق بمثل هذه الامور.
4- السعي لبث الوعي بدور المرأة الصحفية وقدرتها على الإبداع.
5- دعوة المرأة الصحفية للوعي بأهمية دورها، وضرورة المطالبة بحقوقها، وعدم القبول بما لا يتطابق وموهبتها وكفاءتها، إضافة إلى سعيها لتوحيد جهودها مع زميلاتها في سبيل رفع مستوى المرأة العراقية والمطالبة بحقوقها.
  الورقة الثانية التي أعدتها الاعلامية ضحى المفتي جاءت تحت عنوان ( العنف ضد الاعلامية العراقية )، أكدت على سعي جهات معينة لممارسة الانتهاكات والعنف ضد المرأة الإعلامية تنفيذاً لأجندات خارجية تسعى لتحجيم دور المرأة في مجال الإعلام وغلق أبواب الانفتاح واكتساب المهارات والخبرات الإضافية للارتقاء بالعمل الإعلامي والاستفادة من التطورات التقنية الحاصلة في هذا المجال. وحددت الباحثة الظروف الصعبة التي تحيط الاعلاميات العراقيات في مجموعة محاور، من أهمها:
1.الافتقار إلى الفرص الحقيقية لتغيير واقع الإعلامية العراقية  مقارنة بالإعلاميات العربيات، إضافة إلى استمرار نظرة المجتمع المتخلفة إليها.
2. اختيار أغلب المؤسسات الإعلامية الصحفية للعمل على أساس المظهر والشكل وليس على أساس الكفاءة المهنية، فضلا عن كثرة المساومات التي تتعرض لها الإعلامية مقابل حصولها على المعلومات، اثر سلباً على كمية ونوعية المعلومات وأهميتها.
 3.هيمنة العادات والتقاليد التي تقيد عمل الإعلامية وتحد من تطويرها لنفسها، فضلا عن الظروف الحرجة وعدم الاستقرار الأمني بكل ما يشمله من التهديد والطائفية البغيضة وغيرها.
4.عدم تطبيق أو تفعيل المواد الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات، وبالأخص ما يتعلق بحقوق الصحفي بشكل عام.
5. عدم كفاية الاجراءات القانونية الرادعة بحق مرتكبي الانتهاكات والاعتداءات على الإعلاميات، فضلا عن هيمنة الفكر الذكوري على وسائل الإعلام.
 وأرجعت الباحثة أبرز المؤثرات التي تحد من ابداع الإعلامية إلى ظروف اجتماعية، ظروف اقتصادية ، وظروف مهنية تشمل المتابعة، التدريب،  والعلاقات والتواصل المهني.  وختمت الباحثة دراستها بآليات مقترحة لمناهضة العنف ضد الإعلاميات، من أهمها ما مبين تاليا:
1.اعطاء دور أكبر للمرأة الإعلامية لإثبات وجودها، إضافة إلى  غربلة المؤسسات الاعلامية وتصفية الطارئين.
 2.دعم الجهات التي تعمل على مناصرة الإعلاميات من مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني وناشطين، والعمل على بناء خطط كفيلة لمحو معالم النظرة الدونية الظالمة للإعلامية.
3.الاهتمام بالتأهيل والتدريب للكادر الإعلامي من النساء لكي لا ينحصر دورهن في نطاق ضيق ومحدود، فضلا عن تخفيف اعباء الحياة الاقتصادية من حيث الأجر وتوفير الامكانيات المادية لتشجيع الاعلاميات على تقديم اعمال ابداعية مميزة.
4. احداث تغيير جوهري وأساسي في أدوار المؤسسات التربوية في المقام الأول ثم المؤسسات الاعلامية ، بغية المساهمة في غرس المفاهيم والثقافات الانسانية.
5.منح المرأة الاعلامية مزيد من الصلاحيات في موقع عملها لتطوير العمل وتأهيلها للمشاركة الفاعلة في خدمة المجتمع، إضافة إلى تمكين الإعلامية من المشاركة ضمن الوفود الخارجية لتمثيل المرأة الاعلامية وعكس الصورة الحقيقية عن دور المرأة الكبير في مشروع التنمية والاصلاح الشامل.
6.تنظيم دورات وورش عمل حول قضايا المرأة الإعلامية وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق المرأة ومكافحة التمييز والعنف الواقع عليها بشتى اشكاله.
  مسك الختام في مجال البحوث المشاركة كان تقديم الدكتورة بيان العريض ورقتها البحثية الموسومة ( مظاهر العنف ضد المرأة الإعلامية في العراق )، التي تميزت بكونها دراسة شيقة؛ بالنظر لاعتماد مضامينها على تجارب شخصية مريرة عاشتها الباحثة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وسببت لها ولعائلتها الأذى لثلاث مرات، ما أفضى إلى جعلها رهينة المنزل وابتعادها عن الحياة العامة لأكثر من مرة، خشية تعرض عائلتها إلى ما لا يحمد عقباه. ولأهمية هذه الدراسة وجدت من المناسب إفراد موضوع مستقل عن حيثياتها في القادم من الأيام بإذنه تعالى.
  وفي ختام الندوة أعلن الزميل السامرائي مدير الندوة عن السماح للحضور بتقديم مداخلاتهم بقصد إغناء محاور الورقات البحثية، فكانت المساهمات المكثفة والدقيقة للمتحدثين تعبر عن وعي عميق   بأهمية دور الإعلامية، والمرأة بشكل عام في المساهمة الفاعلة بمهمة البناء الاجتماعي. وانتهى المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات الهادفة إلى تمكين المرأة الصحفية والحرص على حمايتها ورفع الحيف عنها انطلاقا من القناعة الراسخة بكون  مشكلة المرأة الإعلامية تشكل جزء مما تتعرض له المرأة من عنف وتهميش.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى