من قال إن المرأة نصف المجتمع ظلمها، فهى المجتمع بكامله لأنها تحمل فى رحمها النصف الآخر، فإن أردت أن تقيس أفكار أى مجتمع ودرجة رقيه وتقدمه، فعليك أن تبحث عن نسائه، فالمرأة هى الأم والزوجة والابنة، هى صاحبة المقام الرفيع، سيدة المهام الصعبة فى قاموس حياتنا وهى الملكة المتوجّة فى العصور الفرعونية. ففى تاريخنا الفرعونى أقدم حضارات العالم تولت عرش مصر منفردة، فنجد 7 سيدات اعتلين كرسى العرش بدون منازع، وأولاهن حتب حرس وإياح حتب، وأحمس - نفرتارى، وحتشبسوت وتيى ونفرتيتى ـــ نفرتارى وآخرهن كليوباترا.
أعزائى: كل الأديان السماوية «خصوصًا الإسلام» أعطت للمرأة حقوقها، فحين تتزوجها تكمل نصف دينك، نعم هى نصف الدِّين لمن ظفِـر بها، كما قال الرسول الكريم (ص): «من تزوّج فقد أكمل نصف دينه»، وهنا إشارة مهمة إلى الرجال أن دينهم لا يكتمل إلا بامرأة، وأن الله عز وجل لا يمكن أن يخلق الرجال فى أرحام النساء، ثم لا يجعل لهن كرامة فوق كرامة الرجال. هى من تبنى المجتمع هى المدرسة التى لو أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق، فإن صلحت صلحت الحياة.
وفى الثامن من مارس من كل عام يحتفل العالم بعيد المرأة وهو عطلة رسمية فى الصين وكوبا وروسيا. فقد تم الاحتفال باليوم العالمى للمرأة لأول مرة عام 1909 فى أمريكا تذكيرًا بإضراب عاملات صناعة الملابس بنيويورك 1908. واعتمدت الأمم المتحدة العيد العالمى للمرأة سنة 1975.
وفى السادس عشر من مارس من كل عام يحتفل المصريون بعيد المرأة الذى يحمل ذكرى ثورة المرأة المصرية ضد الاستعمار الإنجليزى ونضالها من أجل الاستقلال، واستشهاد أول امرأة مصرية من أجل الوطن، ففى السادس عشر من عام 1919 سقطت مجموعة من الشهيدات المصريات، فقد تظاهر فى هذا اليوم أكثر من 300 سيدة منهن العظيمة هدى شعراوى. وفى التاريخ نفسه من عام 1923، دعت هدى شعراوى لتأسيس أول اتحاد نسائى فى مصر، وكان على رأس مطالبه رفع مستوى المرأة لتحقيق المساواة السياسية والاجتماعية، ثم أعادت ثورة يناير اكتشاف الوجه الحقيقى للمرأة المصرية الذى لم يعتده مجتمعنا منذ ثورة 1919 وكانت مفاجأة للعالم كله الذى سيطر عليه اعتقاد أن المرأة المصرية هى ظل للرجل المصرى فقط، كشفت عن قوتها وصلابتها وعزيمتها وإصرارها على تغير واقعها إلى الأفضل، المرأة المصرية التى وصفتها صحيفة «هيرالد تريبيون» الأمريكية إبان الثورة وفى الفترة التى تليها كيف وقفت «حواء» المصرية الثائرة جنبًا إلى جنب مع الرجل فى ساحة ميدان التحرير تندد بالفساد والقمع والظلم وتتلقى نفس الضربات الموجعة وتنال الشهادة فى سبيل الوطن.
أما فى ثورة 30 يونيو 2013 فمشاركة المرأة لم يسبق لها مثيل من حيث الأعداد الهائلة من النساء اللاتى كسرن حاجز الخوف ونزلن إلى الشوارع والميادين يناضلن منذ سنوات مدافعات عن مصر، فى الوقت الذى تتهاوى فيه حولنا الأوطان، بل كانت أشد شراسة وضراوة فى مواجهة الجماعة الإرهابية من الرجال وحافظت بكل قوة وشموخ على الهوية المصرية، رغم الظروف القاسية المحيطة بها، ورغم ذلك لم تجنِ من ثمار الثورتين إلا 15% من كراسى التمثيل النيابى وأربعة مقاعد وزارية ومنصب وحيد لأول مرة فى تاريخ مصر كمحافظ، هذا العدد لا يليق بتعداد المرأة التى تمثل نصف عدد السكان ولا يليق بما قدمته من تضحيات وصبر وهى تثبت يومًا بعد يوم أنها ندّ للرجل، لكن من الممكن أن نعتبره نواة نبنى عليها للمستقبل مشروع تمكين المرأة، خاصة أن عام 2017 هو العام الذى اختاره الرئيس السيسى ليكون عام المرأة.
بعد كل ذلك ليس من الإنصاف أن نجد مجتمعنا الشرقى ينظر إلى حواء نظرة دونية تمنع النساء من حقها فى بعض المناصب والمشاركة فى البناء والنهضة. مازلنا نعانى من التمييز بيننا وبين الرجل، سواء عند التقدم للوظيفة أو عند الترقيات أو عند اختيار المسئولين، لم تمنح المرأة حقوقها السياسية كاملة مازالت هناك قوى كثيرة تحرّم مشاركتها وتحجب عنها أصواتها لا لعدم الكفاءة أو الخبرة بل بسبب الأنوثة فقط.
هذا بالنسبة للمشاركة النيابية والوزارية لكننى طامحة أن أرى قريبًا امرأة قوية فى منصب رئيس وزراء مصر لأول مرة فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى.. أما على المستوى الاجتماعى فمازال المشوار طويلًا أيضًا لتعديل قوانين الأسرة التى تجحف حقها فليس من المعقول أن تلقى الزوجة إلى عرض الطريق لمجرد أنها ليست حاضنة، بل وتضيع سنوات من عمرها أمام المحاكم لتحصل على نفقة شهرية أو حتى تحصل على حريتها.
أيها السادة
أعلم أن نظرتكم للمرأة لم تتغير تغيرًا كاملاً بعد، لكنها بدأت تتحرك فى الاتجاه الصحيح، فأرجوكم دعوا حواء تنطلق، فهى تستطيع أن تغير المجتمع بأكمله إن أخذت فرصتها ولن تُنقص من رجولتكم شيئًا... أنا لا أطالب بمثل ما يطالب به الغرب من الحرية بلا قيود أو إهمال أسرتها من أجل العمل أبدا، فليس هذا مقصدى، بل أرى الالتزام الكامل بتعليم الدين، لأنه الفاصل فى كل أمر، فقط أطالب بأن لا يخلط الدين بالعادات والأعراف والتقاليد، فيجعل ما ليس بشرع شرعًا.