شعرت بإستياء شديد .. وأنا أقرأ هذه الجملة (زوجنى الثانية ولا تطلق الأولى ).. وبفضول أكملت قراءة السطور لأعرف أنها لحملة على (السوشيل ميديا) أطلقها مجموعة من الشباب ينتمون لإحدى محافظات الصعيد المصري وهى المنيا ..وقد قرروا تدشين هذه الحملة فى محاولة منهم للحد من إرتفاع نسبة العنوسة والطلاق أيضا .. بالدعوة للزواج بشرط الإبقاء على الزوجة الأولى ..والغريب أن هذه الحملة وجدت ترحيبا واسعا من الشباب ..والاكثر غرابة أن تتحمس الفتيات لها ..وكان السبب الرئيسي لحماسهن تلك المضايقات التى يتعرضن لها من أصحاب الأعمال الذين فى قلوبهم مرض .. فى وقت تنتشر فيه البطالة .. حيث بلغت نسبتها بين المصريات حوالى 25 بالمائه ..وهو ما يؤثر بالسلب على وضعها الاقتصادى.. وهذا فى أحيان كثيرة يدفعها الى التفكير فى الزواج بأي شكل بدلا من العنوسة والبطالة
ومن الطبيعى ملاحظة أن العنوسة فى مصر لاتختلف كثيرا عنها فى الدول العربية .. فطبقا لإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء المصرى فإن هناك 11مليون مصرية لم تتزوج ( عانس ) .. بينما نجد فى المغرب حوالى 4ملايين فتاة تعيش نفس الظروف .. وفى تونس (مليون فتاة عانس ) ولبنان مليون فتاة ..وليبيا 300 ألف فتاة ..وفى السعودية تصل نسبة غير المتزوجات الى 75 بالمائة من فتيات المملكة .. ولابد أن نعترف أن التعامل مع الفتاة العانس يختلف من بلد الى أخرى .. ويمكن القول أن هذا ليس عيبا فى الفتاة ولكن المشكلة تكمن فى تفكير بعض الشباب الذى ينظر اليها بشكل يسيئ إليها ..وكثيرا مانجد فتاة لم تتزوج ناجحة فى عملها ومتفوقة على الرجال ..وأسوأ مانشاهده هو تلك الأعمال الدرامية التى تسخر من الفتاة العانس وتصورها على أنها عالة على أسرتها .. أو تسبب المشاكل لكل من حولها .. كما تلعب بعض الإعلانات ولوحات الدعاية دورا سيئا فى تشويه صورة الفتاة التى تأخر زواجها عدة سنوات .. فتظهرها بشكل مقزز ومعقدة وبعيدة عن الجمال الشكلى ..والذوق والأناقة .. وللأسف فإن بعض الفتيات يتأثرن بذلك ويندفعن لاتخاذ اجراءات سريعة كالزواج العرفى والتنازل عن كثير من حقوقهن عند الارتباط .. مما يؤدى فى كثير من الحالات الى الطلاق .. وبالتالى تخرج من مشكلة العنوسة الى مشكلة المطلقات اللاتى يعانين من نظرة المجتمع السيئة أيضا لهن ..
وفى رأيي ان الفتاة بجب أن تكون أكثر ثقة بنفسها ولاتذهب الى هذه الطرق .. لا الزواج العرفى ولا قبول الزواج من رجل لديه زوجة أو اكثر.. تشعر معه بان عواطفه ليست خالصة لها لان هناك من تشاركها المشاعر والحياة.. مع زوج غالبا لايستطيع العدل بين زوجاته نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التى تعيشها بعض المجتمعات العربية .. وعليها أن تتأمل حياة نساء كثيرات لم يتزوجن أو فشلن فى الزواج وعشن حياتهن بشكل طبيعي وتفوقن فى مجالاتهن .. وهن كثيرات مثل (أوبرا وينفرى) التى تمتلك شبكة إعلامية ناجحة .. وأيضا (اليزابيث هولمز)التى إستطاعت أن تحق ثروة كبيرة من عملها وابتكاراتها العلمية.. حيث لديها 30 معملا لإختبارات الدم .. ومريم المنصورى أول إمرأة تقود طائرة ..ومريم شديد المغربية التى نجحت فى الوصول الى القطب الجنوبى .. لتبرهن على أن النساء قادرات على النجاح فى أصعب الظروف .. وأنهن يستطعن تحقيق أحلامهن بالثقة بالنفس والتحرر من الأفكار البالية التى تجبرهن على الفشل.. وتنفيذ افكار لاتخدم المجتمع ولاتساهم فى نهضته.. ومنها تلك الحملة التى تدعوها للزواج من رجل متزوج هربا من شبح العنوسة وقبول الامر الواقع وعدم الطلاق خوفا من نظرة المجتمع للمطلقات.. وهى دعوات تهدف الى الحد من إنطلاق المرأة والمشاركة بفاعلية فى خدمة المجتمع الذي ليس فى مصلحته أن تبقى المرأة بالبيت أسيرة الخوف من عدم الزواج أو البقاء مع رجل لايحترم إنسانيتها .. مع أن الله تعالى حلل الطلاق .. وأحترم المرأة المتزوجة وغير المتزوجة.. أفضل من القوانين التى تميز بين الرجل وبين المرأة فى معظم دول العالم .