بنهاية عام 2013 أصدرت محكمة الجنايات الكبرى حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت على شقيقين في العشرينيات من عمرهما قتلا شقيقتهما بمنتصف عام 2013 بحجة "تطهير شرف العائلة" ، بعد أن تمت إدانتهما بجرم القتل العمد . ومنذ بداية عام 2014 وتحديداً خلال شهر كانون ثاني / يناير وقعت جريمة "شرف" واحدة في شمال المملكة وفقاً لما رصدته وسائل الإعلام المحلية ذهب ضحيتها فتاة عشرينية على يد شقيقها الذي يكبرها بحوالي خمس سنوات.
وتشيد جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" بالقرار الصادر عن محكمة الجنايات الكبرى مع "تحفظها على عقوبة الإعدام والتي أوقف تنفيذها في الأردن منذ عام 2006" ، وتعتبر عدم أخذ المحكمة بالأعذار المخففة والواردة في قانون العقوبات الأردني خاصة المادة (308) منه ، إنتصاراً للحركة النسائية في الأردن والأردنيات بشكل عام ، وخطوة هامة نحو الحد من هذه الجرائم ، وإنصافاً للضحايا / الناجيات وعائلاتهن ، ورسالة هامة للجناة بعدم إمكانية الإفلات من العقاب ، ودعوة للمجتمع بضرورة التخلي عن العادات المسيئة للنساء والفتيات والتي تشكل تهديداً لسلامتهن وحياتهن قولاً وفعلاً وتحريضاً.
وتضيف "تضامن" بأن مجرد الشك بسلوك النساء والذي ثبت في الكثير من الحالات عدم صحته ، كافياً لإرتكاب جرائم القتل بحقهن ، فقد أشارت المحكمة الى أن "المغدورة كانت متزوجة وتعمل في إحدى الحضانات وتحضر أولادها معها وتبيت في منزل أهلها بالزرقاء ، ونتيجة لشكوك المدانين بسلوكها فقد قاما بالتخطيط لقتلها وتنفيذ لذلك وأثناء تواجد المغدورة في المنزل أخذاها إلى غرفة صغيرة من الطوب تقع في حديقة المنزل وأقدما هناك على خنقها ما أدى إلى وفاتها ثم قاما بتغطيتها وغادرا البلاد إلى الضفة الغربية. وبالكشف على جثة المغدورة تبين أن سبب الوفاة هو الإختناق اليدوي فيما تمكنت الأجهزة الأمنية من إحضار المتهمين والقبض عليهما".
كما أن جريمة "الشرف" والتي وقعت خلال الشهر الماضي والتي ذهبت ضحيتها فتاة جامعية عشرينية كانت تعيش وسط عائلة محافظة في إحدى قرى شمال المملكة ، أطلق عليها شقيقها الذي يكبرها بخمسة أعوام ويعمل 'سمكريا' النار من مسدس داخل حافلة بسبب شكه في سلوكها وإستخدامها لموقع التواصل الإجتماعي "الفيسبوك".
وتأمل "تضامن" بأن تصدر محكمة الجنايات الكبرى قراراً بحق الجاني يضمن عدم إستفادته من الإعذار المخففة والواردة في المادة (308) من قانون العقوبات الأردني ، ويبني على قرارها السابق بأن مرتكبي الجرائم مهما كانت الدوافع (خاصة تلك المبنية على الشكوك) لا بد وأن ينالوا العقوبات الرادعة والضامنة لعدم إفلاتهم من العقاب.
وتؤكد "تضامن" على أهمية إتساع نطاق تغطية القوانين ليشمل جرائم "الشرف" والجرائم المرتبطة بها ، فينبغي للتشريعات أن تعّرف بصورة موسعة ما يسمى بجرائم "الشرف" بما يشمل المجموعة الكاملة لأشكال التمييز والعنف المرتكبة بإسم "الشرف" ضد النساء والفتيات للسيطرة على خياراتهن في الحياة وتحركاتهن.
أما الجرائم المرتبطة بما يسمى بجرائم "الشرف" فينبغي للتشريعات أن تضع تعريفاً محدداً ومنفصلاً للجرائم التالية : إرتكاب وتسهيل ما يسمى بجرائم "الشرف" والمساعدة على إرتكابها أو التغاضي عنها ، وتحريض القاصرين على إرتكاب ما يسمى جرائم "الشرف" ، وتحريض النساء والفتيات على الإنتحار أو على إحراق أنفسهن بإسم "الشرف" ، والجرائم التي ترتكب بإسم "الشرف" وتصور على أنها حوادث.
هذا وقد شددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة التاسعة والخمسين والتي عقدت بتاريخ 15 أكتوبر من عام 2004 وبالبند 98 تحديداً والذي جاء تحت عنوان "العمل من أجل القضاء على الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات بإسم الشرف" ، على الحاجة لمعاملة جميع أشكال العنف المرتكب ضد النساء والفتيات بما فيها الجرائم المرتكبة بإسم الشرف بوصفها أعمالاً إجرامية يعاقب عليها القانون.
وتشكل قلة البيانات المتعلقة بالجرائم المرتكبة بإسم "الشرف" عائقاً جدياً أمام القائمين على وضع السياسات والتشريعات والإتفاقيات على الصعيدين المحلي والدولي ، كما يشكل عدم القدرة على الوصول و / أو إتاحة المعلومات والبيانات من السجلات الرسمية خاصة الجنائية منها عائقاً آخراً يضع جهود الحد من هذه الجرائم في مهب الريح.
تطالب "تضامن" الجهات الحكومية والبرلمانية ومؤسسات المجتمع المدني وصانعي القرار ورجال الدين ووجهاء العشائر ، بتكثيف الجهود المبذولة لمنع إرتكاب جرائم "الشرف" ، وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب بإتخاذ أجراءات إدارية وقانونية وتعديلات تشريعية عند الضرورة ، والعمل على زيادة الوعي المجتمعي وتغيير الصور والسلوكيات النمطية حول النساء ، ودعوة وسائل الإعلام المختلفة للقيام بتسليط الضوء على هكذا جرائم وعلى رفض المجتمع لها ، وإجراء دراسات وأبحاث معمقة تحدد أسباب ودوافع ونتائج إرتكاب جرائم "الشرف" ، وتوفير الدعم النفسي والإجتماعي والمأوى للناجيات والضحايا المحتملات ، والتركيز على جمع المعلومات والإحصائيات لتحديد حجم المشكلة وضمان وضع الحلول المناسبة.