بعد إلغاء 'كوتة' النساء، في تولي مقاعد بالبرلمان المصري، لم تستطع النساء الحصول على مقاعد نيابية، إلا عبر التعيين، أو فوز قائمة حزب في الانتخابات. وتسبب ذلك في كثير من الجدل داخل مصر، حول ضرورة تطبيق 'الكوتة'، فكان البعض يرى أهميتها حتى تحصل المرأة على تمثيل عادل في الحياة السياسية، فيما يرى آخرون أن القانون يعد تمييزا لصالح المرأة، وأنه إذا كانت هناك مساواة حقيقية بين الجنسين، فيجب إفساح المجال للمرأة للمنافسة، والحصول على نصيبها في الحياة السياسية بمجهودها.
ناقصات عقل ودين
الجدل حول تمثيل المرأة يمتد إلى تقلدها الوظائف القيادية في الدولة، فالجميع ينادي بمساواة المرأة بالرجل في تقلد الوظائف العامة، بدءا من الوزارات، ومرورا بالقضاء، ورئاسة الجامعات، ورغم أن القانون المصري لا يحظر ذلك، إلا أن القيود الاجتماعية ربما تبعد المرأة عن هذه المناصب. وفي عام 2003، قامت الدنيا ولم تقعد عند تعيين المستشارة تهاني الجبالي، ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية. وفي عام 2007 عينت الحكومة المصرية 32 قاضية، دون إضافة أي قاضية أخرى في المحكمة الدستورية، لتبقى الجبالي صاحبة أعلى منصب قضائي في تاريخ مصر.
ولم يكن الجدل وراء تعيين المرأة في القضاء ناتجا عن اعتبارات قانونية، بل رفض كثيرون وصولها لهذا المنصب، لاعتبارات دينية، بحجة أن الإسلام يمنع تولي المرأة منصب القاضي.
وتقول أحلام علي، طالبة بكلية الآداب: 'لا يوجد ما يمنع المرأة قانونا، من تولي وظائف قيادية، لكن كثيرين يرفضون ذلك، لاعتبارات دينية ومجتمعية، بحجة أنهن ناقصات عقل ودين، وبالتالي فهن غير صالحات لأداء بعض المهام التي يؤديها الرجل'. وتضيف: 'البعض يتهم المرأة بأنها عاطفية، وبالتالي لا تستطيع أن تكون محايدة وتحكم بالعدل إذا تولت منصب القاضي مثلا'.
مجتمع ذكوري
ووفقا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، فإن المرأة المصرية، بدأت في تولي حقائب وزارية، منذ بداية الستينيات من القرن الماضي. وتولت حكمت أبو زيد، وزارة الشؤون الاجتماعية في سبتمبر 1962، ومنذ ذلك التاريخ لم تخل حكومة مصرية من عدد من الحقائب الوزارية التي تتولاها نساء. وبلغت نسبة الإناث المعينات في منصب نائب وزير حوالى 16.7 %، وفقا للتقرير نفسه، فيما بلغ عدد الإناث اللاتي يشغلن وظائف الإدارة العليا في الجهاز الإداري للدولة حوالى 15.0 % عام 2007.
ويرجع عبد الله محمود، محاسب، عدم وصول المرأة إلى مناصب عليا في مصر، إلى طبيعة تكوينها ودورها في الحياة، ويقول :'المرأة تتزوج وتهمل عملها، ثم تنجب، ويمنحها القانون الكثير من الإجازات لأداء مهمتها كأم، وبالتالي تقصّر في عملها، لانشغالها بأمور المنزل، وتتأخر في الترقيات، والوصول إلى الوظائف العليا'.
وتختلف نورا محمد، مع عبد الله، مؤكدة أن 'المرأة تعيش طوال حياتها، في تحد للرد على نظرة المجتمع التي تتهمها دائما بالتقصير إما في عملها أو في بيتها، وهذا يجعلها تبذل مجهودا مضاعفا على صعيدي العمل والمنزل'، وتقول: 'نعيش في مجتمع ذكوري، مازال يرى أن المرأة غير قادرة على شغل بعض الوظائف، مجتمع يصعب فيه على الرجل تقبل أن ترأسه امرأة'.
عصا سحرية
وتضع المادة 11 من الدستور المصري الجديد الكثير من الالتزامات على الدولة، فيما يتعلق بالمرأة. وتقول نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، إنها كانت تأمل في مادة شبيهة بالمادة 19 من الدستور المغربي لعام 2011، 'التي اشتهرت بمادة المناصفة، لأنه تم على إثرها إنشاء هيئة للمناصفة، لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، في جميع المجالات'. وتضيف: 'لم يستطع المصريون وضع مادة بهذا الوضوح في دستورهم الجديد، لأن حقوق المرأة مازالت عالقة في حلق كثير من التيارات السياسية، مهما ادعت دعمها لهذه الحقوق'.
وتقول أبو القمصان إن 'المادة 11 تضع الكثير من الالتزامات على عاتق الدولة، من بينها تحقيق المساواة، وضمان تمثيل مناسب في المجالس المنتخبة، وكفالة تولى الوظائف العامة، والتعيين في الجهات القضائية، والحماية من كل أشكال العنف، والتوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، والرعاية والحماية للأمومة، ورعاية المرأة المعيلة والمسنة والأشد احتياجا'.
وتطالب أبو القمصان باستمرار النضال من أجل حقوق المرأة، وتقول : 'الدستور لن يكون عصا سحرية، لتحقيق المساواة، ولا بد من النضال من أجل تطبيقه'.