العبر تأتي من تطبيق الأفكار، فكل فكرة تطبيقاتها نأخذ منها العبر والخبرات التي تمدنا بالعلم في الطرق السليمة والصحيحة لتحقيق المراد وإجتناب حدوث المشاكل التي ربما تحد من تحقيقنا لهدفنا، أي بشكل أخر؛ يمكننا القول أن كل قضية من قضايا الحياة، وكل أمر من الأمور الممارسة من قبل الناس، لا بد وأن تكون نابعة من فكرة، يكون الهدف تجسيدها على أرض الواقع، حتى تخدم شريحة كبيرة من البشر، أو حتى لتكوين مبدأ عام من مبادئ البشرية التي تُجمل من أخلاقها وتعاملاتها، وبالتالي تساهم في بناء أسس عظيمة لأمة جُل ما تؤمن به هو فكرها وأخذ العبر من تلك الأفكار. والقضايا كثيرة والأفكار أكثر لكن الفجوة دائما تكون في آلية تطبيق الفكرة، والتي في كثير من الأحيان تواجه بالرفض، ليس من منطلق رفض الفكرة كفكرة، بل من عدة منطلقات ربما من أهمها التفرد بالقيادة والسيادة في بعض الأمور، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قضايا المرأة ودورها في المشاركة بكافة مناحي الحياة وفي كافة القطاعات، فالفكرة الموجودة والمُؤمن بها، هي وجوب مشاركة المرأة كحق طبيعي لها كإنسان له حقوق وعليه واجبات، أي مشاركتها في السياسية والعمل وتربية الأبناء والتعلُم وغيرها الكثير، فمن ناحية نظرية نجد أن هذه أفكار جميلة بحاجة للعمل على تجسيدها على أرض الواقع، ليس منن من الذكور على النساء، بل لأنها الفكرة الأساسية التي جاءت مع خلق الكون، أي وجود أدم وحواء هو بحد ذاته يدلل على الشراكة الحقيقية في هذه الحياة، أي منذ وجودهم على الأرض وحتى النهاية. فالفكرة إذن موجودة لكن ينقص تطبيقها، والذي هو محكوم بصراع خفي بين الجنسين على التحكم بالمصادر والسيادة على مقاليد الأمور وتوجيهها، وبالتالي فإن العبر المستوحاة من هذه القضية كثيرة تتوازى وكثرة تشعباتها، فالأمر الظاهر للعيان بوجود حق للمرأة في إدارة حياتها بالطريقة التي تراها مناسبة ضمن حدود كثيرة تحكم هذه الحياة سواء للرجل أو المرأة، والتي منها المعتقد الديني وحُسن المعاملة والخُلق النبيل الذي يعكس حقيقة كل إنسان فينا. إلا أن هذا الأمر والذي يلمسه الجميع لا يجد الطريقة المناسبة لتجسيده كي يصبح حقيقة واقعة، نظراً للفكرة السائدة لدى البعض، بأن مشاركة المرأة يعني الإنتقاص من حقوق الرجل ودوره في المجتمع، وبأن المكان الحقيقي للمرأة هو بيتها، وبالطبع هذه الأفكار مغلوطة ولربما تستخدم فقط كنوع من أنواع الإقصاء التي يمارسها الرجل في هذا الجانب.