الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

جدل قانوني واجتماعي بشأن الزواج العرفي للقاصرات في المغرب

  • 1/2
  • 2/2

الرباط - " وكالة أخبار المرأة "

أوضحت دراسة تشخيصية لظاهرة “تزويج الطفلات بين التشريع والعمل القضائي المغربي والممارسة، حالات الطفلات بإقليم أزيلال” أعدتها جمعية صوت المرأة الأمازيغية وتمّ تقديم نتائجها مؤخرا بالرباط، أن صدور قرار برفض طلب تزويج طفلة قد يدفع أسرتها إلى تزويجها بالفاتحة، وهـو زواج لا يضمـن أي حقـوق لهـا، ويكشـف عن ثغرة خطيرة في مدونة الأسرة توظف في الكثير من الحالات للتحايل على القانون وخرق المقتضيات الحمائية التي تضمنتها المدونة، مما يستدعي تدخلا تشـريعيا عاجلا.
واختار معدو الدراسة استعمال توصيف “تزويج الطفلات” لأنه يعبر في نظرهم بشكل “أفضل وأدق عن المعنى الحقيقي للظاهرة، عوض زواج القاصر بحسب منطوق مدونة الأسرة”.
وأشارت الدراسة، التي تم إعدادها بدعم من الوكالة الكاطالانية للتعاون والتنمية، في إطار مشروع “ظاهرة تزويج الطفلات بإقليم أزيلال”، إلى أن الأرقام الرسمية المتعلقة بتزويج الطفلات المسجلة وطنيا ومحليا لا تعكس حجم هذه الظاهرة لأسباب عدة وفي مقدمتها وجود نسبة من هذه الزيجات غير الموثقة في البوادي والأرياف والقرى، بل وحتى في المدن.
وأوضحت أنه إذا كانت المادة 16 من مدونة الأسرة تسمح بمعالجة هذه الحالات بشكل لاحق من خلال إضفاء الشرعية على هذه الزيجات التي تمت في غفلة من القانون في حالة توافق الزوجين، فإن ذلك لا يكون متاحا في جميع الأحوال إذ أن مجرد خلاف بسيط بين الزوجة وبين زوجها أو بينها وبين أهله يجعلها دون أيّ حماية قانونية في غياب أيّ وثيقة تؤكد وجود العلاقة الزوجية.
وفي حال إنجابها لأبناء فإن عدم مبادرة الزوج بالاعتراف بنسب هؤلاء الأبناء من خلال اللجوء للإقرار بالنسب سيجعله في حلّ من كل الالتزامات القانونية تجاه أبنائه، وهو ما يؤكد هشاشة الأسر المبنية على الزواج غير الموثق، وتزداد الهشاشة حينما يكون أحد طرفي الزواج طفلا.
واستنتجت الدراسة أن أغلب مقررات الإذن بتزويج الطفلات تستند إلى ضعف الإمكانيات المادية لأسرة الطفلة المراد تزويجها، وانقطاع الطفلة عن الدراسة، معتبرة أن تغليف طلب تزويج الطفلات بمصلحة مادية يثير إشكالا أخلاقيا لأنه ينبني على شبه استغلال اقتصادي لأكثر الفئات هشاشة، وهي فئة الأطفال.
وقد تصطدم رغبة الأسر في التخلص من أعباء آنية والهروب من حالة الفقر والتهميش التي تعاني منها، بنتائج عكسية في حال فشل هذا الزواج، وهو ما يحدث في الكثير من الأحيان بسبب هشاشة الأسر المبنية على حالات زواج قاصر، إذ يضطر أولياء الأمور إلى تحمّل أعباء مضاعفة.
وفي ما يتعلق بمبرر الانقطاع عن الدراسة، لاحظت أن شرط عدم متابعة الطفلة لدراستها يؤدي إلى تشجيع ظاهرة الهدر المدرسي بهدف التزويج، حيث تنقلب الحماية القضائية لحق الطفلة في التمدرس إلى شرط يؤدي إلى خرق هذا الحق من خلال تشجيع أولياء أمور الفتيات الراغبين في تزويجهن على إجبارهن على الانقطاع عن الدراسة قبل تقديم طلب التزويج.
وبخصوص مبرر المصلحة الفضلى للطفلة المراد تزويجها تفاديا للعنوسة، استنتجت الدراسة، أن المطلوب من القانون الإسهام في تغيير بعض العادات الضارة والسيئة عوض الاكتفاء بشرعنتها وإعادة إنتاج نفس القيم المنتقدة والصور النمطية التي تهين المرأة، خاصة مصطلح العنوسة الذي يعدّ عنفا رمزيا يستهدف الفتاة.
وخلصت الدراسة إلى أن انتماء الطفلات اللواتي يتمّ تزويجهن إلى الأوساط القروية والفقيرة يستدعي تدخل الدولة لمنع التمييز وتوفير سبل العيش لساكنة هذه المناطق وتمكينها من حقها في التنمية.
ولمعالجة هذه الظاهرة، اقترحت الدراسة الحل الذي تطرحه الفعاليات الحقوقية المهتمة بهذا الموضوع والذي يدعو إلى الحذف الفوري للمقتضيات القانونية التي ترخص بتزويج الأطفال على اعتبار أن المكان الطبيعي للطفل هو المدرسة وفضاءات الترفيه واللعب وليس بيت الزوجية.
ودعت إلى مراعاة مقاربة النوع الاجتماعي في تعيين قضاة الأسرة المكلفين بالزواج، والحرص على التكوين المستمر للقضاة. وأكدت ضرورة التدخل بنص تشريعي آمر يقضي بتجريم كل حالات التحايل على القانون عامة، وتجريم حالة التحايل على المقتضيات المتعلقة بزواج القاصر على الخصوص، إضافة إلى تدعيم الإصلاح التشريعي بتحفيز جهود التنمية للنهوض بوضعية الأسرة في جميع المجالات، خاصة من خلال ضمان تمدرس أبناء العالم القروي دون تمييز.
ويهدف “مشروع ظاهرة تزويج الطفلات بإقليم أزيلال” إلى المساهمة في مناهضة ظاهرة زواج القاصرات وتعزيز حماية حقوق الفتيات دون سن 18 سنة، وتوعية الأسر والمجتمع المحلي بالمنطقة المستهدفة بضرورة تأخير سن الزواج إلى ما بعد 18 سنة. هذا وتوصل بحث ميداني موضوعه “زواج القاصرات بالمغرب.. بين المطالب الحقوقية والواقع القانوني”، إلى أنَّ زواج القاصرات مرتبط بالفقر والهشاشة الاجتماعية.
أنجز البحث باحثون في مركز الدراسات والأبحاث حول الهجرة والحقوق الإنسانية، وطلبة من جامعة الحسن الأول بسطات ومن جامعة محمد الخامس بالرباط، وكشفت نتائجه أنّ 79 بالمئة من المستجوبين صرحوا بأنّ زواج القاصرات مرتبط بدرجة أولى بالفقر، وينتشر بشكل أكبر في المناطق التي تتميز بالهشاشة.
وأكد 80 بالمئة من المستجوَبين أن هذه الظاهرة مرتبطة بضعف التعليم وغياب الوعي بالحقوق؛ وصرح حوالي 6 بالمئة من المستجوبين بأنّ هذه الظاهرة متواجدة بدرجة أساسية في الوسط القروي؛ في حين عبّر 71 بالمئة عن رفضهم زواج القاصرات، الذي تلعب القيَم الاجتماعية والثقافية دورا أساسيا في استمراره عبر الأجيال.
وأشار أكثر من 71 بالمئة من المستجوبين إلى أن زواج القاصرات محكوم بالفشل، بينما ترتفع نسبة الذين يرون أن له آثارا نفسية وجسدية خطيرة إلى 92.6 بالمئة، وترتفع هذه النسبة إلى 99 بالمئة لدى الفتيات.
وعلق عبدالإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، على نتائج البحث قائلا “إنّ زواج القاصرات بات أزمة حقيقية تقضُّ مضجع المجتمع المغربي، نظرا للتداعيات الخطيرة التي تنجم عن هذه الظاهرة، والتراكمات التي طبعت جملة من الإشكالات التي يعرفها المجتمع المغربي”.
وعلى رأسها هذه الإشكالات، تزايد نسبة الوفيات في صفوف الحوامل القاصرات، والانتهاك الممنهج لحقوقهن في الكرامة وفي التعليم، وتنمية قدراتهن.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى