يعتبر تقرير أهداف التنمية المستدامة 2016، والصادر عن الأمم المتحدة على أنه التقرير الإفتتاحي عن الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، وهو أول عملية جرد لأوضاع العالم فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة الـ 17. ويحلل التقرير مؤشرات مختارة التي تتوافر عنها بيانات لإبراز الثغرات والتحديات الخطيرة التي تواجه تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أنها ستتناول الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة في هذا البيان، والمتعلق بـ "القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة"، حيث يدعو الهدف الثاني الى القضاء على جميع أشكال الجوع وسوء التغذية والى تحقيق إنتاج غذائي مستدام بحلول عام 2030، بحيث يتمكن كل شخص من الحصول على ما يكفي من الغذاء المغذي، الأمر الذي يتطلب تعزيز الزراعة المستدامة، ومضاعفة الإنتاجية الزراعية، وزيادة الإستثمار وتشغيل أسواق الأغذية بشكل سليم.
وتضيف "تضامن" على أنه وبالرغم من التقدم المحرز عالمياً والمتمثل في إنخفاض نسبة الذين يعانون من الجوع في العالم من 15% الى 11% خلال الفترة (2000-2016)، إلا أن 800 مليون إنسان لا يزالون يفتقرون الى الغذاء الكافي.
كما أن إرقام عام 2014 تظهر بأن طفل من بين كل 4 أطفال دون الخامسة من العمر يعاني التقزم، ويقدر عددهم بـ 158.6 مليون طفل. في حين إرتفعت نسبة الأطفال دون الخامسة من العمر والذين يعانون من الوزن المفرط (السمنة) بنحو 20% خلال الفترة (2000-2014) ويقدر عددهم بـ 41 مليون طفل.
عالمياً...هدر أو فقدان 1.3 مليار طن سنوياً من الطعام المنتج للإستهلاك البشري
من جهة ثانية تؤكد الأمم المتحدة بأن الآثار السلبية لا تتوقف على الناحية المادية بسبب هدر أو فقدان (1.3) مليار طن سنوياً من الطعام المنتج للإستهلاك الآدمي وهو ما يشكل ثلث الإنتاج العالمي الكلي ، بل تمتد وبصورة كبيرة على الناحية البيئية من حيث المبالغة والإسراف في إستخدام المواد الكيماوية المستخدمة في إنتاج الطعام كالأسمدة ووقود النقل ، وإنبعاث غاز الميثان من الأطعمة الفاسدة.
ويعتبر فقدان الغذاء من أهم عوامل إهدار الموارد المختلفة كالمياه والأراضي ورأس المال والعمالة ، وفي حين يتم فقدان الغذاء في الدول النامية بمراحله الأولى كمرحلة الحصاد والتخزين ، فإن فقدانه في الدول الغنية ناتج عن الإسراف في الإستهلاك ويكون بمراحله الأخيرة من سلسلة التوريد. فالزبائن في الدول الغنية يهدرون (222) مليون طن سنوياً من الطعام وهو ما يوازي الإنتاج السنوي لمنطقة جنوب الصحراء الكبرى.
من جهة أخرى ذات علاقة، أصدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة تقريراً إقليمياً حول إنعدام الأمن الغذائي حمل عنوان "الشرق الأدنى وشمال إفريقيا: نظرة إقليمية عامة حول إنعدام الأمن الغذائي – الإدارة المستدامة للمياة في الزراعة شرط أساسي للقضاء على الجوع والتكيف مع التغير المناخي". وأشارت المنظمة الى أن هذا التقرير جاء متزامناً مع تبني أهداف التنمية المستدامة الـ 17، الى جانب إتفاقية مكافحة التغير المناخي التي تم التوصل اليها في الدورة 21 لمؤتمر الدول الأطراف الذي عقد في باريس.
وفيما يتعلق بالأردن، فقد أشار التقرير الى أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر 14.4% (16.8 في المناطق الريفية و 13.9% في المناطق الحضرية)، وأن الأردن بدأ في إحداث تحولات في برامج الدعم بهدف إيجاد أنظمة حماية إجتماعية أفضل والإبتعاد عن برامج الدعم الشاملة وإستبدالها بأدوات مصممة بشكل جيد والتي تعتبر الى حد كبير آداة أكثر كفاءة في مكافحة الفقر.
وتضيف "تضامن" بأن التقرير إعتبر إستضافة اللاجئين السوريين سبباً في ظهور تحديات إجتماعية مختلفة أثرت على خطة الإستجابة الأردنية للأزمة السورية وإنعكس على إستراتيجيات الحماية الاجتماعية خاصة نقص عنصر الأمن الغذائي بإعتباره مكوناً أساسياً في إطار تصميمها ونتائجها.
كما أشاد التقرير بتجربة الأردن في مجال إحداث عمليات إصلاح جوهرية في الحوكمة للوصول الى الإدارة الناجحة لمصادر المياه الجوفية، على إعتبار أن التغير المناخي سيزيد من تدني مستوى التغذية والمياه الجارية. كما يعاني الأردن من توزع الهطول المطري على مساحات واسعة، إلا أن تجميع مياه الأمطار بطريقة مناسبة قد يشكل مصدراً إضافياً إساسياً لإحتياط المملكة من المياه.
وتبنى الأردن حسب التقرير "سياسة التغير المناخي الوطنية والإطار الإرشادي الإستراتيجي بالقطاع (2013-2020) بهدف بناء قدرات المجتمعات والمؤسسات في الأردن على التكيف، مع الأخذ بعين الإعتبار النوع الاجتماعي (الجندر)، الى جانب تلبية إحتياجات المجموعات المعرضة للخطر، بهدف تعزيز قدرة النظم البيئية والمياه والموارد الزراعية على الصمود في وجه التغير المناخي."
فقر الدم بين الأطفال في الأردن
وعن مدى إنتشار فقر الدم بين أطفال الإقليم دون الخامسة، فإن النسبة تتراوح ما بين 7.4%- 80.4%، أما في الأردن فبلغت النسبة ما بين الأطفال في سن ما قبل المدرسة 57.5%. كما زاد معدل إنتشار نقص فيتامين (د) خاصة بين الأطفال والنساء، حيث تشير التقديرات الى وصول معدل إنتشار نقص الفيتامين (د) بين البالغين في الأردن 60.3%.
الأردن من بين دول أخرى في الإقليم يعاني من أعلى معدلات لزيادة الوزن
وتضيف "تضامن" بأنه ووفقاً للتقرير هنالك أدلة عالمية كبيرة تربط بين السمنة في مرحلتي الطفولة والمراهقة وبين زيادة مخاطر الإصابة بالسمنة والأمراض في مرحلة البلوغ ومضاعفاتها اللاحقة كالسكري وإرتفاع ضغط الدم وأمراض الشريان التاجي وهشاشة العظام. وسجل الأردن الى جانب عدد آخر من دول الإقليم أعلى معدلات لزيادة الوزن حيث تتراوح نسبة زيادة الوزن والسمنة بين 74%- 84% لدى النساء، و 69%-77% لدى الرجال.
الأردن نجح في خفض معدلات التقزم
وفيما يتعلق بنقص التغذية ومدى إنتشاره بين الأطفال دون الخامسة، فقد أشاد التقرير بنجاح الأردن خلال الفترة (2005 – 2015) من تخفيض معدلات التقزم من أكثر من 20% الى أقل من 10%. ويعتبر التقزم (قصر الطول مقارنة بالعمر) من المؤشرات الأكثر شيوعاً لنقص التغذية بين الأطفال الى جانب الهزال (إنخفاض الوزن مقارنة بالطول) ونقص الوزن (إنخفاض الوزن مقارنة بالعمر).
تضامن تعتبر تمكين النساء مفتاح الحل لمشاكل الجوع والفقر
يعتبر تمكين النساء جزءاً هاماً في مجال الحد من هدر الغذاء وفقدانه ، حيث تشير الحقائق الى أن (79%) من النساء الناشطات إقتصادياً يقضين ساعات عملهن في إنتاج الغذاء ، وإن توفير المزيد من الموارد للمزارعات يسهم في خفض عدد الجوعى في العالم بمقدار (100-150) مليون نسمة ، وإن (85-90%) من الوقت المخصص لإعداد الطعام في المنازل هو من وقت النساء أنفسهن ، وعند الضرورة فإن النساء أول من يضحين بحصتهن من الطعام لصالح باقي أفراد الأسرة ، كما وتؤكد الأبحاث على أنه عندما تكون النساء هن من يحصلن على دخل الأسر فإن ذلك يحسن من صحة الأطفال وتغذيتهم.
وتضيف "تضامن" الى أن النساء يشكلن المفتاح الأساسي للحل وحلقة الوصل ما بين مكافحة الجوع وإنتاج الغذاء وعدم تبذير الطعام ، من خلال العمل على الحد من الفقر والجوع وسوء التغذية بين النساء ، وتمكينهن إقتصادياً خاصة الريفيات منهن واللاتي يعملن في إنتاج الطعام ، وتملكهن للموارد ووصولهن للخدمات المختلفة ، وزيادة التوعية بضرورة عدم الإسراف في الطعام. كما أن النساء جزءاً لا يتجزأ من تحقيق هدف القضاء على الجوع.