لم أضطر لانتظاره طويلا في المقهى حيث موعدنا الاستثنائي لتبادل هدايا عيد الحب ، فقد جاء على عجل لاهثاً ، حاملاً معه هدية مغلفة بورق أحمر لماع . لم اتأخر ، قال وهو ينظر الى الساعة الجدارية النابضة ، المعلقة على أحد جدران المقهى المزدحم بالزبائن ، من العشاق أمثالنا .
وضع الهدية أمامي على الطاولة بينما كان صوت ناظم الغزالي من مسجل المقهى يتناغم الى أسماعي ... (أي شيء في العيد أهدي اليك ياملاكي) ... أخرجتُ من حقيبتي هدية مغلفة أيضا بورق أحمر لماع وقدمتها له . فتحت ُ علبته . فوجدت دفتراً جميلا .. ابتسم ، وقد أسعده كثيرا أن تكون هديتي قلماً .
خطّ بقلمه الهدية على دفتري الهدية كلمات احتفاء بلقائنا . وقدمها لي لأقرأها . كان ثمة شيء بين طيات الدفتر . خاتم جميل سرعان ماعانق سبابة يدي اليمنى وهي مع الأخرى بين يديه الدافئتين . انطلقت ضحكة عالية لاإرادية مني ، لفتت انتباه زبائن المقهى . حاول احتواء احمرار وجهي بقوله أن لاأبالي إلاّ بإطلاق العنان لشعوري بالفرح .
أدركت أنه محق في ما قاله ، لاسيما أن صدى جملته الأخيرة ظل يتردد في داخلي ، فلاشيء يستحق المبالاة سوى شعوري ... عند تلك الطاولة الفارغة .. حيث الدفتر الخاوي من الإهداء .. وبجانبه القلم الذي لم يتعرَ بعد من الورق الأحمر اللماع .. يحاكي سكون الساعة الجدارية العاطلة .. والمسجل الأخرس .. في المقهى الفارغ .. حيث تدحرج على الأرض خاتم خطوبة لم يعانق سبابتي في الموعد الذي أخلفه كلانا !