عندما نقول: إن المرأة في الأحوال العادية، تعاني من الاستغلال المزدوج: الاستغلال الرأسمالي، أو الرأسمالي التبعي، واستغلال الرجل في البيت، وفي الأحوال غير العادية، تتضاعف معاناة المرأة، كما هو الشأن بالنسبة للنزاعات المسلحة، والحروب بين الدول، وبين الطوائف الدينية، او اللغوية، أو العرقية، او العنصرية، وتبلغ ما تبلغ من شدة المعاناة، عندما يتعلق الأمر بالنزاعات المسلحة، والحروب، التي يقف وراءها المتطرفون، المنتسبون ظلما إلى الدين الإسلامي، الذين يتغذون من الفكر المتطرف، الذي خلفه بعض الكتاب الذين يتجنون على الدين الإسلامي، الذي تراجعت افكاره المعتدلة إلى الوراء، أمام تطرف فكرهم، مما جعل الإسلام، الذي ينتسب إليه هؤلاء المتطرفون، دينا جديدا، لا علاقة له بالدين الإسلامي الحنيف، كما عرفناه، وكما تربينا عليه، على يد آبائنا، وأمهاتنا، وأساتذتنا، وكما عملنا على تربية الأجيال الصاعدة، على الفهم الصحيح للدين الإسلامي، حتى لا تقع هذه الأجيال الجديدة، ضحية الفهم المحرف، والمضلل للدين الإسلامي، الذي صار على يد المحرفين، والمضللين، دينا جديدا، لا علاقة له بالدين الإسلامي.
وحتى نوفي الموضوع حقه، سنلتزم بالتصميم، الذي أعده طاقم الحوار المتمدن، بمناسبة 08 مارس، يوم المرأة العالمي لسنة 2017، الذي اختار موضوع:
{أثر النزاعات المسلحة، والحروب على المرأة}،
وبناء على الأسئلة الممنهجة، والمحددة، سنتناول في موضوعنا، حسب ما ورد في نص الأسئلة: ارتفاع تعرض النسوة للجرائم، والعنف، خلال الحروب، وبعدها، والعمل على حماية النساء، والفتيات، من العنف الجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، خلال الحروب مع التعبير عن الموقف، من استثناء جرائم العنف الجنسي، من اتفاقيات المصالحة، والعفو العام، بعد الحروب، لننتقل بعد ذلك إلى إبداء الرأي حول تاثير الجماعات المسلحة، المتعصبة دينيا، في استغلال، وتهميش دور المرأة في المجتمع، بالإضافة إلى التأثير السلبي الجسيم، لتلك الجماعات المسلحة، على حياة المرأة اليومية، وفرضها الكثير من القيود، التي هي اشبه بالعبودية، على حرية المرأة، في مختلف المجالات، كفرض الزي الإسلامي على المرأة، والفتيات غير المسلمات، وتحديد مجالات التعليم، والعمل، والحركة، والزواج... إلخ. وبعد ذلك ننتقل إلى تحمل المرأة للتبعات الاقتصادية، أكثر من الرجل، في النزاعات المسلحة، وفي الحروب، بسبب خسارة الزوج المعيل، مما يؤدي إلى قيام الزوجة بدور المعيل للعائلة، كما يؤدي ذلك إلى ازدياد عدد النساء المعيلات، في مناطق النزاعات المسلحة، والحروب، حيث القتل، والفقر، والبطالة، ضمن أهم عواقب الحروب، مع فقدان القدرة على مواجهة الآثار الاقتصادية السلبية، وخاصة على النساء، والعجز عن معالجة مشكلات الأطفال، وحماية اليتامى من التشرد، والفقر، والجريمة المنظمة، ثم ننتقل إلى إبداء رأينا في بعض إيجابيات الحروب من جهة، وتعزيز مشاركة المرأة من جهة أخرى، وتمكينها، وتمرسها في العمل العام، والعمل السياسي، والاجتماعي، وفي بعض الأحيان العسكري، وفي مشاركة المرأة في العمل العسكري، مما يمكن أن نعتبر معه: أن حمل السلاح دليل، ومؤشر على المساواة، وتطور دورها في المجتمع، حتى نستطيع إبداء الرأي في مشاركة النساء، أو اللاجئات أنفسهن، في إعداد، ووضع الأنشطة الخاصة بالحماية، والمساعدة، في أوقات الحروب، داخل، وخارج البلد، كما هو الشأن بالنسبة للمخيمات، وإبداء نفس الرأي في النساء العاملات في الساحة السياسية، كأعضاء في البرلمان، أو في الحكومة، وكذا الناشطات في منظمات حقوق المرأة، في دعم المرأة المنكوبة، خلال، أو بعد الحروب، وبالنسبة لحل مشكلة الأرامل بعد الحروب، وخاصة بعد أن تتقلص نسبة الرجال، مقارنة بالنساء، بسبب موت عدد كبير من الرجال في الأعمال العسكرية، مجيبين على السؤال:
هل حظيت قضية المرأة في النزاعات المسلحة، والحروب، بالاهتمام الكافي في العالم العربي؟
وهذه الخلاصة الواردة في الأسئلة المتعلقة بوضعية المرأة في النزاعات المسلحة، والحروب، والتي أدرجناها، كما هي، في هذا التقديم، تقتضي منا تعميق النظر في الموضوع، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالبلاد العربية، التي تعرف حروبا، ومواجهات مسلحة، وإرهابا، تنعكس سلبا على العلاقات بين الدول، والشعوب، وعلى العلاقات بين المكونات الاجتماعية المختلفة، كما يصير انعكاسها أكثر وقعا، على حياة النساء، وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون المؤدلجون للدين الإسلامي، والذين يدعون تطبيق ما يسمونه بالشريعة الإسلامية، وهي ممارسة تهدف إلى إلحاق أكبر الأضرار بالمرأة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.