أشار مسح السكان والصحة الأسرية لعام 2012 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة ، الى أن ما يقارب نصف النساء الأردنيات المتزوجات واللاتي أعمارهن ما بين (15-49) عاماً وسبق وأن تعرضن لشكل أو أكثر من أشكال العنف ، لا يبحثن أو يطلبن المساعدة ولا يقمن بإخبار أي أحد بتعرضهن للعنف.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن ثقافة الصمت لا زالت مستمرة عند حوالي نصف النساء المتزوجات ، وأن الإستمرار في السكوت عن العنف الممارس ضدهن من أي شخص كان سيؤدي الى تفاقم المشاكل النفسية والإجتماعية لديهن ، ويزيد من وتيرة العنف الممارس ضدهن ، وهن لا يعلمن بأن سكوتهن وصمتهن هو بمثابة تصريح للتمادي والإمعان والتغول من قبل من يمارسون العنف.
وقد شمل المسح نوعين من العنف الذي تتعرض له النساء المتزوجات أو اللاتي سبق لهن الزواج كالأرامل والمطلقات والمنفصلات ، وهما العنف الجسدي والعنف الجنسي. فمن حيث العنف الجسدي أفادت 38.1% من المتزوجات أنهن بحثن عن مساعدة لوقف العنف ، وأفادت 13.9% بأنهن لم يبحثن أبداً عن مساعدة ولكنهن أخبرن شخص ما ، فيما أفادت 48% منهن بأنهن لم يبحثن أبداً عن مساعدة ولم يخبرن أحداً بذلك. وفي مقابل ذلك فقد أفادت 4.8% من المتزوجات اللاتي سبق وأن تعرضن لعنف جنسي بأنهن بحثن عن مساعدة لوقف العنف ، وأفادت 1.7% منهن بأنهن لم يبحثن أبداً ولكنهن أخبرن شخص ما ، فيما أفادت 93.5% منهن بأنهن لم يخبرن أحداً ولم يطلبن المساعدة.
وتضيف "تضامن" بأن النتائج جاءت مختلفة عندما تعرضت المتزوجات لعنف جسدي وجنسي معاً ، حيث أفادت 60.5% منهن بأنهن بحثن عن مساعدة لوقف العنف ، وأفادت 10.2% منهن بأنهن لم يبحثن عن مساعدة ولكنهن أخبرن شخص ما ، فيما أفادت 29.3% منهن بأنهن لم يبحثن أبداً عن مساعدة ولم يخبرن أي أحد بتعرضهن للعنف.
وتنتشر ثقافة الصمت بين الفئات العمرية الكبيرة بينما تقل لدى الفئات العمرية الصغيرة ، فقد أفادت 57.5% من المتزوجات واللاتي أعمارهن ما بين (40-49) عاماً بأنهن لم يبحثن أبداً عن مساعدة ولم يخبرن أي شخص بتعرضهن للعنف ، بمقابل 44.6% من المتزوجات واللاتي اعمارهن ما بين (20-24) عاماً.
وتنوه "تضامن" بأن النساء المطلقات والمنفصلات والأرامل لا يسكتن عندما يتعرضن للعنف ويبحثن عن مساعدة لوقفه حيث أفادت بذلك 65.9% منهن ، بمقابل 38.8% من المتزوجات. كما يؤثر وجود أطفال في الأسرة سلباً على البحث وطلب المساعدة ، فنسبة المتزوجات اللاتي ليس لديهن أطفالاً ويبحثن عن مساعدة لوقف العنف تصل الى 45.9% ، بمقابل 38.6% من المتزوجات ولديها خمسة أطفال أو أكثر.
وإحتل إقليم الجنوب النسبة الأعلى لعدد المتزوجات اللاتي يبحثن عن مساعدة لوقف العنف وصلت الى 50.5% ، تلاه إقليم الشمال بنسبة 40.3% وأخيراً إقليم الوسط بنسبة 39.7%. ومن حيث المحافظات فقد إحتلت محافظة العقبة النسبة الأعلى فوصلت الى 53.7% ومحافظة عجلون النسبة الأقل بـ 29%.
كما تميل المتزوجات العاملات أكثر من المتزوجات غير العاملات للبحث عن مساعدة عند تعرضهن للعنف ، حيث أفادت 42.5% بذلك من المتزوجات العاملات ، بمقابل 40.4% من المتزوجات غير العاملات. ويظهر الفرق جلياً مقارنة بالمستوى التعليمي للمتزوجات ، فالنساء الأميات يفضلن إتباع سياسة الصمت حيث أفادت 30.8% منهن بأنهن يبحثن عن مساعدة عند تعرضهن للعنف ، بمقابل 41.9% للمتزوجات واللاتي يحملن شهادة الثانوية أو أعلى.
وتضيف "تضامن" بأن لنوع العنف أثر على الجهة التي تلجأ لها المتزوجات لطلب المساعدة ، فعندما تتعرض المتزوجات لعنف جسدي فالأولوية تكون لعائلاتهن وبنسبة 86.3% ومن ثم عائلة الزوج بنسبة 15.5% والأصدقاء بنسبة 2.2% والجيران بنسبة 1.8% والشرطة بنسبة 0.7% ومؤسسات الخدمة الإجتماعية بنسبة 2.8%. في حين تلجأ المتزوجات عند تعرضهن لعنف جسدي وجنسي معاً لعائلاتهن بنسبة 78.6% ومن ثم عائلة الزوج بنسبة 25.8% والأصدقاء بنسبة 9.3% والجيران بنسبة 7.6% ورجال الدين بنسبة 0.5% والشرطة بنسبة 3.3% ومؤسسات الخدمة الإجتماعية بنسبة 7.4%.
وتؤكد "تضامن" بأن تدني نسبة النساء اللاتي يطلبن المساعدة من مؤسسات الخدمة الإجتماعية تدعو الى بذل المزيد من الجهود لتعريفهن بالخدمات التي تقدمها خاصة في مجال الإرشاد النفسي والإجتماعي والقانوني ، وبمراكز التوفيق والإصلاح الأسري ، وتوعيتهن بشكل خاص بمخاطر وأضرار العنف بكافة أشكاله عليهن وعلى أطفالهن وأسرهن بشكل خاص ، والمجتمع بشكل عام. وللتأكيد على أن ثقافة الصمت التي تتبعها حوالي نصف النساء لن توقف العنف وإن المواجهة والتصدي له كفيلان بالحد منه ووقفه بشكل نهائي.