أكدت دراسات عديدة أن المزاج الجيد للمرأة ينعكس على الطعام الذي تعده، فيأتي بنكهة مميزة، ويكون صحيا لمن يتناوله من أفراد أسرتها، وخاصة الأبناء، فينشأون وهم متمتعون بمناعة جيدة، وأشار علماء نفس إلى أن الطبخ من الأعمال اليدوية التي تحسّن المزاج، وتجعل المرأة أكثر سعادة.
سها عيد، خبيرة طاقة المكان، وضعت يدها على السر وراء ذلك، ووجدت تلك العلاقة القوية بين مزاج المرأة النفسي ومذاق طعامها الذي تقوم بطهيه لعائلتها، كما أكدت أن تأثير مزاج ربة البيت السيء يكون سلبيا على صحة الزوج والأبناء، ويمكن أن يمرضوا، ونصحت بأن تطهو سيدة البيت طعامها بمزاج وحب، وليست مكرهة أو مرغمة.
وقالت الخبيرة، إن ما يسمى بالنَفَس في الطعام، أي المزاج الجيد أثناء طهي الطعام، ليست جملة فارغة من المعنى، بل جملة لها دلالات في علم “الفونغو شوي” الصيني (أو علم طاقة المكان)، فطاقة الحب التي تمد بها الأم الطعام أثناء طهيه لأبنائها، هي الخلطة السرية التي تضيفها دون تعمد منها إلى قائمة طعامها، وهذا ما يعطيه المذاق الطيب. ولفتت الانتباه إلى ضرورة عدم الاستهانة بمقولات الجدات، حيث كان معهن كل الحق وهن ينصحن الأم بعدم إرضاع طفلها وهي حزينة أو مكتئبة، حتى لا يصاب الرضيع بالمرض، أو يشعر بآلام البطن والانتفاخات، مؤكدة أن تلك المعتقدات القديمة مازالت تنتشر في المناطق الشعبية والريفية في المجتمعات العربية.
رشا محمود، تعمل طاهية وخبيرة في تذوق الطعام، أكدت صحة ما قالته الدكتورة عيد، لافتة إلى أن الطهاة الموهوبين من الرجال الذين يعدون وجباتهم بمزاج جيد وبشغف يكون مذاق طعامهم طيبا بالمقارنة بهؤلاء الذين يعدون الوجبات في المطاعم المزدحمة بالرواد بشكل آلي بعيدا عن المزاج ومشاعر الحب، لذا فنادرا ما تجد مذاق أطباقهم طيبا.
وقالت، إنها حصلت على دورات تدريبية في تذوق الطعام في فرنسا، واشتركت في أكثر من حدث تفاعلي مع السيدات العاديات اللاتي كن يحببن أن يشاركن في طهي الطعام، وشد انتباهها أن السيدات السعيدات المبتسمات وهن يطهين الطعام، كانت أطباقهن أطيب مذاقا من هؤلاء المشاركات لمجرد الفوز والحصول على جائزة.على جانب آخر، هناك دراسات نفسية كثيرة كشفت حقيقة أن الطهي يخلص المرأة من مزاجها السيء، وتلجأ السيدات إليه كعلاج فعال في حالات الاكتئاب والضغط العصبي الواقع عليهن جراء المشكلات الناتجة عن تربية الأبناء والعمل والزواج.
وأشارت هناء أبوشهدة أستاذة علم النفس إلى أن الطبخ من الأعمال اليدوية التي تُحسن المزاج، ونصحت النساء باللجوء إليه في حالة ما إذا كن يعانين الاكتئاب والضيق، لأنه يعلي من حالة التركيز الدقيق، ويبعدهن عن منطقة الانفعالات الزائدة.
واتفقت مع دراسات خبراء طاقة المكان، والتي توصلت إلى أن المرأة عندما تطبخ بحب فإن ذلك يجعل مذاق طعامها شهيا، حيث تنعكس حالتها النفسية الجيدة على الطهي، ويحدث العكس أيضا، فحينما تطهو المرأة لمن لا تحبهم وتبغضهم، يكون مذاق طعامها سيئا للغاية، حتى أنها تصاب بالإرهاق الشديد حينما تكون في المطبخ لإعداد وجبة بسيطة لا تحتاج إلى وقت وجهد.
أمثالنا الشعبية العربية اكتشفت تلك الحقائق منذ زمن، حيث قالت “هذه السيدة نَفَسها حلو في الطبخ”، في إشارة إلى المذاق الجيد للطعام الذي تطهيه المرأة، ويبدو أن لتلك المقولة أصلا وعلاقة بالواقع، فأقوال الجدات المأثورة غالبا ما نجدها ذات معنى ودلالة، حيث أكدت بعض الدراسات وجود صلة قوية بين المزاج والمذاق.
البعض من السيدات يمضين في المطبخ أوقاتا طويلة، ويبذلن جهدا كبيرا لإخراج الطعام بشكل رائع، ويضفن التوابل ومكسبات الطعم باهظة الثمن، ويقمن بتزيين الصحن، ثم بعد ذلك يأتي مذاق الطعام غير طيب، فيما نجد سيدات أخريات لا يبذلن إلا قليلا من الجهد والوقت، ثم يكون طعامهن رائعا وذا مذاق طيب وطبعا يكون السر وراء ذلك هو “المزاج”.
ولعل هذا ما يفسر كيف أن السيدات العاملات اللاتي لا يملكن الكثير من الوقت، ويعدن إلى البيت مرهقات، ويكنّ مضطرات إلى الطهي، لا يكون طعامهن حلو المذاق، وهنا ينصح الخبراء هؤلاء النسوة بأخذ قسط قليل من الراحة قبل الدخول إلى المطبخ.