أثبتت دراسة أجرتها جامعة إنديانا الأميركية على عينة من مدمني ألعاب الفيديو لمدة أسبوعين أن صور المخ توضح تغيرات في القشرة الأمامية بشكل يشبه إدمان المخدرات. وتوصلت الدراسة إلى أن الإنسان يتحول بسرعة إلى مدمن تكنولوجيا، وغالبا ما يبدأ هذا الإدمان في وقت مبكر حيث يتعلق المراهقون بالهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة التلفزيون، ولم يعد لديهم الوقت لتعاطي المخدرات أو المشروبات الكحولية.
وبدأ الاتجاه نحو إدمان التكنولوجيا منذ عشر سنوات ويعتقد الخبراء أن التكنولوجيا يمكن أن توفر للشباب تجربة مماثلة لتعاطي المخدرات. وأشارت الدراسة إلى أن معدل استهلاك المراهقين للمخدرات والكحول والتبغ في الولايات المتحدة انخفض بشكل كبير، وانخفضت نسبة طلاب المدارس الثانوية في الولايات المتحدة من الذين يتعاطون المخدرات بشكل ملحوظ بين 2015 و2016.
وتعتبر حملات مكافحة تعاطي المخدرات أن الهواتف الذكية تقدم للمراهقين حافزا يجعلهم أقل عرضة للبحث عن المخدرات والكحول. وتأمل، نورا فولكو مديرة المعهد الوطني لتعاطي المخدرات في أن تكتشف الصلة بين انخفاض معدلات تعاطي المخدرات لدى الشباب وارتفاع الإدمان على التكنولوجيا.
وأوضح نيكولاس كارداراس أحد المتخصصين في الطب النفسي أن الإدمان على استخدام الإلكترونيات لدى الأطفال له مفعول كما الهيروين أو الكوكايين، خصوصا عند منحهم هذه الأجهزة في سن مبكرة، مضيفا أن شاشات الأجهزة الذكية هي “الهيروين الرقمي” للأطفال وخاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات.
وقال كارداراس “البعض يتّهمني بالتهويل بسبب مقارنتي الأجهزة الإلكترونية بالمواد المسببة للإدمان مثل التدخين والمخدرات، ولكن التعامل مع المرضى الذين يعانون من مشاكل الإدمان الرقمي أصعب بكثير من التعامل مع من يعانون إدمان المخدرات”.
وأضاف أن متوسط عمر الإدمان الرقمي هو 35 عاما. وحذر كارداراس الآباء والأمهات من الوقوع ضحية إدمان أطفالهم الرقمي قائلا “إن أحد المرضى عنده، هو طفل في السادسة من عمره، أدمن لعبة الكمبيوتر ‘ماين كرافت’ لتتخذ حياته منعطفا سيئا”.
ونبهت الدراسة إلى أن استخدام التكنولوجيا يرفع من مستوى الدوبامين وهي مادة كيميائية تتفاعل في الدماغ لتؤثر على الكثير من الأحاسيس والسلوكيات بما في ذلك الانتباه والتوجيه وتحريك الجسم وتزيد من الإثارة والسعادة لدى الإنسان.
من جهة أخرى أثبت علماء من جامعة شيفلد البريطانية أن قضاء أوقات طويلة في تصفح شبكات التواصل الاجتماعي يتسبب بمشاكل نفسية للأطفال. وأكدت أن “قضاء أكثر من ساعة يوميا في تصفح الإنترنت ومتابعة صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يقلل من احتمالية رضا الأطفال عن أنفسهم بمعدل 14 بالمئة، أي أنهم يصبحون أتعس مما لو كانوا يعيشون مع أحد والديهم فقط، حيث أشاروا إلى أن تلك الآثار النفسية السيئة تظهر بشكل أوضح عند الفتيات”.
وقام باحثون من جامعة كاليفورنيا بتحليل سلوك مستخدمي فيسبوك على مدى عامين. وشارك أكثر من 5000 متطوع للإجابة عن أسئلة حول الرضا في الحياة عموماً والصحة النفسية والصحة البدنية ومؤشر كتلة الجسم. وأفادت نتائج التحليل أنه على عكس وجود الصداقات في العالم الحقيقي فإن قضاء الوقت على فيسبوك له غالباً آثار سلبية على المستخدمين.
وأوضح هولي بي شاكيا من جامعة كاليفورنيا “عموما، أظهرت نتائجنا أنه بالرغم من أن الشبكات الاجتماعية في العالم الحقيقي كانت مرتبطة إيجابيا مع السعادة والحيوية فإن استخدام فيسبوك يرتبط سلباً مع الرفاه العام”.