توصَّل العلماء إلى تحديد مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكم في أحلامنا، فقد تعقَّب الباحثون النشاط الدماغي للأشخاص الذين كانوا يحلمون، ووجدوا أن إحدى المناطق تسمى "المنطقة الساخنة" من القشرة الخلفية للدماغ هي مفتاح توجيه أحلامنا وكوابيسنا.
وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن اختلاف قصص أحلامنا يسببه اشتراك كثير من المناطق المختلفة في المنطقة الخلفية للدماغ.
في مقابلة مع صحيفة ديلي ميل البريطانية، قال الدكتور لامبروس بيروجامفروس، من مركز النوم والوعي بجامعة ويسكونسن ماديسون "توصلنا إلى أن المنطقة الخلفية بالدماغ تنشط عندما نحلم، وذلك النشاط الذي يحدث ضمن حدود هذه المنطقة يرتبط بمضامين أحلام محددة، مثل رؤية أحد الوجوه، أو إدراك الحركات".
ومن خلال هذه المنطقة تمكنوا من التعرف إذا ما كان شخصٌ ما يحلم أم لا.
وجد الباحثون أن تلك القوة النشاطية في المنطقة الساخنة من المنطقة الخلفية بالدماغ، يمكن أن تُستخدم في التنبؤ بالتوقيت الذي سيحلم فيه الشخص خلال النوم "اللاريمي" بدقة تصل إلى 90 بالمائة.
5 مراحل أساسية للنوم
تُصنَّف المرحلة الأولى والثانية والثالثة والرابعة على أنها "نوم حركة العين السريعة (لاريمي)"، فيما تُصنَّف المرحلة الخامسة على أنها نوم "ريمي".
ترتبط الأحلام في الغالب بتزايد النشاط الدماغي المرتفع خلال النوم الريمي، فيما يرتبط غياب الأحلام في المعتاد بالنشاط الدماغي ذي التردد المنخفض خلال النوم اللاريمي.
ولكن توجد دراسات تصف حالة الأشخاص الذين يستيقظون من النوم اللاريمي ويحكون عن الأحلام التي راودتهم، وعلى العكس أيضاً؛ تصف هذه الدراسات حالة الأشخاص الذين ينكرون رؤيتهم الأحلام عندما يستيقظون من النوم الريمي.
حصل الباحثون على تسجيلات النشاط الكهربي للدماغ لـ32 شخصاً نائماً أُيقظوا من نومهم وسُئلوا عما إذا كانوا قد رأوا أحلاماً في نومهم أم لا، بالإضافة إلى مضمون الحلم ومدته.
سمح هذا للباحثين بأن يحددوا نموذجاً مشتركاً لتغيرات النشاط الدماغي يتطابق مع الأحلام في النوم الريمي والنوم اللاريمي.
وقد توصلوا إلى الأحلام التي حدثت خلال نوعي النوم، ارتبطت بانخفاض قوة النشاط الدماغي منخفض التردد في المنطقة الساخنة من القشرة الخلفية للدماغ.
درس الباحثون بعد ذلك مجموعة من سبعة مشاركين، خضعوا جميعهم لتجربة تعتمد على تقديمهم تقارير مفصلة عن محتوى الحلم.
كان لدى المشاركين تزايد في النشاط خلال النوم الريمي بمناطق الدماغ المسؤولة في العادة عن معالجة المحفزات الحسية الحقيقية، مثل الوجوه والأحاديث.
وقال الدكتور بيروجامفروس: "نعرف أن "المنطقة الساخنة" من القشرة الخلفية تنشط عندما نحلم".
وأردف قائلاً: "عند رؤية أحد الوجوه أو الحركات أو إدراك الأحاديث، فإن نفس المناطق التي تنشط في هذه الحالات أثناء اليقظة تنشط أيضاً أثناء الحلم. إلا أن النشاط الكهربي لجميع مناطق الدماغ لا يستَكشف، كما أن النشاط في المناطق تحت القشرية لا يمكن الكشف عنه بهذه الطريقة".
وأوضح الدكتور بيروجامفروس أن "المنطقة الساخنة" من القشرة الخلفية تساعد في تشكيل إدراكنا للواقع.
وأضاف: "إن تنشيط هذه المناطق يمكن أن يحفز شعوراً بالوجود "في عالم موازٍ" أو في "حالة تشبه الحلم" أثناء اليقظة. يبدو أن هذه المناطق تقدم حالة من التكامل متعدد الحواس، وهو مناسب تماماً لدعم المحاكاة الافتراضية لعالم يميز الأحلام".
وقال إن الحلم الواضح -الذي يستطيع فيه النائم أن يتخذ قراراته وأن يشكل قصة حلمه- يتضمن مناطق دماغية ترتبط بالبصيرة والاستيعاب.
وأوضح قائلاً: "إن المناطق الإضافية للقشرة الجدارية الجبهية، التي ترتبط عادة بالسيطرة المعرفية والبصيرة، يمكن أن تُستخدم خلال الأحلام الواضحة أو الأحلام التي يمتلك فيها الفرد درجة من التحكم في محتوى الحلم".
قد تساعدنا المنطقة الجبهية للدماغ أيضاً في تذكر القصص التي نحلم بها.
وأظهرت الدراسة أن إحدى المناطق الجبهية تزايد فيها النشاط عندما قارنا التجارب مع تذكر المضمون وبدون تذكره، مما يشير إلى أن هذه المنطقة قد تكون هامة في تذكر مضمون أحلامنا.
فيما يعتقد الباحثون أن دراستهم تثبت أن الوعي لا يُسيطَر عليه في الشبكة الجدارية الجبهية من الدماغ.
وأوضح بيروجامفروس أنه عوضاً عن ذلك، لعلَّ شعورنا باليقظة يُصاغ من المنطقة الخلفية، التي تعتبر مفتاحاً إلى الأحلام.
وأضاف: "يمكن أن تؤدي دراسة هذه المنطقة مع مرضى اضطرابات الوعي (مثل الحالة الخضرية) إلى كشف النقاب عن احتمال حدوث الوعي، حتى إن كان هؤلاء المرضى غير مستجيبين".