بمناسبة إضراب العاملين في شركة كهرباء غزة يوم 14-4-2017 وقيامهم بقطع التيار الكهربي (المقطوع) عن غزة، فإنني أقترح أن يحذو عمال شركة المياه حذو عمال شركة الكهرباء، على أن يُضربوا فيقطعوا المياه، غير الصالحة (المقطوعة أصلا) عن غزة، شهرا كاملا، حتى يكون الاضراب أكثر فعالية، فيُضطر العطشى أن يتحدوا الحصار بعطشهم، وإن فَشل العطش في تحريكهم، فإن (أريج) أجسادهم، بعد شهرٍ، سيُحولهم إلى كائناتٍ أخرى، فينهشون الحصار، ويمزقون الفقر إربا، إربا!! مثلما نجح مخطط قطع الكهرباء نصف يومٍ كاملا! فعندما عادَ التيارُ الكهربي، في اليوم التالي، انتفضَ الغزيون صارخين:
(عاشتُ غزة حُرة أبيَّة، يسقط مسببو الحصار، والقهر، والإذلال)! وبعد هذه التجربة (الناجحة)! أقترح أن نقوم بإضرابٍ آخر على(التيار الكهربي) تحت شعار: فلتُطفَأ مصابيحُ البيوت والمؤسسات شهرا قمريا كاملا، لتتمكن أصواتُ الغزيين في (العتمة) من الوصول إلى السماوات العُلى، ولا يؤخرها ضوءُ الشمس، والأضواء!!.
هكذا اعتادتْ غزة أن تمشيَ بالمقلوب، وأن تفعل ما لم يفعله الأولون والآخرون، وأن يكون ساكنوها أعجب سكان الأرض قاطبة، فهي تعاني من البطالة، والمجاعة، والحصار، وفي الوقت نفسِهِ فإن معظم ساكنيها يُعانون من السِّمنة المفرطة!
غزة هي المدينة الوحيدة التي تقبل كل ألوان الإحسان من الدول، والجمعيات والمؤسسات، حتى الدعم المالي المخصص لقتل الروح الوطنية، فغزةُ تتلقى الأموال عبر (وسطاء)، يقوم هؤلاء الوسطاء بشراء المواد التموينية، لغرض دعم الفقراء الغزيين، وبعد لحظات من توزيع مواد الطعام، تعود الموادُ نفسُها لتباعَ من جديد لمَن سوَّقوها، بسعرٍ بَخْسٍ، هذه اللعبةُ المقصودة، هدفهُا، ابتلاع الجزء الأكبر من الدعم لجيوب السماسرة، ممن يُشاركون في اغتيال الأمانة، والإخلاص الوطني!
هناك دعمٌ آخر يوجَّه فقط لتنظيم (الندوات المخملية) في بعض المؤسسات والجمعيات، التي تستفيدُ منها الدول الداعمة، أكثر مما يُفيدُ الوطن، وفور انتهاء تلك الندوات المخملية، تُفرش موائدُ الطعام الفاخرة، ليأكلها الأغنياءُ الموسرون في المطاعم الفاخرة، على حساب غزة الجائعة، بعد أن يتأكَّد الداعمون أنَّ الآكلين، الضيوفَ الموسرين لم يكن بينهم جائعٌ واحدٌ محتاجٌ إلى الطعام، وهذا شرطٌ رئيس للموافقة على ميزانية الندوات المخملية، لأجل زيادة الغيظ والحقد الشعبي في نفوس الغزيين المحتاجين!
أما الدعم المخصص لتنظيف مدينة غزة من الرمال والأوساخ، هو دعمٌ مخصصٌ لقتل الروح المعنوية، وحب الوطن، إنَّهُ دعمٌ، لا تقبله الشعوبُ التي تحترم تاريخها ونضالها، لأنه يمسُّ بكرامة أهلها، ويُشكك الأجيال في قدراتهم، ويدعوهم للكسل والتواكل! فعمالُ غزةَ المقهورون يُطاردون الأتربة على أطراف الطرق، ينقلونها من يمين الطريق إلى يسارها، في انتظار أن تُعيدها الرياحُ إلى موضعها السابق بعد الانتهاء من هذا الجهد العبثي! مع العلم أن تنسيق مشاريع تنظيف الأتربة العبثية، يتوافق مع نشرة الأحوال الجوية، وحركة الرياح!! لضمان دورةً جديدةً أخرى من الدعم، عندما تُعيدُ الرياحُ الأتربةَ إلى مكانها السابق في اليوم التالي، لتشجيع البطالةِ، وتعزيز الكسلِ، وتربية التواكل!
هل تستحقُّ غزةُ، العنقاء، ذاتُ الأمجاد الوطنية أن يعبثَ بها العابثون، وأن يُطفئوا مصابيح تاريخها المشرق، وأن يحولوها من(عروسَ المدن) وأسطورة النضال الوطني إلى عجوزٍ هرمة، تلبس ثوبا باليا، وتتوكأ على أكتاف أبنائها، تستجدي العالم على قارعة الطريق؟!!
غزةُ اليوم تتعرضُ لمؤامرةٍ خطيرة؛ الاغتيال على يد أبنائها وأهلها!!