الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

لماذا لست المُفضل عندك؟

  • 1/2
  • 2/2

بولا سامي ونيس - " وكالة أخبار المرأة "

الأب: أكيد أنا بحبك.. بس أنت مش المُفضل عندي.
الابن: ولماذا لست أنا الأفضل؟
الأب: لأنني غير مسؤول عن محبة أخيك الزائدة في قلبي.
الابن: ولكنني يا أبي أريد أن أكون مثل أخي لديك.
الأب: ربما هو فعل ما لا تقدر أنت فعله.
الابن: لكني عاجز عن فعل ما يستطيعه.
الأب: ربما تكون أنت الأفضل لدى أمك.
الأبن: لكنها ماتت.
الأب: تخيلها بما تتمناه.
الابن: ولماذا لا أدركه حياً؟
الأب: ربما هذا هو قدرك.
الابن: لكني لا أتمنى قدري هذا.
الأب: ربما يأتي من تكون الأفضل لديه.
الابن: لكن يا أبي عمري الآن تجاوز الثمانين عاماً وما زلت لم أكن المفُضل لدى زوجتي وأولادي وعشيقتي.. فمن هو أنا مُفضل عنده سيشعر بروحي المتألمة في غيابي؟
الأب: ربما دورك أن تجعل الكل أفضل لدى الآخرين.
الابن: وأنا؟
الأب: لا تكن أنانياً.
ورحل أبي منذ خمسين عاماً بعد أن خاب ظن حواري هذا بغيابه.
******
أنا الكارز نحو عشق غير معلوم، غاب عني لأني لست أهلاً بمقاييس البطولات، ظنوا أنني الأخير لكنني لست أول العاشقين، فبما أربح وأنا أعلم أنني لست المعشوق الأفضل، هل تنازحني على المركز الخامس أم أنني خرجت من المدار؟ فلتعلم يا أبي أنك كنت المُفضل، ولم تخسر حينما علمت بمكانتي لديك.
لست غيوراً، ولست مؤذياً، لكنني أتمنى أن أكون من روحه معلقة بعشقهم لي، فهل ما أطلبه قليلاً، فلست الأقل لكني في نفس مرتبة أخي، فارفعوا عني أنني دائماً الثاني.
تزوجت محبوبتي، لكنها كانت معلقة بأمها وتبدلت أمها في منزلتها بأولادي وظللت أنا أيضاً الثاني، فأحببت أخرى فأصبحت زوجتي لي في حبها الثاني، لكن عشيقتي كانت مطلقة فكانت ابنتاها تنالان تفكيرها الأول وظللت أيضاً أنا الثاني، فكرهتها لأنها أحبتني مثل الآخرين، وعبر العمر بي حتى أحبت ابنتي زوجها وتعلقت به وأصبحت أنا على هامش حبها، فأدركت أنني الرابع، وتدرجت نحو الأسفل.. كنت صبوراً في حياتهم أن أكون الثاني كي أصبح فيما بعد الأول، لكني كنت أنال خسارة أكبر دائماً.
*******
جلست وحيداً مع عكازي هذا أجتمع معه بعد رحيلهم جميعاً، أجد أمامي دائماً كرسياً فارغاً، يتناوبون عليه جلوساً، أخاطبهم بما دار بعقلي منذ خمسين عاماً، أريد أن أجتمع معهم وألقي عليهم بما أردت، ربما أكون خائفاً من النسيان، لكني لا أريد رحيلهم بعد، فشيخوختي تجعلني غضوباً، أنا أحبهم وكلهم نحوي بمنزلة هذا الكرسي الفارغ.. أمامي دائماً.
بحثت عن إجابات لكل ما جعلني معقوداً بهذا الاحتياج.. ولم أجد.
"يا أبي ما زلت مديوناً لي أن تعيد تفكيرك.. ربما الشيب نال مني والزمان كسر مني احتياجي، لكني ما زلت لحوحاً، فكلما أراك الآن جالساً أمامي أريدك أن تنتفض خجلاً وأريد أن أحتضنك بضراوة، لم تكن غائباً، وما زالت حجتك بأنانيتي مكرهة لمنطقي أن يقبلها، فأرجوك اجعلني مُفضلاً حتى بعد مماتك، فربما لست أراك بهلاوس نفسية، لكني أريدك بحق يا أبي.. فإنني أحبك..".
دمعت عيناي بعد إلحاح احتياجي نحو البكاء، لكن صمت أبي ما زال سائداً.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى