أن تكوني سعودية تقرر الدراسة في أميركا هو أمر صعب بحد ذاته، وما يزيده صعوبة الاختصاص الذي اختارته نادين السياط وهو ماجستير العدالة الجنائية الذي يناقش مواضيع في الإرهاب، تجربتها القاسية انتهت بإصدارها كتاباً تتحدث فيه عن المضايقات التي تعرّضت لها وتجربتها الفريدة كمحققة في الشوارع الأميركية، أصدرته مؤخراً بعنوان "محققة سعودية في الشرطة الأميركية".
وينقل كتابها كلَّ المواقف التي مرت بها خلال فترة ابتعاثها ابتداءً من أول يوم وصلت فيه للولايات المتحدة وانتهاءً بيوم العودة للسعودية.
وحظيت الشابة بلقب أول سعودية تعمل مع الشرطة الأميركية وخاضت تجربة فريدة من نوعها بالتواجد في مهمات أمنية بشوارع الولايات المتحدة طوال فترة دراستها وابتعاثها، وحصولها على درجة الماجستير في العدالة الجنائية من جامعة كولورادو.
وهي أيضاً أول سعودية تعمل كباحثة أمن طيران في الهيئة العامة للطيران المدني السعودي.
المسلمة الوحيدة
تعرضت السياط لمضايقات من بعض الطلبة الأميركيين خلال دراستها؛ لأنها المسلمة الوحيدة في تخصص العدالة الجنائية الذي يناقش الكثير من مواضيع الإرهاب وغيره من الجرائم، تقول لـ"هاف بوست عربي" إن "ذلك يعود لاعتقادهم أن جميع المسلمين إرهابيون، فشعرت بمسؤولية كمسلمة أولاً وسعودية ثانياً، فقررت أن أختار بحثاً يوضح أن السعودية كمجتمع إسلامي يكافح الإرهاب من خلال أقوى برنامج إعادة تأهيل للفئة المتطرفة".
وخلال فترة دراستها للماجستير أبدت رغبتها في الحصول على خبرة عملية في القطاع الأمني بالولايات المتحدة لإضافة تجربة مميزة لدرجتها العلمية حتى يتسنى لها نقل هذه الخبرات لبلدها بعد التخرج وصنع شيء مختلف عن بقية المبتعثات، فطرحت الفكرة على مشرفتها الأكاديمية التي أثنت عليها كثيراً وأخبرتها أنه في حال تدربت في أحد القطاعات لمدة 256 ساعة سيتم احتساب ذلك ضمن الخطة الدراسية لدرجتها العلمية كإحدى المواد الدراسية.
فيلم أكشن
ولم يكن مشوار البحث عن جهة أمنية تقبل تدريبها سهلاً نظراً لأنها طالبة دولية، كذلك لاختلاف ثقافة المجتمع الأميركي عن السعودي، وجهلها ببعض قوانين الولايات المتحدة، إضافة للعنصرية التي كانت من أهم الصعوبات التي واجهت السياط في غربتها ولكنها تمكنت من التغلب عليها والتكيف معها.
فبدأت مرحلة البحث الطويلة حَتى تمت الموافقة عليها من قبل أحد فروع الشرطة التابعة للولاية التي تسكن بها، وقبولها كطالبة دولية.
وتروي لهاف بوست عربي عن بداية مغامراتها مع الشرطة الأميركية، قائلة "كنت أعيش قصة فيلم أكشن وبالتأكيد كنت أنا البطلة!، اقترابي من عالم المجرمين كان شيئاً جديداً بالنسبة لي فلم يخطر ببالي من قبل أنني في يوم من الأيام سأعيش هذه اللحظات الحماسية".
وخلال فترة تدريبها في فرع الشرطة شاركت في جلسات التحقيق مع المتهمين والضحايا والشهود مع مجموعة من المحققين والمحققات، بالإضافة إلى دراسة القضايا وربطها بالأدلة الجنائية والتحري وكانت تجلس بالساعات تناقش مع المحققين عن طريقة عملهم وخبرتهم التي حصدوها طوال هذه السنوات.
وركبت في دوريات الشرطة واستلمت بلاغات جرائم وقبضت على مجرمين، كما عملت في معمل الأدلة الجنائية وتحليلها، وحضرت جلسات تحقيق مع مجرمين وضحايا جرائم وشهود".
رد الجميل
وتختتم السياط بقولها أنها يجب أن ترد الجميل للوطن الذي أنفق الآلاف من الريالات في تعليمها وترى أنها مدينة له وعليها أن تساهم في نهضة الوطن من خلال خبرتها العملية والعلمية.
والكتاب الذي قامت بتأليفه يعتبر جزءاً من مساهمتها في مجتمعها ونقل حياة المبتعث للمجتمع الذي يجهل خفاياها وتعريفه بالمواقف التي مرت بها.