فتيات شابات أو في مقتبل سن المراهقة حملن خارج الإطار الشرعي والأعراف، منهن من تعرضت للاغتصاب أو حملت عن طريق التهديد دون رغبة منها ومن اكتشفت أنها حامل عن طريق علاقة غير شرعية ومن خطبت وكانت على عتبة عقد قرانها، فوقع الحمل ولم يتم الزواج، وأخريات أكثر ضررا وهن العاملات اللواتي يتكلفن بإعالة أسرهن وللأسف تتعرضن للاغتصاب من طرف أرباب عملهن بسبب الجهل والفقر والامية.
طرق عديدة قد لا يشبه بعضها البعض لكن النتيجة واحدة وهي طفولة لا ذنب لها وامرأة تعاني من قسوة الظروف ونظرة المجتمع وتعيش أمراضا نفسية لا حصر لها حيث تبقى مكبلة أمام أمواج العنف والرفض من شريك يرفض الاعتراف بحملها، وعائلة تبرئ من فعلتها ومجتمع لا يرحم ضعفها وقانون لا ينصفها .
" وكالة أخبار المرأة " زارت مقر احدى الجمعيات المهتمة بهذه الفئة من النساء فوجئت بعدد الامهات العازبات ومعدل أعمارهن واختلاف فئاتهن الاجتماعية والثقافية ولكل واحدة قصة وعبرة تختزلها وجوه أطفال لتقول بصوت يسمعه الصم ’’أشنو ذنبي’’ وتعرفت " وكالة أخبار المرأة " على بعضهن، وكان التردد والخوف وانعدام الثقة، هو كل ما يسود المكان. وحاولت كسر غلاف الخوف والكتمان بدفعهن للكشف عن أسرارهن ومعاناتهن.
شهادات الأمهات العازبات تكشف حجم معاناتهن
لبنى: علاقة حميمية انتهت بحملي
الصدق والثقة وربما قلة التجربة في زمن المراهقة، أسلوب كان طريقا لعلاقة حميمية طويلة مع شاب يسكن بمعيتها نفس الحي، اكتشفت حملها ثم قررا التخلص من الجنين، ما جعلها تختلق أعذارا للعائلة. وتغادر المدينة وتكتري بيتا مع الشاب على أساس أنها زوجته، كان يواسيها ويعدها بالزواج.وتدق ساعة خروج الطفل لعالم ليس من اختياره.غادر الزوج و شهادة الطفل معه، وأدركت حينها معنى أن تكون وحيدا أمام الطوفان، استنجدت بالأب الذي اكتشف حقيقة المجرم الفار من العدال. وخوفا من الفضيحة طردتها العائلة فالأصحاب ثم استقصاها المجتمع والقانون في مجراه كما نعرفه، لبنى عمر ابنها 6 سنوات تطالب بالاعتراف بابنها وحقوقه والمحامون يطالبون بالتعويض.
أمينة من مدينة تارودانت، أربع وثلاثون سنة : مخدر في شراب سبب الحمل
اتصال هاتفي، فموعد في مقهى، وتأثير مخدر في شراب، لأجد نفسي أولا في حالة اغتصاب من صديق ظل وفيا ثماني سنوات، وبعد ذالك بست شهور، اكتشف الحمل، فرفض ابنه، تخلى عني الأهل والخلان وها أنا في دار الأمهات العازبات كما يعرفها الجميع ويساهم فيها الجميع ...
سعدية: زواج فاشل نتج عنه حمل
في البداية كانت علاقة عابرة مع ابن الجيران، تطورت لخطبة رسمية لم تثمر بزواج، لم أفكر قط في الإجهاض أملا أن اطوي صفحة حياة مليئة بالأخطاء، لم يكن طريقي شائكا كزميلاتي، قررت الهروب بابني وتربيته بعيدا عن الحي والعائلة، سعدية لا تريد التشهير بابنها وفي الوقت المناسب ستصارحه بالأمر ليطالب بحقوقه وله الاختيار.
هدى : الجهل رماني في احضان رجل اغتصب شبابي ورحل
هدى حرمت من الدفء ومن حياة بسيطة هادئة وهي في ريعان شبابها بل حتى في طفولتها، وفجأة كل شيء تغير بسرعة هائلة هكذا بدأت قصتها بدأت العمل في سن صغير، وحين بلغت سن المراهقة رغبت في الخلاص من التعب والسهر على تلبية حاجيات الآخرين والاستعباد والقهر والظلم، مما جعلني ارتمي في أحضان أول رجل يطرق بابي رغبة في حياة أفضل لكن للأسف الشديد وقعت فريسة جهلي وأصبحت حاملا في سن جد مبكرة ولم اعرف بحملي هذا إلا بعد اشهر.
ماذا يقول المتابعون لهذه الظاهرة الخطيرة؟
الأمهات العازبات ظاهرة لم يعد الحديث عنها مجديا بقدر ما يجب النهوض بالفعل لمساندتها ومناهضتها في المجتمع نظرا لخطورتها المرتقبة إلى جانب التشرد الذي ينتج عنها وكذا الأمراض الفتاكة هناك مشكل أعظم وهو خلط الأنساب مستقبلا بالنظر إلى الارتفاع الذي تشهده هذه الظاهرة في المغرب ككل، وجهة سوس ماسة درعة تعتبر الأولى من نوعها في تفاقم هذه الظاهرة، فمنذ الثمانينات وهي في تزايد مستمر إلى اليوم وقد زادت عن حدها، ونحن كجمعية تعني بمساندة الأمهات العازبات نستقبل أزيد من 400 أم سنويا، و ما يقارب 120 طفل بدون أب، وهذه صدمة حقيقية بالفعل.
مطلوب قانون يكبح هذه الظاهرة
سعدية الباهي: رئيسة جمعية اتحاد العمل النسائي مركز النجدة أوضحت في حديثها لـ " وكالة أخبار المرأة "أن التحدث عن الأمهات العازبات، يعني الكلام على الابن المتخلى عنه، والزوج العازب، إذ أن كل الطرفين يتحمل المسؤولية أمام تفاقم هذه الظاهرة، لأسباب طبعا واضحة أهمها غياب الوعي والتحسيس، وكذا عدم تحمل المسؤولية، حيث نجد أن الأم العازبة هي الملامة دائما في حين أن كلا الطرفين ملام، كل من زاويته، وينتج عن هذا طفل متخلى عنه الأمر الذي يستدعي جهود المسؤولين من مجتمع مدني والإعلام للتوعية والتحسيس قصد تقليص هذه الظاهرة التي تهدد حياة المجتمع وطبعا ضرورة الإعلان عن قانون إطار في هذا الصدد، ولا ننسى أن المجتمع هو أيضا يتحمل المسؤولية أمام هذه الظاهرة.
تساهل مع الممارسة الجنسية خارج مؤسسة الزواج
إن حجم الظاهرة وعمقها جعل منها موضوعا لا يكتفي بالآراء أو تحليلها، لجأت " وكالة أخبار المرأة " إلى لمس الموضوع في ركنه الاجتماعي السوسيولوجي، حيث أجاب الدكتور عبد الرحيم عنبي استاذ السوسيولوجيا بجامعة ابن زهر باكادير على سؤال وجهته له " وكالة أخبار المرأة " عن الأم العازية فقال أن ما يميز ظاهرة الأمهات العازبات بالمغرب كونها، أضحت تتسع بشكل كبير، كما أنها تمس نسبة عالية من فتيات منطقتي الحوز مراكش وسوس ماسة درعة، أيضا هذه الظاهرة بدأت تشمل الوسط القروي والحضري، كما أنها تمس فئات مختلفة، بحيث نجد المتعلمات والأميات، تلميذات طالبات وفئات أخرى.
وما يميز ظاهرة الأمهات العازبات بالجهة، قال لـ " وكالة أخبار المرأة " ، أن ظاهرة الأمهات العازبات لم تعد تقتصر على الفئات التي كانت تمارس الدعارة أو ترتكب الإغتصاب، بل أصبحت نتيجة العلاقات الجنسية العشوائية، وعلاقات الخطوبة كذلك كان للإستغلال الجنسي دور كبير في تفشي هذه الظاهرة سواء تعلق الأمر بزنا المحارم أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشار الدكتورعنبي في حديثه لـ " وكالة أخبار المرأة " ، أن هذه الظاهرة تعد مؤشرا على كون الممارسة الجنسية في الجهة لم تعد مقيد بالشكل الذي كانت عليه في الماضي أو لنقل خروج الممارسة الجنسية من المسكوت عنه من الظلام إلى العلن، وهي كذلك مؤشر على أن المجتمع السوسي أصبح يبدي نوعا من التساهل مع الممارسة الجنسية خارج مؤسسة الزواج، حيث كان يدفع الخوف من المجتمع ومن العار ـ يدفع ـ الأم العازبة إلى التخلص من المولود بوضعه في الخلاء أو المزابل أو أمام المساجد وغير ذلك من الفضاءات، ولهذه الظاهرة كذلك إنعكاسات إجتماعية ونفسية على الأطفال أبناء الأمهات العازبات، بحيث غالبا ما يعيشون في وضعية الهشاشة وبالتالي سوف تجد الأمهات صعوبة في تربية الأبناء وتلبية كل متطلباتهم.
مطلوب تربية جنسية في التعليم
وبخصوص البعد النفسي للأمر كشف الدكتور احمد ليسيكي رئيس شعبة علم الاجتماع في حديثه لـ " وكالة أخبار المرأة " أن ظاهرة الأمهات العازيات قديمة في تاريخ البشرية، وتتميزمن حيث المفهوم بالتعارض المنطقي بين مصطلح الأم الذي حظي بخصوصيات تشريعية واجتماعية رفيعة وبين الأم العازبة التي تفيد الإنجاب خارج مؤسسة الأسرة بدون سند شرعي أو قانوني، وهذا السبب صار تركيبا غير ذي معنى رغم شيوعه الاصطلاحي و تداوله في مباحث علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية للأسرة البديلة .
واكد ليسيكي أن ظاهرة الأمهات العازبات معضلة تكمن وراءها عدة أسباب أهمها عامل التربية الجنسية الذي لم يدخل بعد مقرراتنا التعليمية رغم انه مطلب أكيد ينبغي أن يكون له حضور طبعا مرفق بضوابط النظام، ولو انه طرح لا يجري على نسق الفكر المعارض والمتشدد الذي يعكف على تعثر تحقيقه مثل مطالب عدة سبقته سيما وسط مجتمع تقليدي بنزعته وثقافته الذكوريه والذي يتبنى التحريم والمنع حتى من خلال تناول الحديث في الموضوع رغم أن قاعدة الممنوع مرغوب فيه، وثقافة العيب والخجل المرادفان المباشران لكلمة العار التي تدفع العديد إلى تفضيل وسلك طرق الظلام على النور من خلال اللجوء إلى استعمال وسائل التضليل والكذب والمراوغة والخداع غالبا ما تقع ضحيته الفتاة. وحين يقع المحظور تتحمل وحدها النتائج وقد يرافقها فيروسها القاتل طول العمر مما يؤدي إلى وضع اجتماعي وإنساني قاتم تضطر لمسايرته.
علاقات محرمة
اما عن البعد الشرعي للموضوع ،قال الدكتور عبد الكريم العكيوي استاذ بجامعة ابن زهر لـ " وكالة أخبار المرأة " أن قضية الأم العازبة ينبغي أن ينظر إليها من جهة علاقة الرجل بالمرأة إنما تقوم على زواج شرعي، فكل علاقة خارجها تكون غير شرعية إذا حصل أن وجدت هذه الحالة فوجد ولد من أم دون زواج ، فيجب أن ينظر إليها من جهة حفظ حقوق الولد، وذلك بنسبته لأمه ورعايته وتشجيع كفالته والقيام بأموره.