الحكاية حكاية حياة بتموت بالبطيء كل يوم، وطفل بيُجهض من قبل ما يتكون، وأحلام بتتودع في المطار من غير استقبال حلم جديد في المقابل، وعيون سرحانة ومسافرة في وشوش الناس.. فيلم "بنتين من مصر- Egyptian Maidens".
الكتابة في الموضوع ده عاملة زي مُولد في مصنع عمال يغلي وعلى وشك الانفجار في أي وقت، رحلة لحياة البنتين اللي من مصر.. "حنان" و"داليا"، اللي ممكن يكونوا بيمثلوا أغلب أو كل بنات مصر وكل الدول المُشابهة اللي بتفرض قيود على حياة البنت، وبتشوف إن إتمام وكمال دورها في الحياة كلها بيوصل لمُنتهاه في الجواز، اللي لو ما حصلش بيكون مؤشر إن عندها مشكلة أو نقص ما.
الموروثات اللي بتخلي البنت تشوف الجواز بوابة مرور لحياة أوسع، الضغوط اللي بتتعرض ليها البنت وبتجمد حياتها وتحول كل أحلامها لمحاولات تخيل لوجودها في ضِل راجل!
"حنان" كانت بتشتري قمصان نوم وتكتب عليها التاريخ وما تلبسهاش، علشان شايلاها لجوازها، وكل فترة تفتح دولابها وتقرا التواريخ وتشوف سنين عمرها اللي فاتت بتمُر قصاد عينيها على أكياس قمصانها المحفوظة.
واليوم الوحيد اللي قررت تفتح فيه قميص النوم الأبيض "اللي كانت شايلاه لليلة دخلتها" كان اليوم اللي عرفت فيه إنها احتمال تموت، وإنه ممكن يكون عندها ورم خبيث في الرحم، فدُخلتها كانت على الحقيقة المُرة إنها ما عاشتش ومش هيخرج منها حياة في يوم من الأيام.
وبعد ما كانت "حنان" بابتسامة بتدخل في حوار تخيُّلي قبل ما تنام مع جوزها المُستقبلي، بقى أقصى طموحها ما تموتش وهي صغيرة، وتقدر تأجل عملية شِيل الرحم أطول مدة ممكنة.
في الوقت اللي فيه "داليا" كانت بتحاول تخلص رسالة الماجستير وتعمل لنفسها كيان، لكن ده برضه ما ادهاش إعفاء من إنها تلف في الدايرة الواحدة، دايرة "الجواز"، على الرغم من إن سقف طموحها كان عالي، وكانت شايفة إن ليها دور مهم ممكن تقدمه في الحياة، وإنها أكبر من إن كل حياتها تلف حوالين هدف واحد، وإنها مش سلعة تتعرض في مكاتب تسهيل الجواز.
لكن "حنان" سقف طموحها كان عمال ينزل ويقرب لغاية لما خنق كل حياتها، وفي مكتب تسهيلات الجواز بتكتب إنها حتى مش عايزة فرح، مش مهم!
"داليا" أزمتها كانت في تفكيرها وتحليلها لكل حاجة بتحصل لها أو بتحصل حواليها، واتصدمت قوي لما عرفت إن دكتورة صاحبتها بتمارس جنس مش كامل بورقة جواز عرفي، وشافت إن فيه خلط كبير حاصل ما بين المُباح والمُتاح، وما بين الاحتياج وطرق تسديده!
"داليا - زهرة الصبار" بتقابل جمال "اللامُنتمي" في العالم الافتراضي وبيبتدوا يتكلموا وكل واحد منهم واثق إنه مش هينتمي لدايرة التاني في الواقع، لكن بالنسبة لداليا كان يكفيها إحساس إنها موجودة لشخص ما، كان كفاية عليها الوَنَس.
داليا كانت بتتنقل من إحساس الدفا لإحساس البرودة في نفس الوقت، يمكن لأن الواقع بالنسبة لها عبارة عن مرجيحة شوية تطيرها لفوق وشوية تنزلها لتحت قوي.
الحقيقة هما الاتنين مش مُنتمين لحاجة أو لحد.. بالنسبة لداليا ما كانتش عايزة تنتمي للواقع القبيح المفروض عليها، لكن ما عندهاش حل، صراعها كان أشبه بمصارعة طواحين الهوا.
"داليا" و"حنان" على الرغم من اختلاف شخصياتهم ورؤيتهم في الحياة إلا أنهم كانوا بيقعدوا يسمعوا بيعنين ملياها الدموع لحكاية صاحبتهم اللي اتجوزت اللي شافت إن الجواز هو "الخضة الحلوة" اللي حصلت لها، وفي الوقت اللي هي مبسوطة فيه إنها بتقوم من النوم قلبها مش مقبوض زي قبل كده، هما كانوا لسه شايلين هم قبضة القلب بتاعة كل يوم!
واضح إن البنتين حالهم حال أغلب البنات شمس حياتهم مش راضية تطلع، ولا ليهم رحلة كاملة في الحياة.. لكنهم في وضعية انتظار، حتى لو انتظار لعريس يقابلهم في ميعاد مُشترك! أحلامهم انتحرت وفاضل لهم أشباح بتتحرك قدام عينيهم!
حسب الإحصاءات الرسمية يوجد في مصر 13 مليون شاب وفتاة تجاوزت أعمارهم 35 عاماً ولم يتزوجوا، بحسب موقع ويكيبيديا.