على الرغم من اتساع دائرة شعارات المطالبة بحقوق المرأة العربية وتنوع مصادرها الفكرية والإنسانية والاقتصادية، فإن ما ظهر على سطح الواقع من برامج تنحى باتجاه تطبيقات تكفل حريتها ،وتسهم بصيانة حقوقها ما تزال معالمها حتى بإطارها النظري تدور في فلك التصحر الثقافي والعبث الفكري غير المستند الى حيثيات الواقع الاجتماعي، وما افرزه من تداعيات تنذر بوقوع كثير من دعاة حرية المرأة تحت تأثير النفاق الاجتماعي الذي يستمد ديمومة فاعليته من مجموعة الرواسب والعقد التي تنوء تحت وطء خطورة اثارها المجتمعات العربية.
من هنا نرى في يوم المرأ العربية، ان المرأة العربية التي فتحت عينها منذ مئات السنين على مجتمع متجذر السلطة الذكورية، تتطلب من كافة الاحزاب والقوى (مساواتها بأخيها الرجل ) وخاصة بعد القلق الذي يتزايد يوماً بعد يوم من تدهور حقوق المرأة في ظل التحولات السياسية وظهور الحكومات والأحزاب والجماعات الإسلامية.
إذ ان اغلب النشاطات تتطلب عمل فعلي من اجل امتلاك جراءة كافية حتى تنل المرأة دورها ومواجهة ما تعانيه من اذلال من قبل المجتمع الذكوري ، ما يملي على هذه القيادات ممارسة دورها الايجابي في مهمة اعداد الخطط الاستراتيجية التي بوسعها الاسهام في التأسيس لمشروعات خاصة بــ ( تمكين المرأة ) وتأهيلها للعب دور فاعل في بناء المجتمع.
ومن هنا نرى ان يوم المرأة العربية يجب ان يشكل لنا حافز بان المرأة كانت وراء حركة وتغيير وتجديد في كل مراحل التاريخ، فالمرأة كانت وراء نهضة الإسلام أمثال خديجة وسُمية زوجة ياسر، حيث ضربتا أروع أمثلة الشجاعة والتضحية من أجل نشر النور والحرية وإزالة الظلم والعبودية.
واليوم نرى وبكل اسف ان المرأة أصبحت عند البعض مجرد جارية، ناقصة عقل ودين. ومجرد سلعة تباع، ووليمة تقدم، وللأسف تدخلت قوى الظلام والإرهاب المتخلفة واخترقت الثورة وظهرت فتاوى بما سُمي جهاد النكاح والتي ندد بها الكثيرات من الناشطات وتوصلوا إلى أن النساء هنّ أكثر من يدفع ثمن تحول الصراعات إلى عنف وحروب حيث تحول دورهن إلى دور تقليدي من تمريض وطبخ و… إلخ . ولكن الواقع ترفضه نساء كثر، فقد طالبت ناشطات عربيات بتطبيق حقوق المرأة، ضمان المساواة بين المرأة والرجل في الدستور والقانون مباشرة وصراحة.
المرأة نصف المجتمع,عبارة لا يمكن لإثنان أن يختلفا عليها. فالمرأة هي الأم والزوجة والمعلمة والإعلامية والسياسية والفنانة، ولطالما لعبة أدوارا مهمة وشغلت مراكز بارزة في المجتمع,فوصلت للسلطة في عدد من بلدان العالم.
ومن تلك النساء، إمرأة تدعى “المرأة العربية”، هذه المرأة التي لطالما ألهمت العديد من الشعراء والكتاب ومصممي الأزياء، وكانت دائما مثالا أعلى للعديد من النساء. فهي ذكية,جميلة ومبدعة، ولكن مع الأسف، وبالرغم من تمتعها بهذه الصفات المهمة إلا أن دورها في المجتمع العربي يبقى مهمشا، ولهذا التهميش أسباب عديدة:
أحد أبرز أسباب تهميش دور المرأة في المجتمع العربي هي “العادات والتقاليد” المريضة التي يتوارثها العرب من جيل إلى جيل والتي ولدت مع “عصر الجاهلية” ولا تزال قائمة حتى يومنا هذا. وكل هذا يؤدي إلى تهميش دور المرأة في ظل غياب الوعي الكامل لدورها,وعدم قدرتها على مواجهة مجتمع متسلط ,وبالتالي تصبح الحقوق بعد إقرارها من دون جدوى.
إن تأكيد التزام الجميع عموما ، والقوى الديمقراطية التقدمية خصوصا ، في سياق عملية النضال الوطني الديمقراطي ، بالوقوف ضد كل المحاولات التي تهدف إلى خنق صوت المرأة وحقها في التعبير عن رأيها و مطالبها القانونية المجتمعية العصرية الحديثة التي تتطلع إليها مسألة يجب أن تكون في سلم أولويات ومهام هذه القوى ، لأن قضية المرأة في رأينا تتجاوز التفاصيل العامة ،رغم أهميتها المرتبطة بمواضيع الزواج الإكراهي المبكر أو الموقف ضد تعدد الزوجات أو التوريث أو الشهادة في المحاكم ، فهي قضية وطنية ديمقراطية ترتبط بعملية التطور والنهوض لنصف المجتمع ، وبالتالي فإن الانتصار في هذه القضية سيشكل الخطوة الرئيسة عبر العمل المنظم المشترك بين الرجل و المرأة معاً ، نحو تقدم مجتمعنا على طريق التطور الديمقراطي العقلاني الحديث عبر الانعتاق من كل مظاهر التخلف و التبعية و الفقر و القهر و الاستبداد .