عندما صنعت فيديو: أسرار الجمال، الذي يخبر الفتيات بأنهن جميلات بدون المساحيق، وأن أجمل ما فيهن هو تفردهن وابتسامتهن وثقتهن في أنفسهن، الفيديو حقق مليون مشاهدة تقريباً في أيام قليلة، وتلقيت آلاف الرسائل من المشيدين بمحتوى الفيديو، وهذا كان أكبر دليل على احتياج هؤلاء إلى الاستماع إلى هذه الكلمات التي لم يسمعنها منذ زمن، هن فيه محاصرات بالمشاعر السلبية.
في السنوات الأخيرة، اتجهت كل الوسائط الإعلامية والدعائية، كالمجلات والإعلانات والميديا، بالتعاون مع المؤسسات الضخمة القائمة على صناعة كل ما يتعلق بـ"التجميل"، ببث صور معينة للجمال في عقول الشابات والسيدات، مما أدى إلى ظهور فيديوهات تعليمية لا حصر لها صنعها هواة ومحترفون لتعليم وضع المكياج بالطرق الحديثة، وكيفية الوصول لهذه الصورة، مساحيق التجميل موجودة منذ قديم الأزل، ولا يوجد عيب في استخدامها، المشكلة هي أن الصيحة الحديثة تهدف إلى تغيير ملامح الوجه نهائياً، وكأنهم يحاولون استبدال ملامح النساء بملامح موحدة تطمس هويتهن وتجعلهن متشابهات تماماً.
أصبحت الوسائط الحديثة كلها ترمي إلى أن تشعر الفتيات بأنهن لسن جميلات بما يكفي، أو بأن أنوثتهن منقوصة؛ لأنهن تنقصهن تلك الطلة، فزادت الرغبة عند جميعهن في شراء كل ما يلزم، من أجل الوصول لهذه الطلة غير المنقوصة، أنف أصغر، عيون أوسع، وجه نحيف.. كل هذا يتطلب مواد وأدوات معينة ستكلفهن من وقتهن ومجهودهن ومالهن الكثير، فقد وضعن مليارات الدولارات في جعبة أصحاب تلك الشركات الذين يحرصون على تغيير هذه المقاييس كل فترة، وتغيير طلة الجمال المزعومة كل فترة، ويحرصون دائماً كل الحرص على أن تكون المعايير بعيدة، ولا تشبه المرأة الطبيعية، نحافة غير آدمية، وجلد مشدود لامع، بشرة لا تشوبها شائبة، مما يزرع عند الشابة شعوراً متراكماً بعدم الرضا عن نفسها وشكلها، ولن ترضى أبداً مهما أجادت وضع المساحيق؛ لأنه سيحين المساء، وستقف أمام المرآة، وتمسح كل هذه الألوان لتجد ملامحها، ملامحها العادية ووجهها غير الكامل، الذي أكدت المجلة أنه لا يضاهي مقاييس الجمال، ولا يناسب موضة هذا العصر، فستنام حزينة، مقهورة، بينما سينام أصحاب تلك الشركات ومستثمروها في أغلى فنادق باريس يستمتعون بأرباحهم، والثمن هو سعادة إنسان.