الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

تغول قوانين الأسرة في مصر ضد المرأة ومحاباتها للرجل إلى متى يستمر؟

  • 1/2
  • 2/2

أميرة فكري - القاهرة " وكالة أخبار المرأة "

أصبحت قضية تعدد القوانين في مصر مشكلة متشعبة الأطراف، وفشلت كل الحكومات تقريبا في وضع حل جذري لها، لأن هناك العشرات من القوانين التي تتضمن بنودا وعقوبات تتعلق بفعل بعينه إلا أن العقوبة تختلف بحسب كل قانون، ما تستغله هيئات الدفاع عن المتهمين لتبرئتهم من التهم الموجهة إليهم، ويصبح الجاني هو الضحية، وكأن شيئا لم يحدث.
القوانين التي تنظم علاقة أفراد الأسرة أحد تجليات هذا التخبط التشريعي واستسهال إصدار التشريعات، ما يستوجب إصدار قانون واحد للأسرة يقضي على سلبيات كل هذه القوانين ويؤسس لأسرة متماسكة بعيدة عن الانهيار والتفكك ويحاسب المتجاوزين بعقوبة صريحة دون الالتفاف على باقي القوانين أمام المحاكم.
ومثال ذلك، أن قانون الأحوال الشخصية الذي يحدد معايير الزواج والطلاق وحقوق المرأة والأطفال والنفقة وشروط النسب ويحكم العلاقة بين جميع أطراف الأسرة فضلا عن احتوائه على بنود عقابية لكل من يتجاوز حدوده، يتناقض في بعض مواده مع قوانين أخرى مثل قانون العقوبات، وتحديدا في المواد الخاصة بحقوق المرأة في الميراث والاعتداء عليها والإصرار على هدم الأسرة من جانب أحد الزوجين.
علاوة على أن هناك مواد قانونية في التشريع الخاص بمكافحة العنف ضد المرأة، سواء الزوجة أو الفتاة، والذي وافق عليه مجلس الوزراء قبل أشهر ورفعه إلى البرلمان للمصادقة عليه، موجودة بالفعل في قوانين أخرى مثل قانون العقوبات والإجراءات الجنائية، لا سيما ما يتعلق بالزواج المبكر ورفض الزوج الإنفاق على الأسرة والأحكام المعنية بحق أي من الزوجين بحضانة الطفل، لكن الفارق بينهما كان في صياغة هذه المواد والعقوبة الموقعة على أطراف الأسرة في كل حالة.
ولتلافي كل هذا يسعى حقوقيون في مجال الأسرة والمرأة بمصر إلى أن تخطو الحكومة والبرلمان نحو إقرار قانون موحد للأسرة يقضي على هذا اللغط والتعدد، أسوة بما تقوم به مملكة البحرين حاليا من إعداد تشريع موحد يحكم إطار الأسرة لتجنب تشتيت المحاكم عند النظر في أي قضية أسرية.
ويرى باحثون في الشأن الأسري أن وجود مظلة قانونية واحدة تحكم العلاقة بين أطراف الأسرة من شأنه أن يؤسس لكيان أسري متماسك وقوي تحكمه ضوابط محددة بعيدا عن تشريعات متعددة تتسبب بشكل غير مباشر في خروج أحد أطرافها عن هذا الإطار، ما يتسبب مع الوقت في حدوث شروخ في جدار الأسرة، وقد ينتهي الأمر بانهيارها بشكل كامل.
ويقول هؤلاء إن وجود مواد تشريعية منفصلة تتعلق بالرجل والتزاماته والأخرى بالمرأة وحقوقها وواجباتها وثالثة بالأطفال وطريقة رعايتهم وتعليمهم ورابعة بحقوق الفتيات والحفاظ على كيانهن وتحصينهن من الاعتداءات داخل الأسرة الواحدة، يتنافى مع “وحدة الأسرة”.
ويتساءلون: كيف تؤسس لكيان أسري موحد ومتماسك إذا كانت المظلة التشريعية الحاكمة للأسرة مشتتة؟
وأكدت دعاء منصور الباحثة والمتخصصة في حقوق الطفل والمرأة أن النساء بصفة عامة، سواء الزوجة أو الفتاة، هن المتضررات من تعدد القوانين التي تحكم الإطار الأسري في مصر، إذ من غير المعقول أن تكون عقوبة الاعتداء على المرأة من أي طرف، سواء الأب أو الزوج أو الأخ، لها أكثر من عقوبة في قوانين متعددة لأن القاضي سيكون في حيره من أمره، هل يحكم بقانون محاربة العنف ضد المرأة أم بقانون العقوبات أم بقانون الأحوال الشخصية.
وأضافت أن تشعب القوانين والبنود التشريعية لا يتسبب فقط في عدم محاسبة المخطئين بل سيجعل كل طرف غير واع بحقوقه وواجباته، وما ينتظره من جزاء إذا سار عكس النهج والطريق المرسوم له داخل أسرته، وفي العموم يكون الرجل هو المستفيد من هذا التخبط.
كما أن مختلف القوانين تعاقب الزوجة بتهمة الزنا إذا أقامت علاقة غير مشروعة مع شخص غير زوجها، لكن ذلك لا يطبق على الزوج في حال ما إذا قام بنفس الفعل، ما يعطي انطباعا بأن قوانين الأسرة في مصر تميز ضد المرأة وتنصف الرجل على حسابها، أما إذا تم وضع غطاء تشريعي واحد يحكم كل هذه الأمور ويحدد المسؤوليات والواجبات وأيضا العقوبات، فإن ذلك يقضي على نصف مشكلات الأسرة المصرية.
وأوضح أشرف نبيل محام متخصص في القضايا الأسرية (الخلع والطلاق والنفقة وإثبات النسب والزواج العرفي والولاية التعليمية والميراث) أنه يعاني من تعدد قوانين الأسرة عندما تلجأ إليه المرأة لتبني قضيتها، وقال “أحيانا أستند في دفاعي إلى 6 قوانين مختلفة، والمشكلة أنها تكون متناقضة وبالتالي يجد القاضي نفسه أمام كم هائل من البنود القانونية عند النطق بالحكم، وهو ما قد يكون لصالح طرف على حساب آخر”.
وأشار إلى أنه من غير المنطقي أن تكون القوانين الحاكمة للأسرة مشتتة ومتشعبة إلى هذا الحد، أو أن يكون لكل فعل أكثر من عقوبة، لأن ذلك يؤدي إلى أن يصبح لكل مشكلة أكثر من حل، وهذه الأزمة سبب تكدس الآلاف من القضايا داخل المحاكمة لم يتم الفصل فيها إلى الآن، والكثير منها يتعلق بمصير الأطفال الصغار بسبب خلافات الزوج مع زوجته، وغياب الغطاء التشريعي لحلها.
وهكذا بات من الضروري توحيد كل هذه التشريعات في كيان قانوني واحد يراعي ما استجد على الأسرة من مشكلات عصرية لم تتطرق إليها القوانين الحالية، كاعتداء أحد أفراد الأسرة على الأخت أو الابنة جنسيا، بما يضمن المزيد من الاستقرار الأسري ويتصدى لتجاوزات المنحرفين فيها، فوجود قانون واحد أكثر فائدة من عشرة قوانين لا جدوى منها ولا يعرفها أحد.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى