كثيراً ما «تتعنصر» بعض الأعمال الصحفية ضد النساء وتخصهن بالسخرية أو بالصفات غير المرغوب فيها، وعلى سبيل المثال فقد رأيت عدة مرات رسوما ساخرة أو ما يسمى صحفيا بـ«الكاريكاتير» تظهر فيها امرأة تمارس الرياضة على جهاز تخسيس وقد بدا جسدها كأنه كرة قدم، وبجوارها صحن أو تبسي مملوء بالفواكه والحلوى والمعجنات ويدها التي تشبه فوهة مدفع تمتد نحو الصحن وتضع في فمها قطعاً مما فيه، كناية عن عدم استفادتها من تمارين التخسيس ما دام أنها تتمرن ثم تأكل ثم تتمرن وهكذا دواليك، وموضع الملاحظة في هذا الأمر على صحة وجوده ووقوعه أن الإفراط في الأكل تزامناً مع القيام بتمارين التخسيس لا يخص النساء وحدهن بل يشمل الرجال وربما بدرجة أكبر وأنا أعرف أصدقاء وأقارب مسجلين في مراكز للرياضة والرشاقة برسوم تقدر بآلاف الريالات سنوياً ويبدأ نشاطهم الرياضي بحماس ويفرحون عندما ينقص وزنهم بضع كيلات ويتلقون على ذلك التهاني والقبلات، ولكني أقابلهم بعد مدة فأجد أن مقدمة ابن خلدون أصبحت مقدمتين وأن مؤخراتهم أصبحت أربع وأن رقابهم أصبحت ثلاث طبقات فإذا سألتهم عن «المصائب» التي أمامي أبلغوني أنهم يخسسون ليأكلوا ويأكلوا حتى يخسسوا وهكذا..، ولكن التركيز جاء على النساء وحدهن وكأن الرجال أغصان بأن فطورهم شابورة وغداءهم «توست» وعشاءهم تفاحة!
وعندما يأتي الحديث عن الثرثرة فإن أول من يتهم بها النساء، مع أن واقع الحال يؤكد أنها مرض اجتماعي مشترك، بل إن المنابر الأدبية والإعلامية تقدم لنا نماذج لمتحدثين إذا ما أمسك الواحد منهم «بالمايك» وعانقه فإنه يظل «متلبطا» إياه وكأنه طفل أعادوه إلى أبويه، أما إن قادك حظك التعيس للجلوس إلى ثرثار فقد يظل يتحدث خمس ساعات متواصلات بينها فاصل «سعلة» ويواصل، ولا يردعه عن الثرثرة كونك تشيح بوجهك عنه وتتلفت يمنة ويسرة كالذي يلتمس طريقاً للنجاة بل يظل يواصل ثرثرته بلا هوادة هذا إذا لم يلكزك بيده قائلاً لك : خلِّي بالك معايا !! فإذا كان الأمر كما ذكر فلماذا تتهم النساء وحدهن بالثرثرة دون الرجال وهل ملأ قاعات المؤتمرات والندوات في المنظمات والجمعيات ثرثرة إلا الرجال؟!
ولعل المثلين السالفين كافيان للتأكد على أن نسبة العديد من العيوب الاجتماعية إلى النساء ليست نسبة صحيحة بل منحازة ضدها لصالح الرجال أو بالأصح الذكور، ولكن سطوتهم جعلت صوتهم هو الأعلى وخشوع النساء جعل صوتهن الأدنى حتى أصبحت بعضهن تؤمن على ما يقوله الرجل عن بنات جنسها بلا تدبر أو تفكير!