أطلقت وزارة التعليم مشروع نقل أكثر من 38 ألف مدرّسة يعملنَ في مناطق نائية، على أن يوضع حيّز التنفيذ في مطلع العام الدراسي الجديد الذي بدأ التسجيل فيه، يوم الأحد، بحسب ما أفادت مصادر مطّلعة "العربي الجديد". لكنّه لن يُصار إلى توقيع العقود ودفع الرسوم الشهرية المقررة والبالغة قيمتها 500 ريال سعودي (نحو 134 دولاراً أميركياً) إلا بعد إعلان حركة النقل الخارجي السنوية بعد ثلاثة أسابيع.
والمشروع الذي تنفذه شركة تطوير لخدمات النقل التعليمي بعد استكمال كل متطلبات التخطيط والتهيئة للتنفيذ، شرحه وزير التعليم، الدكتور أحمد العيسى، قائلاً في تصريحات صحافية، إنّ "هذا المشروع في مرحلته الأولى هو تجسيد لرؤية الوزارة في تسهيل عمل المدرّسات لتحقيق جانب من الاستقرار المعزّز لأداء أدوارهنّ".
في السياق، كشف الرئيس التنفيذي للشركة المعنية، الدكتور سامي الدبيخي، أنّ المشروع سوف يستهدف في البداية نحو ستة آلاف مدرّسة من اللواتي تنطبق عليهنّ معايير استحقاق الخدمة وشروطه، موضحاً أنّ الإعداد لتأهيل المتعهدين وطرح المنافسة لمشغّلي الخدمة سوف يبدآن قريباً. وأضاف أنّه "في إمكان المدرّسات الراغبات في الخدمة واللواتي يعملنَ في مدارس بعيدة عن منازلهنّ وغير مشمولات بالمعايير المحددة في هذه المرحلة من البرنامج، التقديم عبر البوابة لضمّ بياناتهنّ من أجل المراحل المقبلة من هذا المشروع".
وتعاني أكثر من 38 ألف مدرّسة سعودية للوصول إلى مدارسهنّ التي تقع في القرى والهجر البعيدة عن المدينة، بسبب تركّز الوظائف الجديدة في المناطق النائية. يُذكر أنّ بعض هؤلاء يقضينَ على الطريق ذهاباً وإياباً أكثر ممّا يقضينه في فصولهنّ. وكانت دراسة أعدّتها شركة متخصصة في التعليم قد كشفت أنّ متوسط المسافة التي تقطعها المدرّسات المغتربات للوصول إلى مدارسهنّ يصل إلى 70 كيلومتراً. وهذا مجال جيّد للاستغلال من قبل السائقين، إذ تدفع المدرّسة الواحدة نحو ألفَي ريال (نحو 535 دولاراً) شهرياً، وهو ما يعادل 23 في المائة من أصل الراتب الذي تتقاضاه كبدل لقاء عملها. لكنّ المشكلة تتجاوز المبالغ الكبيرة التي يخصصنها للمواصلات، إذ ينطوي الأمر على خطورة مع تزايد حوادث السير في السنوات الماضية.
وأظهرت دراسة أعدّتها الإدارة العامة للمرور في السعودية أنّ المدرّسات يمثّلنَ أكثر من 28 في المائة من قتلى السعودية في حوادث السير. وشدّدت الدراسة على أنّ من أبرز أسباب الحوادث التي تذهب المدرّسات ضحيّتها هو "ضعف الرقابة على سيارات النقل الخاص وعدم الحزم في إيقاف السيارات المخالفة لاحتياطات السلامة والسماح لها بالاستمرار في العمل". يُذكر أنّ عدد الحوادث التي طاولت مدرّسات، خلال العام الماضي فقط، بلغ 418 حادثاً".
في السياق، يؤكد المختص في شؤون التعليم، الدكتور ماجد الثميري، أنّ هذا المشروع من شأنه أن يضع حداً للحوادث التي تطاول المدرّسات والتي تزايدت لدرجة أنّها أصبحت أخباراً معتادة في الصحافة السعودية. ويقول إنّه "من النادر ما يمرّ أسبوع من دون أن نسمع عن حادثة مرورية راح ضحيتها عدد من المدرّسات الشابات وهنّ في طريقهنّ إلى مقار عملهنّ في إحدى القرى النائية أو الهجر البعيدة". بالنسبة إليه، "أتى تحرّك الوزارة متأخراً جداً. لكن أن يأتي متأخراً أفضل من أن لا يأتي أبداً".
يضيف: "هؤلاء المدرّسات يؤدّينَ واجباتهنّ، في حين أنّ السيارات التي تنقلهنّ متهالكة للأسف وتسلك طرقات معظمها محفّرة. وهنّ يبدأنَ رحلاتهنّ قبل صلاة الفجر مع سائق لم يأخذ قسطاً وافراً من النوم، وذلك وسط تجاهل تام لأنظمة المرور خصوصاً ربط أحزمة الأمان". ويشرح الثميري إنّ "تلك السيارات بمعظمها هي من دون مقاعد في الأساس، وقد تحوّلت إلى باحة جلوس صغيرة لتضمّ أكبر عدد ممكن من المدرّسات. واليوم، حان الوقت لتغيير كلّ هذا".