لم يعد الحديث عن الجنس خارج الزواج من بين المحرّمات في المجتمع التونسي وفي الإعلام وذلك رغم الانقسام الحاصل بين الصراع الهوياتي بين الحداثة والأصالة وبين التيّار المحافظ والمتشبث بالدين والآخر المنفتح على قيم الغرب.
ومع دخول بعض البرامج الاجتماعية إلى البيوت التونسية في السنوات الأخيرة خاصة برنامج "عندي ما نقلك" الذي يعرض على قناة خاصة تخصصت في الشو الفضائحي، وقد كشف هذا البرنامج دون وعي من المقدّم والمنتج الهوّة الشاسعة في ما يعيشه المواطن التونسي، بين سلطة الأخلاق وسطوة الواقع، والذي يجبره على الانفلات أحيانًا من الرقابة، فأصبح الحديث عن البكارة والإجهاض والولادة خارج إطار الزواج ضمن التنويع المشهدي في تونس وضامنًا لارتفاع نسب الإشهار في واقع أصبح فيه الفضيحة والعيب من مكملات الشو الإعلامي في تونس.
إحصاءات تحيلك على أنّ الحياة في تونس لا تختلف كثيرًا عن الحياة في إحدى الدول الأوروبية، يختلف الأمر فقط في المجاهرة فمازال المجتمع محافظًا يتساهل مع المتحرر سرّيًا بشرط أن لا يجاهر بما يسيء إلى المجتمع وكأنّ الأمر اتفق عليه سابقًا بين المجتمع والفرد كما يلي "افعل ما شئت وأنا على دراية به ولكن لا تجاهر به حتى لا تلفظ وتنتهي تمامًا هنا".
مازال المجتمع التونسي يعيش انفصامًا حادًا بين موروثه التقليدي الذي يرفض الجنس خارج الزواج ويعتبره منافيًا للقيم الإسلامية ومتمسكًا بقيم العفة المعنوية والمادية، فيما يمارس نسبة كبيرة من التونسيين الجنس خارج الزواج وتلجأ نسبة كبيرة من النساء للقيام برتق العذرية بمبالغ متفاوتة تترواح بين 300 دينار لتصل إلى ألف دينار في بعض الأحيان وتقوم بعض النساء بهذه العملية قبل الزواج لإيمانهن أنّ العذرية لا تزال الدليل الوحيد على عفة المرأة والشرط الأهم للزواج .
وفي هذا السياق كشفت وزارة الصحة التونسية في تقرير دراسة أعلنت عنه في أول هذه السنة أنّ 75% من الشباب المتراوحة أعمارهم من 15 إلى 20 سنة لديهم علاقات جنسية غير شرعية، 83% منهم ذكور، و70% منهم إناث كما أضاف التقرير أن الوسط المدرسي والجامعي أصبح مسرحًا لعلاقات جنسية غير شرعية فيما تفتقد المنظومة التربوية وجود موّاد تربوية وتثقيفية مرتبطة أساسا بالصحة الجنسية والإنجابية للطلاب حتى لا يقعوا في براثن المرض أو في الحمل غير المرغوب فيه.
كما تشهد بعض المصحات الخاصة استقبال نساء غير متزوجات في كنف السرية ولا يرغبن في إعطاء هويتهن للهيئات الصحية العمومية والتي تقوم بعمليات الإجهاض دون مقابل، وتقصد هؤلاء النسوة هذه المصحات للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه سواء عن طريق الإجهاض الدوائي أو الإجهاض الجراحي.
علمًا وأن الدولة التونسية قد نظمت قانون الإجهاض منذ سنة 1973 ويمكن أن تقوم به المرأة مجانًا لدى هيئات تابعة لوزارة الصحة، بشرط أن لا يتجاوز عمر الجنين ثلاثة أشهر وتعرف تونس بتساهلها مع المرأة في المشرّع على عكس بعض الدول الشقيقة.
وعرفت تونس اخر سنة 2015 جدلًا متواصلًا حول المثلية الجنسية وذلك بعد تأسيس جمعية شمس التي تدافع عن حقّ المثليين ليحتدّ الجدل بعد عرض بعض الطلبة على أنظار إحدى المحاكم التونسية بتهمة اللواط والحكم عليهم بالسجن ولكن ما يسترعى الانتباه محاكمتهم بقانون قديم حاكم به البايات حكام تونس قبل الاستقلال خصومهم من سكان الداخل الثائرين على نظام الفساد وهو استبعادهم من المدينة ومنعهم من الدخول إليهم.
المشهد الجنسي في تونس يحيلك على أنّ التحرر في تونس قد تكثف بشكل واضح في مجالات عدّة ولم يقتصر فقط على المشهد السياسي والإعلامي، بل انتقل إلى الحياة الاجتماعية، ولكن الفرق هنا أنّ هذه الحرية لا تزال تعيش مستترة عن عين الرقيب الاجتماعي ما زال يعيش وسط الصراع بين الرذيلة والفضيلة.