"الماخور"..."المومس"..."بيوت الدعارة"..."الغانية"... "ممارسة البغاء" "بنات الليل" ...تتلاطم المفردات في رأسي، و يشغل المجتمع المدني نفسه في البحث عن نعوت لتلك "الفتيات " و أسماء لتلك الأماكن، فالغواني هن نساء فضلن التجارة بأجسادهن، و بيعها كل ليلة بأثمان بخسة... بعد أن كرمهن الله ...و رفع مقامهن... و أنزل سورة في القرآن الكريم تحمل إسمهن ...فتجدهن في "الحانات الشعبية"...في "النزل المتواضعة" حيث تقوم "المومس" بعرض جسدها للراغبين فيه... و للباحثين عن المتعة الجنسية .
هن نساء يمارسن الدعارة على الأرصفة، في بعض الأحياء الراقية ...و المدن السياحية ...وخاصة أمام الفنادق الضخمة ،حيث أنهن يعتمدن أسلوب الإِيحاءات ...والإِشارات ...فهدفهن الحصول على زبون يمضين معه الليلة بأكملها .
و الحديث يطول عن ممارسة البغاء داخل الملاهي الليلية... و الشقق السكنية المأجورة... و عند التطرق إلى موضوع كهذا، لا يمكن أن لا أذكر أكثر الأماكن شهرة في تونس، و حتى في العالم العربي "عبد الله قش" و صراحة مازلت حتى الأن أجهل سبب تسميته "عبد الله"!!!
فهذا المكان مدعوم من الحكومة... و النسوة يصنفن فيه "كموظفات في وزارة الداخلية" و يذكر ذلك في البطاقات الوطنية لكل منهن!!! ففي العهد البائد كن يعملن كعميلات سرية للسلطة الحاكمة أنذاك!!! و يخضعن لفحص دوري لمراقبة صحتهن و التأكد من عدم إصابتهن بمرض جنسي
فحسب تصريح لمسؤول بلدية تونس أكد أن الشريحة العمرية المتراوحة من 20 الى 30 سنة تشغل نسبة%40 من مجموع بائعات الهوى في ذاك المكان... كما أكد أن نسبة % 70 هن نساء مطلقات و60% منهن لم تتجاوزن مرحلة تعليمهن المرحلة الإِبتدائية... و بعد السبر
في أغوارهن نجد أن أغلبهن عذارى تعرضن للإِغتصاب من طرف أحد أفراد الأسرة كالعم... الأخ... الخال... و حتى الأب!!!
ناهيك عن التي اعتدى عليها جارها فى سن الخامسة عشرة، و فرض عليها والدها كتمان السر درءا للفضيحة!!! فأثر موقف العائلة ...و حادثة الإِغتصاب... سلبا على دراستها ...ففشلت ...و طردت من المعهد ...و اليوم لم تعد تخشى شيئا فإتخذت الدعارة مهنة لها... وما أخذ منها عنوة فيما مضى ...سلمت فيه برضاها الأن
و الغريب في الأمر أن المجتمع الذكوري، هو الناقد اللاذع ...و الأشد شراسة في الحديث عن ظاهرة الإِنحراف النسوي... في حين أن نسبة رواد تلك الأماكن في تزايد مستمر!!! و هذا ما يبين لنا إزدواجية شخصياتهم... و تضارب الأراء لدى بعض الرجال الشرقيين
فهذا الإِنحراف الذي حللن به هو إنحراف له أسبابه... و إننا إذا كنا ننكر عليهن مشاغلهن الدنيئة ...الهابطة ...فإن من واجبنا أن نتعرف على مشاكلهن، و نعمل على حلها... إذ يجب علينا أن ننفذ إلى أسباب المرض ...و نعالجه و ذلك بإجتثاثه من أصوله عبر الإِحاطة الإِجتماعية... و الرعاية النفسية... لكل فتاة أغتصبت، فالبعض و للأسف و حتى يومنا هذا ...مازال يتعامل مع الفتاة المغتصبة على أنها مذنبة فى حق نفسها ...أسرتها... مجتمعها... لكنها في الواقع هي ضحية بالدرجة الأولى، و يجب أن تطالب بتتبع الفاعل قضائيا، و مهما كانت صفة قرابتة... أو مكانته الإِجتماعية ...وأن لا تخبئ رأسها كالنعامة "فما ضاع حق وراءه طالب"
ناهيك عن نظرة المجتمع للمطلقات... فالرجل يراها فريسة سهلة ...و ينسى أنه قسرا ،هناك حالة طلاق بين أفراد أسرته الموسعة... جيرانه... أصدقائه ...و حتى المرأة ترى المطلقة خطرا يهدد إستقرارها العائلي!!! أما عائلتها فتخاف نشوزها... فيضيقون عليها الحصار... و يشددون المراقبة ...و يعدون حركاتها ...و سكناتها ...فتتبع الطريق الأسهل ،في نظرها ...و تحقق لهم ما أوجسوا خيفة منه، فالإِصلاح يجب أن ينبع من ذواتنا... و يسعى كل فرد لتنقية سريرته ...قبل أن ينصب نفسه مصلحا على الأخرين، فكما قال تعالى
"إن الله لا يصلح ما بقوم حتى يصلحوا ما بأنفسهم"