الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

لن أتزوج.. سأنتظر سَكَني

  • 1/2
  • 2/2

زينب نجيب شعبان - " وكالة أخبار المرأة "

تجري العادة دائماً بأن تقاليد الزواج والشكل العام والصورة الذهنية له تكون حسب الأجواء المحيطة أو حسب معتقدات وأفكار البيئة التي نعيش بها، فنحن كما نعلم مجتمع شرقي.. والزواج في مجتمعنا هو شيء لا بد منه، وأن الفتيات أو الشباب إذا لم يتزوجوا فبالتالي هم لم يحققوا شيئاً يستحق الذكر، وإن كان المجتمع يقسو في نظرته للفتاة التي لم تتزوج أكثر من نظرته للشاب، فالمبرر للشاب الذي لم يتزوج أنه يسعى لكسب العيش وجمع الأموال وتكوين مستقبله الذي هو في الأخير الزواج أيضاً، لكن الفتاة التي لم تتزوج ما هو مبررها!
نعم ذلك هو الزواج في مجتمعنا بصورة بسيطة جداً.
دعوني آخذكم في جولة حول الزواج في الإسلام، فنحن كما تعلمون مجتمع مسلم في الأساس، نأخذ أفكارنا ومعتقداتنا من ديننا، وليس من شيئاً آخر، ولكن هذا لا يحدث على أي حال.
"سأل رجل عائشة -رضي الله عنها- هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعمل في بيتهِ شيئاً؟ قالت: نعم كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته"، أي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان لا يترفع عن المساهمة في أعمال البيت، ولا يرى أن هناك تفرقة بين رجل وامرأة في ذلك، فهذا البيت شراكة بين الاثنين لا يقوم على طرف والطرف الآخر يشاهد، فنحن نرى أن المرأة هي من تقوم بكل أعمال البيت حتى تكاد تسقط من شدة الإعياء والرجل يشاهد، وإذا سألته لماذا لا تساعدها؟ يُجيب: أنا رجل ولا دخل لي بأعمال البيت هذا عمل النساء فقط، على أي أساس سيدي الفاضل وفي أي دين يوجد مثل ذلك الرد أو تلك القاعدة أخبرني!
اختلف الرسول -صلى الله عليه وسلم- والسيدة عائشة ذات مرة فقال لها : هل ترضين أن يحكم بيننا أبو عبيدة بن الجراح؟ فقالت: لا، هذا رجل لن يحكم عليك لي. قال: هل ترضين بعمر؟ قالت: لا إني أخاف من عمر. قال: هل ترضين بأبي بكر (أبيها)؟ قالت نعم".
بالكاد لا تنتهي الخلافات بين الأزواج وهذا شيء طبيعي ولا يوجد عيب في ذلك، ولكن العيب في التعامل مع الخلاف في الأصل! فكما نرى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يجد عيباً في أن يختار أحداً ليحكم بينه وبين عائشة، وأن يكون الحكم من ترضاه هي، تخيل معي إذا حدث هذا الموقف الآن.. لا تسرح بفكرك كثيراً فلن يكون هناك حكم من الأساس؛ لأن ذلك (إفشاء لأسرار البيت)، حسب ثقافة مجتمعنا.
في يوم الحديبية أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه أن ينحروا الهدي ثم يحلقوا، فلم يفعل ذلك منهم أحد، وردد ذلك ثلاث مرات دون أن يستجيب أحد لأمره، فدخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على زوجته (أم سلمة) فذكر لها ما وجد من الناس، فقالت له: يا نبي الله أتحبُّ ذلك، اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلق لك. فخرج فلم يُكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يُقتل غماً".
في هذا الموقف العظيم أخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمشورة زوجته في أمر خطير ومهم مثل ذلك، أما الآن فالرجل يقوم بفعل ما يراه مناسباً دون أخذ رأي زوجته فهي في الأصل امرأة وهن (قاصرات عقل ودين) طبعاً، ولا يجب أخذ مشورتها فحسب اعتقاده الراسخ "الدنيا هتخرب"، فهي لها الحق الكامل في أن تعبر عن رأيها، ولكن فيما يخص أعمال المنزل وغير ذلك فلا.
لم يكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يخجل من أن يظهر حبه لزوجاته فكلنا نحفظ عن ظهر قلب مقولته في حب السيدة خديجة (إني رُزقت حبها)، وكان يقول -صلى الله عليه وسلم- إن أحب الناس إليه هي عائشة، فما العيب في أن يُظهر الرجل محبته وأن يرفق بزوجته ويكون لين الجانب، ما العيب في ذلك؟!
نعم أنا لا أريد أن أتزوج إلا بمن يقتدي برسول الله في معاملته مع زوجاته، لا أريد أن يكون الزواج هو نهاية الحياة وليس بدايتها.
الزواج هو حياة جديدة يخلقها الرجل والمرأة، هو صلة وطيدة بين الاثنين، هو أن يصبحا شيئاً واحداً حتى إنه يختلط عليك الأمر في التفريق بينهما من شدة تقاربهما، هو الأمان والاستقرار للفتاة والرجل، هو الملاذ الذي يلجأون إليه وقت الشدة والفرح، هو اليد التي تمسكهم، هو الحائط الذي يسند ويواجه كل الأزمات.
لا أريد أن أتزوج مَن يهدم تلك المعتقدات التي رسخت في ذهني رغم قسوة مجتمعنا وقلة التجارب الناجحة به، ولا يجب أن ننسى أن الأصل والمنهاج في الزواج هو الآية الكريمة: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى