عندما تتحدث الإنسانية تخرس الأفواه، عندما يلوح الأمل في الأفق ينبثق النور لينتشر في الأرجاء، عندما ترسم البسمة تمحى معالم النكبة و كأنها لم تكن يوما ما، و عندما يحمل الإنسان على عاتقه إنقاذ حياة الناس فيصح آن ذاك أن نقف له وقفة إجلال ، على روحه الفاضلة ، و قيمه القيادية الراسخة ، و أخلاقه العالية الشامخة..
أسماء برزت بسمو إنسانيتها و فن تعاملها و اكتسبت المحبة بطيب أفعالها و بديع صنعها ، ابتغاء مرضاة الله فلا الشهرة هدفها و لا التهليل و المجد غايتها، بل هو الإحسان منهاجها و نشر قيم التعاون و التضامن مبتغاها.
من بين هذه الأسماء النبيلة برز اسم المغربية نوال الصوفي او كما تلقب "ماما نوال "، الفائزة بجائزة صناع الأمل في العالم العربي، التي أطلقها سمو الشيح محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات .
بعدما بدأت قوارب الموت تتوافد على السواحل الايطالية سارعت الشابة المغربية نوال البالغ من العمر 27 سنة الى استقبال اللاجئين السوريين مقدمة لهم المساعدات الإنسانية اللازمة، فضلا على خدمات الترجمة في إطار مبادرة إنسانية قيمة ..
باتت نوال ملاذ اللاجئين و منقذهم من شبح الغرق الذي يهدد حياتهم في عرض البحر الأبيض المتوسط ، فقد تم تداول رقم هاتفها على نطاق واسع لطلب المساعدة و الإغاثة، إذ تجلت مهمتها الرئيسية في الاتصال بالقوات البحرية الايطالية بعد التوصل بنداء من اللاجئين ، فحسب إحصاء وزارة الدفاع الايطالية فإن نوال استطاعت إنقاذ حياة أكثر من 2000 ألف شخص بهذه الطريقة ، لتكون بذلك ماما نوال صانعة الأمل .
إن الشابة نوال الصوفي نموذج يحتذى به في مجال الأعمال التطوعية و المبادرات الإنسانية، تحكي في قمة صناع الأمل عن تجربتها لتصفها بزرع أمل بعيون شخص مات ..
إن صنع الأمل و زرع بدوره في قلوب الناس لرسالة نبيلة تجسد معالم الإنسانية و ترسخ قيم التضامن و التعاون بين الأفراد ، فبعد هاته المبادرة القيمة التي قادتها نوال برز شباب من مختلف الدول الاروبية التي تتوصل يوميا بالآلاف من اللاجئين ، يقدمون المساعدات الضرورية من استقبال و إيواء و تطبيب .. حتى باتوا اليوم سفراء الإنسانية بامتياز .
إن المبادرات الإنسانية نابعة عن ضمير أخلاقي واع يرى في نفسه صورة للغير صورة تعكس جوهر الإحسان و معانيه السامية، لا سيما و أن مكانة الإحسان عند الله فوق الإسلام والإيمان ، فهو بمعنى أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك ، ليجسد بذلك صورة حقيقية عن الإخلاص في العمل ابتغاء مرضاة الله في مختلف مناحي الحياة .
زرع بذور الأمل في نفوس الفت الألم لعمل عظيم، و الأعظم أن ترسم البسمة بعد ويلات الحزن و الفزعة ، لا ابتغاء شهرة او مجد و تهليل و لكن بهدف نشر قيم الإنسانية و تعزيز معالم التضامن و التعاون بين الأفراد رغم كل الاختلافات .