الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

لماذا يحبون الجنس؟

  • 1/2
  • 2/2

محمد سامي علي - " وكالة أخبار المرأة "

غريبة علينا -ما زالت- تلك الظواهر والمفاهيم التي نتلقفها عبر الوسائط الإعلامية والإعلانية: الثورة الجنسية، الإنسان كائن جنسي، الحقوق الجنسية المقدسة، التعددية الجنسية، حرية اختيار الهوية الجنسية والممارسة الجنسية المفضلة، الجنس بلا كبت أو روابط أو قيود.
غريبة علينا أيضاً المشاكل التي أتت بها تلك الظواهر والمفاهيم، مشاكل ألِفناها وعايشنا بعضها: الإيدز، وتزايد حمل المراهقات، واندحار الأسرة التقليدية وظهور الأسرة الجديدة بعيداً عن قيود الزواج والعيش معاً.
تنطلق أصوات عالية بتعليم الصغار منذ الطفولة ممارسة الجنس الآمن والاستمتاع به. لكن، كيف يصبح الجنس آمنًا؟ وتتمتم الأصوات الخجولة: علينا العودة إلى أعراف الماضي والاستماع إلى صوت الحكمة المتوارثة والتقاليد.
أين نحن من كل هذا؟
كيف لنا أن نتوقع أن "الشباب" وغير الشباب لا يرون أفلاماً إباحية؟ هذا غير منطقي مع هذا الإقبال الرهيب على مواقع "البورنو" من سكان كوكب المنطقة العربية، حيث إن المواقع الإباحية من بين أكثر 100 موقع ولوجًا في العالم حسب التصنيف العالمى لموقع إليكسا العالمي، ومصر والجزائر وكثير من الدول العربية والإسلامية بعد الولايات المتحدة الأميركية هي من أكثر الدول ولوجاً لهذه المواقع الإباحية.
ويقولون: إن الوحدة التي يعيشها الشباب هي السبب في مشاهدة الأفلام الإباحية، في حين أن الشباب الآن يتجمعون بعضهم مع بعض لمشاهدة هذه الأفلام، كاسرين بذلك حاجز الخوف من المعايرة والاختباء والاختفاء.
ويقولون: إن ضعف الوازع الديني والبعد عن الطاعات سبب رئيس، لكن تجد كثيراً من أصحاب الطاعات والصلوات يحبون الجنس أكثر من حبهم للطعام والشراب، ومنهم من يشاهد "البورنو" يومياً وبلا انقطاع!
ويقولون: إن السبب في ذلك تأخر سِن الزواج، غير أنك تجد كثيراً من المتزوجين يشاهد هذه الأفلام، ويستمتع بها، ويسخن بها برود حالته، وحالة شريكته من هموم الدنيا ومشاكل الحياة!
ويقولون: إن السبب هو الكبت الجنسي والانغلاق المجتمعي والإرهاق الحياتي، بيد أن المجتمعات المنفتحة والتي تتمتع بحرية جنسية، عدد زوار المواقع الإباحية فيها كبير جداً مقارنة بتلك الدول النامية الفقيرة المنغلقة.
إذًا، السبب غير كل هذا أو معهم، فما هو السبب؟
الجنس غريزة طبيعية، وضرورة بشرية، وحتمية واقعية، فأينما وجدت المرأة فلا بد من رجل، وهذا ليس عيبًا في الجنس البشري، ولكنها إرادة ربانية أرادها الخالق لعباده​.
للجنس أهمية في حياة البشر، والأمر لا يحتمل الحياء أو الخجل، ولكن يحتاج إلى الفهم الصحيح والاعتراف بالخطأ، لا بل التغلب عليه ويجب علينا معرفة كيف كان يتعامل الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعون.
- روى البخاري عن محمد بن بشار قال: حدثنا جعفر بن عون، حدثنا أبو العميس عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى النبي، صلى الله عليه وسلم، بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك، أبو الدرداء، ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال: كُل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال: نم فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، قال: فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعطِ كل ذي حق حقه، فأتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان "صحيح البخاري" 5788.
خيرة بنت أبي خدود، رضي الله عنها، (أم الدرداء): زوجة عويمر بن مالك (أبو الدرداء)، الذي آخاه النبي ـ-صلى الله عليه وسلم- مع سلمان الفارسي، تلمح لسلمان بتقصير أخيه في الحياة الزوجية، وسلمان يرى حالتها وأثر ذلك عليها، ويسعى في حل مشكلة أخيه دون أدنى مشكلة.
- يقول أبو بردة: دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي فرأينها سيئة الهيئة، فقلن لها: ما لك؟ فما في قريش أغنى من بعلك! قالت: أما ليله فقائم، وأما نهاره فصائم، فلقيه النبي فقال: أما لك بي أسوة، الحديث، قال: فأتتهن بعد ذلك عطرة كأنها عروس.
لعلني أجد الآن أهم الأسباب -إلى جانب الأسباب السابقة- في الإقبال على أفلام "الجنس" وهي طبيعة الرجل النفسية التي يحتل فيها الجنس مكانة كبيرة جداً ومميزة جداً.
يأتي السبب الثاني، بالنسبة للشباب؛ وهو انتشار الإيحاءات الجنسية والمثيرات الجسدية في بيئة الشباب من المدرسة والجامعة إلى الشارع والبيت، والتي بدورها تثير داخله كثيرًا من هرموناته الجنسية، وتُشعل داخله غرائزه الفطرية، فيغلي كالقِدر من شدة نار قلبه، وهيجان جسده، والتهاب ذَكَره، فيهرول سريعًا لتلك الأفلام ليطفئ غضب شهوته ويرطب فوران جسده ليستريح لوهلته، لكنها لم ترح نفسه.
أما السبب الثاني، بالنسبة للمتزوجين؛ فهو رتابة الحالة الجنسية وقولبتها وروتينيتها وحصرها في أداء الواجب الذكوري والأنثوي لكليهما، فتكون هذه الأفلام للزوجين الملاذ لخيالات وأحلام العلاقة الجنسية الوردية.
ويمكن إضافة احتمال برود الزوجة الجنسي، أو العكس، فيحدث تقصير في العلاقة الجنسية بين الطرفين يعوضانه بمشاهدة أفلام "السكس".
وقد يرى البعض أن مشاهدة الأفلام الجنسية أخف من الوقوع في الزنا أو الشذوذ الجنسي، لكني أختلف معهم؛ لأن هذا تبرير يزيد من المشكلة ويصعب على الفرد حلها، ولأن إرادة الإنسان أقوى من أن يكون أسيرًا لمثل هذه الأفلام تتحكم فيه، وتفرض عليه قالبًا حياتيًا معينًا.
وإذا توافرت إرادة الإنسان، وقويت بعزيمة صلبة، وصاحبها طلب معية الله وإرادته، ومساعدته للإنسان، مع صدق اللجوء له، والوقوف على أعتابه، ونزف الدموع على أبوابه، وإشغال النفس بقضايا مهمة، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، والتطوع في أعمال خيرية وتنموية، وعدم ترك النفس لهواها وانعزالها، ومصاحبة الأخيار، والبعد عن مواطن ضعف النفس، وانهزامها، والتحصن بالطاعات وعدم تحولها لعادات، وكثرة الأذكار، وممارسة رياضة معينة، كل هذا من وسائل علاج إقبال الشباب الكبير على مشاهدة الأفلام الجنسية، مع توفيق الله وإرادته.
كذلك، تيسير الزواج وتسهيل شروطه، والثورة على عادات المجتمع مع حفظ حقوق المرأة، والتفنن في إمتاع النفس وإسعادها بوسائل مشروعة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى