ظلّت تبحث للسماء عن اسم آخر.. رماها الغيم بزخّات ألف واقفة.. غرستها في الأرض لتنبت آهات وآخ.. سمّت السماء أوجاع المطر.. ونسيت اِسمها عند غرس الألف.. فكان اسمه.. بُرعُما يثقب التربة ليخرج عنوة..
سقط على ظلّها ألف سؤال.. وسؤال.. التقطت منها أقساها.. كيف يتركها فتعود؟ كيف تتركه وتعود؟ لم يعُد هو يوما.. لم يلتهِمْها وجعا بأشواقه.. كان دائما ينتظر بعيدا.. مُعترفا بحماقة حبها.. شريدة هي حين تغيب.. قريبة هي حين يغيب..
من عانق الوردة حين سقطت من الفجيعة؟ من عانق الحلم حين يئِس من غبائهما؟ ومن كان واقفا على صخرة الانتظار؟
من أيقن أن شهادة وفاة القلب لا يستخرجها الميت؟وأن للحياة بقيّة على وجعها؟
عند الرحيل.. كانت أحاديثهما عابرة عبر نافذة القلق.. تُعرّي حزنها.. فيُصبح نارا تُحرقه أكثر فيها..
صرخت على قمة الجبل.. لتقتل قهرها.. صرخت لتنعى أشواقها المكلومة فيه.. وبكت تُعزّي نفسها في حبّه..
قال.. كان لي حبيبة.. ولم أكن للحزن رفيقا جميلا.. سأغوص في الموتى أحييهم في وطني.. وأستعيد ذاتي بعيدا عن وجع الذاكرة.. ألتفّ على الوسادة أسقيها أرقي.. وأنام عابر سرير على جسدي..
قالت.. دون أن تُسمِعَه.. أنا رشّة الملح التي يفقدها جُرحك في الغياب.. تظلّ عابثا بالوسادة لعلّي أخرج منها ولا أعود..
الصمت لغة فاشلة.. حين تعترف الجغرافيا بهاوية الحدود.. يحلو للمسافات أن تتكبّر.. ويغريها اللهو بالقلوب.. فتنام أكثر..
كانا يصمتا حينا.. وينطقا أحيانا.. فكان الكلام كاسرا للجسور.. مثيرا للشغب في ساحة المعركة..
هي.. تطمئن عليه كطفلها.. ثمّ تترك المكان لوسادة محشوة برائحة سجائرها.. يضع رأسه عليها فلتقفه الذاكرة سخيّة بطعم جسدها..
هو.. يرسم وجهه باسما على الفكرة.. عابثا بسكون الوقت.. يبحث عنها في وردة عبرت القارات لترسم عيده..
المشهد الأخير كان باذخا في ضجيج السيوف.. كاد العناد يُزهق روحيهما..
قال.. لم تشتميني في قصيدة..
قالت.. كتبت قصائد بعدد خصلات شيبك ولم أنجح في نسج قوافيها.. كانت مُترعة بكذبة السلوى.. تفوح منها رائحة الكُفر بلعبة الحب.. كنت أشرس من لبؤة خطفوا أطفالها منها.. لذا كنت أكتب وأرمي ببيت أسراري.. لم أعد أحبّ اللعب بالكلمات في زمن الصمت..
قال.. عودي حيث كنا قبل أن يستقيل النور من قلب النجمة..
قالت.. كنت دائما أعود.. لا مفرّ من القفز على الأشواك معك.. لكن أشواكي شهيّة.. أتريد المزيد؟
قال.. للنسيان أسماء أخرى إلاّ الحب.. وللحب أسماء أخرى إلاّ النَكَد.. قد نُفلح في فقْدِ أحلامنا.. لكننا لن نُفلح في اللطم على الحب..