كانت أمي رحمها الله تقول إذا زادت همومك غني لها، وإذا رأيت الطير يرقص بالهواء ظنا أنه سعيد فتأكدي أنه يرقص مذبوحا من الإلم، هكذا يصف البعض الهموم وهكذا يظن العامة بأن كل من يغني أو يرقص ويبتسم سعيد في داخله الناس أنواع ومنهم من يعاني ويصمت ومنهم من يعكس معاناته بالفرح والفرفشة كثيرون يرون النكات لإسعاد الآخرين وهم في الحقيقة لا يملكون السعادة نفسها،
قرأت بإحدى القصص الأسطورية حكاية ملك باع كل ممتلكاته من أجل ابتسامة و من أجل أن يشعر بالسعادة، وكان هذا الملك يحسد طفلا فقيرا معدما يتمتع باللياقة البدينة وكثرة الحركات البهلوانية كي يسعد الآخرين ويرسم الابتسامات على وجههم مثل صناع الأمل،
حاول الملك تقديم عرضه السخي إلى الطفل وأغراه كثيرا بمنحه قصوره و أراضيه الشاسعة الممتدة وخزائن ماله وخدمه وكل ما يملك ويقنعه أنه بدل النوم بالعراء والبرد وعلى قطع الخيش سيكون لك سريرا ممهدا مريحا وسيكون لك كل ما تتمنى ولن تجوع ولن تشعر بالبرد أبدا.
ومع إلحاح الملك وإغراءاته ومقارنة بحال الطفل الرديئة والفقر المدقع الذي يعاني منه منذ أن ولد يتيما معدما من بين الأنقاض نمى وكبر وأصبح يافعا ولكن دون مأوى ومن الهواء عاش وأحياه الله ليمتع الناس بالأسواق بلهوه وبراءته إلا أن أغراه الملك وأشترى فرحه وسعادته وابتسامته بالمال وبكل ما يملك وهكذا حسب الأسطورة فقد الطفل ابتسامته وسعادته بما عاش عليه وقدر له وتوسم وجهه بالحزن والألم بينما الملك أخذ دور الطفل الفتى وتحول الملك لإنسان مرح سعيد طول المدى غير آبه بالقصور والملابس الفاخرة والسرائر المريحة وغيرها من البذخ والغنى وفضل الفقر على العيش بحزن في ظل مظاهر باذخة تزول بلمحة بصر وفق ما كتب القدر وعاش الطفل غنيا بالمال حزينا وحيدا دون أن يحترمه أحد أو يصادقه كما كان سابقا .