عندما تنتشر أصوات المدافع وأزيز القنابل، وعندما يصبح الإنسان في أتون ساحة الحرب، وتفرض عليه، ويجرّ نحوها جرّاً، هنا تصبح الحرب كالمرض، فلا أحد يرغب بالمرض لكنه يحضر دوماً في غير وقته، لأنه لا يملك وقتاً لهذا الحضور المكروه، الحرب تشبه هذه الحالة.في الحرب كما هو معروف تنعدم مقومات الحياة الطبيعية، وتقلب الاهتمامات رأسا على عقب، فما كان يعد ترفاً يصبح جوهرياً، والذي كان يعتبر غير مهم بات على درجة عالية من الأهمية، على سبيل المثال نحن لا نهتم بكثير من تفاصيل يومنا ولا جوانب حياتية نعيشها في وقت السلم، لا نهتم كيف يصلنا الخبز ولا كيف يتم صناعته، ولا كيف نشرب الماء ولا كيف تتم تحليته أو وضعه في عبواتٍ معقمة.وأيضاً لا نبالي كيف شوارع المدينة نظيفة ولا نعرف من سهر على التقاط المعلبات والنفايات منها، إذا أردنا الخروج نخرج، وإذا أردنا السفر نسافر، وإذا أردنا النوم ننام، إذا أردنا التنزه نذهب..لكن كل هذه الجوانب التي لا نوليها أي اهتمام، تصبح مصدر قلق وتفكير دائم وقت الحرب، حيث يبدأ التفكير ببدائل للكهرباء المنقطعة، وحلّ لشح الخبز والجوع الذي ينتشر، وأيضاً البحث عن مصدر للماء النقي، بل تفكير دائم في حماية النفس..ليس من الضروري لأي مجتمع أن يجرب الحرب حتى يفهم عظمة نعمة السلام والاستقرار