الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

جرائم العار

  • 1/2
  • 2/2

رسلان عامر - سوريا - " وكالة أخبار المرأة "

هذا المنشور هو عما يسمى بـ "جرائم الشرف"، التي هي في الحقيقة ليست جرائم انعدام أو انمساخ شرف وحسب، وإنما هي جرائم عار ووحشية، ولا يجيزها سوى مجتمع معدوم الشرف!
إنني أدرك جيداً أن مثل هذا الكلام سيثير جنون أولئك الذين ما زالوا يفكرون بعقلية "داحس والغبراء" ويحيون في زمن "حرب البسوس" وأقدم، ومعظمهم يدّعي الإسلام وهو يمارس جاهلية وأد البنات بأبشع الصور!
سيسارع أكثرهم لاتهام كلامي بالفسق والفجور.. وسيعتبرونه دعوة أو ترويجاً للإباحية والانحلال، وما هذا بعجيب أو غريب، فبالنسبة لأمثالهم العقل كافر.. وكل فكر يصدر عن العقل كفر ومروق، والحرية جريمة.. ومَن يطلبها فاسق فاجر!
ليقل هؤلاء ما شاءوا.. ونحن سنقول كلمتنا.. وسنقول كفى!
كفى لهذه "الداعشية المستترة" التي تتخفى بيننا كثعبان التبن؛ لتلدغنا بأنياب النفاق أو الجهل بسمومها الطائفية والجنسية، دون حسيب أو رقيب، وعلينا أن نرفع صوت العقل بوجهها بأعلى وأجرأ النبرات.
اليوم معظمنا يتحدث عن داعش، وخطر داعش وجرائمها وفظائعها، ولكن ما أكثر الذين ينسون أو يتناسون أن في داخل كل منهم داعش الملة التفريقي، وداعش الغيبية الظلامي، وداعش الذكورية المسعور!
المرأة عندنا ما زالت تسبي وتسترق على أيدي العصابات البربرية كداعش وأمثالها، والوقت يداهمنا كحد الساطور.. لماذا؟ لأننا حين كان لدينا الوقت الكافي لنفعل ما يجب فعله، ولنشر ثقافة العقل والانفتاح، واحترام الإنسان وحقوق الإنسان، فعلنا العكس في معظم ما فعلناه، وكرسنا ثقافة الجهل والتعصب والعصبية، وأعطينا رخصة القتل للقاتل الذكري ليقتل بدم بارد في حماية القانون والمجتمع.. رافعاً لواء الشرف والعفة، فهل كنا عندما كنا نفعل ذلك خيراً من داعش؟ أم كنا خير مَن يمهد لها ولأمثالها السبيل!
العفة قيمة جميلة نبيلة، لكنها لا تنفصل عن منظومة أخلاقية وثقافة جنسية متكاملة، هذه المنظومة نحن حيالها في فقر مدقع، نحن ليس لدينا إلا فيما ندر أخلاقية وثقافة جنسية حقيقيتان، ما لدينا هو القمع والجهل والجهالة والجاهلية في كل ما يتعلق بقضية الجنس، وأكثريتنا تعيش حياتها الجنسية مبتذلة وضحلة حتى في إطار ما نسميه "العلاقة الشرعية"!
المرأة دائماً هي الضحية.. وفي الحالات النادرة التي تقدم فيها الفتاة على علاقة خارج إطار الزواج.. تفعل ذلك مدفوعة بحب وثقة في غير محلهما! وإني أكاد أجزم أنه ليس ثمة فتاة عربية تقيم علاقة جنسية مع شاب قبل الزواج، إلا إذا كانت على ثقة تامة به، وبأنه لن يخذلها ويغدر بها!
ولكن الذي يحدث في غالبية الأحيان هو الخذلان والغدر؛ حيث يغرر الشاب بالفتاة، وبعد أن يصل لغايته الخبيثة يرميها بعد أن دمر حياتها، ويتابع حياته وكأن شيئاً لم يحدث، معفياً نفسه من أية مسؤولية تجاهها، ومقنعاً نفسه بأنه لم يخطئ، وأن تلك الفتاة هي ساقطة من الأساس، وأنها لو لم تفعل فعلتها معه، كانت ستفعلها مع غيره، أما هو فشاطر اغتنم الفرصة قبل سواه، ويحق له أن يتفاخر بذلك أمام شلة الأقران!
إن ما يسمى "جريمة الشرف" هي ليست الجريمة الجنسية البشعة الوحيدة بحق المرأة، هناك العديد من هذه الجرائم، تأتي في طليعتها جريمة إعفاء الغاصب من جرم الاغتصاب، إن هو وافق على الزواج من الضحية!
يا لهذه البربرية! إنها لا تحط فقط من قدر المرأة إلى مستوى السلعة الفاسدة التي يلزم بها مفسدها، إنها لا تجرد المرأة من كرامتها الإنسانية بالكامل وحسب، بل تسقط معها كل اعتبار أو احترام لمشاعر المرأة وأحاسيسها الإنسانية والأنثوية، وبدلاً من الاقتصاص لها على مَن جنى عليها مرة، تقدمها ضحية لهذا الجاني ليجني عليها مرات ومرات!
هذه هي حقيقتنا.. وهذه هي داعش الكامنة فينا.. وما ظهور داعش كتنظيم إلا ثمرة لحقل الفساد السائد فينا، وتعرية لقبحنا الذي نتعامى عنه ونحاول تقنعته وتزيينه بشتى السبل!
قد يقول قائل إن هذا الكلام ليس وقته الآن!
نعم.. كان هناك وقت، بل أوقات كافية أنسب، ولكن حينها كانت الأفواه تكمم، والأصوات تكتم بوسائل وذرائع شتى، واليوم.. ليس هناك ما هو أخطر من هذا الخطر العظيم، الذي يبقى جزءاً من المشكلة، ولأننا اليوم نتساءل بذهول عن الأسباب التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه، ولأننا ما زلنا نتخبط في إيجاد الحل والمخرج، يجب علينا مصارحة الذات، وتعرية كل مكامن الخطأ والغلط والخطيئة، إذا كنا حقاً نريد الحل الصحيح والمخرج المضمون!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى