نجحت الشابة المصرية نعمة فتحي في تأسيس أول فرقة للإنشاد الديني في مصر كل منشداتها من الفتيات فقط، وأطلقت عليها اسم “حور”، وفي فبراير الماضي كان أول ظهور لها وخلفها فرقتها من الفتيات (أو الحوريات) على مسرح ساقية الصاوي (بحي الزمالك وسط القاهرة)، وغنين الأناشيد والموشحات فجذبن الجمهور، بحلاوة أصواتهن، الذي ينقطع عن التصفيق الحاد انبهارا بهن.
وأكملت فتحي (22 عاما) دراستها للنظم والمعلومات، ورغم صغر سنها استطاعت أن تصبح في وقت قصير مسؤولة عن 25 فتاة، وعن فرقة موسيقية مكوّنة من عازفين وتحيي الحفلات هنا وهناك، في رمضان.
وقالت إن سِري يكمن في أمي، فهي التي كانت تصاحبني لزيارة الموالد الخاصة بأهل بيت رسول الله، مثل السيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرهما، وفي الساحات الخاصة بالليلة الكبيرة لتلك الموالد كان المنشدون يرددون بأصواتهم العذبة المدائح الصوفية التي تحلق بالروح بعيدا وتعشقها الأذن، “أمي هي التي التفتت إلى موهبتي وشجعتني على السير في طريق الإنشاد وحببتني فيه”.
وأضافت “في طفولتي كنت أغني بكورال المدرسة والإذاعة المدرسية، وعند عمر 13 عاما بدأت أنصت للمنشدين ولبعض المقطوعات التي تغنت بها الفنانات كوكب الشرق أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان وياسمين الخيام، وتأثرت بالأخيرة للغاية”.
تدربت فتحي على يد الشيخ وليد شاهين في فن التواشيح والمقامات، وعملت في سن الـ18 مع الشيخ زين محمود الذي أخذ بيدها فكانت تنشد في فرقته ببيت السناري، وأقامت عددا من الحفلات الناجحة ولكن بشكل فردي كواحدة من فرقة بها منشدون من الذكور، ثم توقفت لانشغالها بالدراسة والعمل في مجال إدارة الأعمال، لتعود مرة أخرى بعد انتهاء دراستها، لكن هذه المرة لم ترد أن تغني كفرد بفرقة بل أن تكون لها فرقتها الخاصة بها ومن الفتيات فقط.
وقالت فتحي “بدأت في دراسة فكرتي ووضع تصوّر ومخطط لها على الورق ثم توجهت إلى الشيخ وليد شاهين، أستاذي رحمه الله، لأخذ مشورته في مشروع الفرقة، ورحّب بالأمر كثيرا وبدأ يساعدني في كيفية تنفيذها عمليا، ونصحني بتسجيل الفكرة حتى لا يتم السطو عليها، وحتى ألوان الملابس للفرقة أرشدني لكيفية اختيارها”.
ويعدّ الإنشاد الديني فنا مهتما بالأناشيد المادحة للرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة أولياء الله الصالحين والتهليل وذكر الله، وكانت أول نسوة اهتممن بالإنشاد الديني في عهد الرسول محمد هنّ نسوة بني النجار، ومر بهن النبي وكُن يمدحنه، ثم توالت العهود ليكون الإنشاد حكرا على الرجال إلا فيما ندر، ويمكن أن نجد منشدة من وقت لآخر بالموالد وأمام ساحات المساجد ولكنهن يعملن بشكل فردي وخاص.
وأعلنت فتحي عبر صفحتها على فيسبوك عن رغبتها في جمع فتيات أصواتهن عذبة، ولم تحدد نوع المشروع وأبقته سرا حتى لا يحبط فكرتها أحد حسبما تقول، وتوالت عليها الطلبات فأصبح لديها 25 فتاة خلال أيام، وأخذت في فرزهن على يد لجنة من المشايخ وأساتذتها في الإنشاد الذين قسموا الفتيات إلى مجموعتين، الأولى مكوّنة من 15 فتاة مستعدات للوقوف على المسرح للإنشاد، والثانية تحتاج إلى التدريب.
وعانت في البداية مع الفتيات القادمات من محافظات مختلفة في مصر، إذ كن يشعرن بالرهبة والخوف والقلق من الوقوف على المسرح ومواجهة الجمهور، ومنهن من كان أهلها يعارضون من الأساس احترافها الإنشاد الديني. لكنهم بعد أن شاهدوا نجاح بناتهم وإنشادهن بأصوات جميلة وتقبّل الجمهور لهن سعدوا بذلك وشجعوهن.
كما اختارت الفتيات المنشدات، كان على فتحي أيضا أن تختار فرقة من العازفين، وقالت “كنت أتمنى أن تكون جميعها من الفتيات لتكتمل الصورة لدى الجمهور”،
وتعتمد فرقة حور على آلات الدفوف والطبلة والقانون والناي وغيرها من الآلات الشرقية، وتهتم فتحي بغناء الأناشيد القديمة المرتبطة بالتراث.
وتحلم فتحي بأن تكون لها أناشيدها الخاصة بها وتسعى لذلك الآن.