ما الذي يسبب شيب الشعر؟ ولماذا يشيب شعر البعض في سن مبكرة؟ وهل هناك أي دليل على أن فقدان الوزن -سواء أكان سريعاً أم بطيئاً- أو ممارسة الرياضة المكثفة تعجّل الشيب؟
المعروف أن الشعر يشيب ويتحول إلى اللون الرمادي عندما تتلف الخلايا الصبغية في قاعدة كل بصيلات الشعر بسبب المرض أو التعرض لعوامل بيئية أو ببساطة بسبب التقدم في السن.
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مدير مركز الشيخوخة في مايو كلينيك الدكتور جيمس كيركلاند قوله إن كل شخص يأخذ نصيبه من الشيب في حياته، لكن كفة الميزان تميل في سن الأربعين أو الخمسين حيث يتفاوت معدل التغيير حسب علم الوراثة والجنس والعرق.
والجنس الأبيض يميل إلى الشيب أسرع من الأسود، بينما يقف الآسيويون بين الأبيض والأسود، أما المرأة فيشيب شعرها عموماً بعد الرجل، ويتحدد العمر الذي يشيب فيه الشخص في المقام الأول بناء على علم الوراثة، لذلك إذا شاب شعر أحد الوالدين أو كليهما في وقت مبكر، فإنه من المرجح أن يشيب شعر الابن في وقت مبكر أيضاً.
ويقول الدكتور كيركلاند إن التدخين يمكن أن يسرّع تغير لون الشعر، والشيب المبكر يمكن أن يكون مؤشراً على خلل في المناعة الذاتية أو الغدة الدرقية أو أمراض القلب، وإذا كان الشخص يعاني من مرض قلبي وشعره أشيب فهذا علامة على مرض قلبي أسوأ.
وتقول الدكتورة ويلما بيرغفيلد، طبيبة الأمراض الجلدية في كليفلاند كلينيك والمتخصصة في اضطرابات الشعر، إن سوء التغذية يؤثر في صحة الخلايا المنتجة للصباغ، ولكن لا علاقة للشيب بفقدان الوزن أو ممارسة الرياضة، وتتسبب معظم الأنشطة التي تعتبر متلفة للشعر وتؤدي مثلاً إلى فقدان الوزن السريع بأكثر من عشرين رطلاً، في فقدان الشعر وليس تغير لونه، كما يتسبب العلاج الكيميائي أيضاً في تلف الشعر.
ويشير الدكتور كيركلاند إلى عدم وجود دليل واضح على أن الإجهاد المزمن يسبب الشيب. والدراسات في هذا المجال لم تكن حاسمة. وأضاف أنهم يجمعون على أن الإجهاد ربما يتسبب في ذلك، لكن هذا يبقى مجرد ظن، وليس هناك دليل مقنع. قال الباحثون إن تحليلاً للحمض النووي “دي إن أي” المأخوذ من أكثر من 6300 شخص من خمس دول بأميركا اللاتينية مكنهم من رصد جين يؤثر على احتمال ظهور الشَيْب عند التقدم في السن. وهذا الجين مسؤول عن التحكم في مادة الميلانين، وهي صبغة تؤثر على لون الشعر وأيضاً على البشرة والعينين.
وقال أندريس رويز-ليناريس عالم الوراثة البشرية بكلية لندن الجامعية -وهو أحد المشاركين في الدراسة التي نشرت في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز”- إن بعض الناس لديهم نسخة من الجين تنبئ بأنهم عرضة للشيب. وقال الباحثون إن الوراثة ليست هي العامل الوحيد المسؤول عن الشيب بل هناك عوامل متباينة أخرى، منها الإجهاد والتعرض لحادث يترك في الشخص ندوباً نفسية.
وقال خبير الوراثة الإحصائية بكلية لندن الجامعية كاوستوب أديكاري إنها بالفعل أول دراسة عن وراثة الشيب لدى الإنسان.
ويقضي الكثيرون وقتاً طويلاً وجهداً جباراً ومالاً كثيراً في صباغة الشعر لإعادته إلى لونه الأصلي، فيما قال الباحثون إن رصد هذا الجين قد يمهد السبيل لابتكار علاج قد يمنع الشيب.
وأقر كاوستوب بإمكانية ابتكار عقار يؤثر على مسارات إنتاج الميلانين في بصيلات الشعر أثناء نموها وقد يقلل من ضرورة استخدام صبغات الشعر على فروة الرأس بعد نمو الشعر، وأضاف “بالتأكيد هذا هو أسلوب البحث الذي يستحق المضي فيه قدماً”.
ودرس الباحثون معلومات وراثية غزيرة من رجال وسيدات في البرازيل وكولومبيا وتشيلي والمكسيك وبيرو مع إدراج سكان من أصول أوروبية وأفريقية ومن سكان أميركا الأصليين في الدراسة. ورصدت المتغيرات الجينية التي تنبئ بالشيب المبكر أساساً لدى من هم من أصل أوروبي.