هل سمعت عن شيريل ساندبرج صاحبة كتاب "تقدمي إلى الأمام " Lean in الذي نشر العام 2013، وترجمته إلى العربية الدار العربية للعلوم في بيروت.
تعمل شيريل مديرة العمليات فى فيسبوك، وهي حاصلة على ماجستير علوم إدارية من جامعة هارفارد، وأصبحت أول امرأة تعمل فى مجلس إدارة فيسبوك، وكانت تعمل فى جوجل قبل ذلك، كما صُنفت فى قائمة أكثر 50 امرأة نفوذاً فى مجال التجارة بترتيب رقم 16 للعام 2010 في مجلة فورتشين.
جاء الكتاب لمناصرة قضايا المرأة، فيُوجه للنساء نصائح فى مجال العمل، وتجاوز عقبات الحياة للوصول لمناصب قيادية وإدارية عليا، فقسّمت الكاتبة عرضها إلى فصول، تتقارب في التساوي من بعضها البعض؛ ما يعطيه مساحة التجزئة في القراءة، وبما يتيح قراءة الجزء الذي يختاره القارئ الذكي.
المساواة بين المرأة والرجل
يستمد الكتاب قوته من أمرين، الأول، الدراسات العلمية ونشر تجارب من جامعة هارفارد؛ ما أعطى الكتاب ثقلاً من الناحية العلمية، والثاني، الخبرة الشخصية الخاصة بالكاتبة؛ ما أعطاه مصداقية بناء على نجاحات ملموسة على أرض الواقع.
فبَدأت الكاتبة فى مقدمة الكتاب بسرد قصتها وزواجَها بعمر 26 عاماً، ومرحلة التفكير التي تمر بها كل امرأة عاملة في التوازن بين حياتها الخاصة والعمل، فذكرت دراسات علمية عن التمييز بين الرجل والمرأة، وربطها بأمور تبدأ من التربية.
وأشارت إلى أنه من اللحظة التي يولد فيها الطفل يتم التعامل معه بشكل مختلف مع اختلاف الجنس، فالآبَاء يميلون للتحدث مع الأطفال البنات أكثر من الأولاد، والأمهات يبالغن في تقدير الحركة المبكرة لدى الأولاد، ويقللن من قدرة البنات على ذلك. هذا التعامل المختلف تراه الكاتبة سبباً في الاضطهاد، الذي يحدث فيما بعد.
كذلك تساءلت هل توجد صفات متأصلة في الفروق بين الجنسين تجعل من النساء أكثر رعاية، ومن الرجال أكثر حزماً؟ وتنتقل من سؤالها للإشارة لقصص شخصية، وسرد أحداث لها منذ الطفولة، والفروقات بينها وبين أخيها، وتستكمل بعرض دراسات توضح فيها نسب العمل في المناصب القيادية للنساء مقارنة بالرجال، وكِبر الفجوة بينهما، ثم تسرد خلال الكتاب سيرتها المهنية باستعراض قراراتها الصحيحة، والخاطئة في مجال العمل والحياة.
حققي أحلامك قبل الزواج
بدأت الكتاب بذكاء وتَساؤل للمَرأة قائلة: ما الذي ستقومين بفعله في حالة كنت غير خائفة؟ ثم انتقلت من هذا السؤال الواسع إلى أمور على المرأة أن تتخذها، مثل الجرأة في القرارات، والنجاح بالجلوس على طاولة الاجتماعات، والمناقشة بحرية دون خوف، واستفاضت في معانٍ خاصة، مثل ألا تغادري قبل أن تقرري ذلك بنفسك، متمثلة في قرارات الحمل والولادة، التي تأخذ عامين على الأقل، حتى تَسترد المرأة صحتها وتعود للعمل؛ فعليها أن تقرر وتستمر.
كذلك ألا تستسلم في تلك المرحلة، وأن تقوم قبل الزواج بتحقيق إنجازات بقدر المستطاع، لأنه سيأتي وقت تُقرر فيه التوقف فترة، فحينها تكون قررت الأمر دون مشقة بارتياح منها.
الكتاب يتحدث للرجل أيضاً
طُرح الكتاب بأسلوب يتناسب مع المرأة أكثر من الرجل، مع قولها: "أنه كُتب أيضاً للرجل؛ ليعرف ما الذي تستعد المرأة سواء كانت (زوجته- ابنته- زميلته) لمواجهته، حتى يتمكن من تأدية دوره في المساواة"، دون مناقشة هذا الأمر على وجه التفصيل بكيفية ذلك، ما يجعل من الأمر صعوبة أكثر لمساندة الرجل للمرأة.
أما من ناحية أخرى، فقد اهتم بالمرأة على جانبين، جانب شخصي خاص بتقدير ذاتها، ورؤية نجاحها بشكل أفضل؛ فذكرت مواقف بسيطة من اجتماعات فيها بعض النساء يجلسن بجانب الطاولة أو بعيداً عن المشهد، مع قُدرتهن على المناقشة والجلوس على طاولة الاجتماعات، لكنها تختار أن تبتعد وتكون عنصراً ثانوياً، ولا ترى نفسها عنصراً أساسياً.
وأشارت حينها إلى كيفية معاملة البنات الصغيرات من خلال التربية على نحو لا يقلل من قيمتها، مثلما ذكرت مثالاً آخر بدراسة من جامعة هارفارد، فصُمم نموذجان طبق الأصل مع اختلاف الأسماء، أحدهما يحمل اسم رجل والآخر امرأة؛ وكانت النتائج صادمة، فكان الاختيار على الرجل برغبتهم في الحديث معه ومشاركته أكثر من المرأة.
الجانب الآخر، جانب اختياري عن حرية القرار بالعمل، فهو أمر يحتاج مجهوداً ليس باليسير، فالبقاء في العمل لا يعني أنه الخيار الصحيح والأوحد لجميع النساء، فأشارت في تجربتها الخاصة مع ابنتها ذات مرة حين أوصلتها للمدرسة، وكان عليها الذهاب لأحد المؤتمرات بالطائرة، فتعلقت ابنتها بها كي لا تسافر، فكان الشعور بجلد الذات لديها حينئذ عالياً؛ لذا أكدت على صعوبة الأمر، كي تتخذ المرأة القرار بما يتاح لها.
ولذلك أكدت على ضرورة اختيار الشريك الجيد، الذي يساعدها في تحمل مسؤوليات المنزل، لكن في هذا الجانب، أشارت إلى المجتمع ونظرته للرجل، الذي يقوم بعمل المرأة بدلاً منها، والخاص بتربية الأولاد، ومتابعة أنشطتهم المنزلية، وأن يكون هذا عمله الخاص؛ ما يجعل من الرجل الذي يقرأ الكتاب، لا يقتنع بالأمر بهذه السهولة.
ملاحظة على الكاتبة
العجيب في الأمر، مع كثرة سيرتها الشخصية والخاصة، أنها تقول عن الكتاب أنه ليس مذكرات شخصية، وربما هذا الأمر جعل بعضهم يتوقف عن استكمال قراءته للنهاية.
فبحسب صحيفة التليغراف، لم يتمكن 12.3% من إكمال قراءته للنهاية. الأمر الآخر افتقار الكتاب إلى وسائل وأدوات للتطبيق بطريقة يسيرة؛ فيَحتاج القارئ إلى أن يستكشف هذا الأمر من خلال دمج القصص الشخصية مع الدراسات العلمية، والتعلم من تجارب العمل الخاطئة، ليصل بنفسه إلى طرق للتطبيق.
واختتمت الكتاب بدعوة إلى استكمال مناقشة قضايا المرأة من خلال صفحة Lean in على فيسبوك، وتوصي بالاستمرار في البحث عن فرص جديدة دائماً.
ويمكن للمهتمين متابعة مزيد من نصائحها خلال الموقع الإلكتروني Lean in كذلك للتواصل مع مجتمع من الشخصيات الناجحة؛ ما يساعد على خلق الفرص والتطوير المستمر.