للصائم فرحتان :
فرحـــةٌ بفطره ، وفرحــــة ٌ بلقــــاء ربِّه ..
نعم ففرحة الفطـــــــــــــــــر هي أولى الفرحتين ، في مطلع شهر شوال بعد أن يتخرّج في مدرسة الصوم فائزا بإذن الله ، وهو إرهاص باستحقاق الدخول إلى جنة الخلد من باب خاصّ اسمه الريَّـــــــــــــــان ، لا يدخله إلا الصائمون من أمة الإسلام ، أمة سيدنا محمد ، وهم الذين أظمؤوا نهارهم وقاموا ليلهم في طاعة الله تعالى على امتداد شهر رمضان بأكمله ، شهر القرآن الكريم .
والعيد (عيد الفطر) يقع في الأول من شهر شوَّال ، وشوَّال من الجذر (ش و ل)، جاء في المقاييس :
الشين والواو واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الارتفاع. من ذلك شالَ المِيزان، إِذا ارتفعت إحدى كِفّتَيه.
وأَشَلْت الشّيءَ: رفعتُهُ، والشَّول من الإِبل: التي ارتفت ألبانُها، الواحدة شائلة.
والشوَّل: اللواتي تَشُول بأذنابها عند اللِّقاح، الواحدة شائل.
وزعم قومٌ أنّ شَوّالاً سمِّي بذلك لأنَّه وافق وقتَ أن تشولَ الإبل.
والشَّوْلة: نجم، وهي شَوْلة العقرب، وهي ذَنَبها.
وتسمَّى العقربُ شَوّالة.
ويقال تشاوَلَ القَومُ بالسِّلاح عند القتال، وذلك أَنْ يُشيل كلٌّ السِّلاح لصاحِبه. فأمَّا الماء القليل فيسمى شَولاً، لأنَّه إِذاً قد خف وسَرُع ارتفاعه وذهابه. قال:ويسمَّى الخادم الخفيف في الخِدمة: شَوِلاً؛ لسرعة ارتفاعه فيما ينهض فيه.
وقال صاحبُ اللسان :
شالت الناقةُ بذنَبِها تَشولُه شَوْلاً وشَوَلاناً وأَشالَتْه واسْتَشالَتْه أَي رَفَعَتْه؛ قال النمر بن تولب يصف فرساً:
جَمومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابى،*** تَخالُ بياضَ غُرَّتِها سِراجا
وشالَ ذَنَبُها أَي ارتفع ؛ قال أُحَيْحة بن الجُلاح:
تَأَبَّري، يا خَيْرَة الفَسِيلِ،*** تَأَبَّــــــري من حَنَذٍ، فَشُولي
أَي ارْتَفِعي. المحكم: وشال الذَّنبُ نفْسُه؛ قال أَبو النجم:
كأَنَّ في أَذنابِهنَّ الشُّوَّل،*** مِن عَبَسِ الصَّيْفِ، قرون الإِيَّل
ويروى: الشُّيَّل والشِّيَّل، على ما يَطَّرِد في هذا النحو من بنات الواو عند الكسائي، رواه عنه اللحياني.
والشّائلةُ من الإِبل. التي أَتى عليها من حَمْلها أَو وَضْعها سبعةُ أَشهر فخَفَّ لبنُها ، والجمع شَوْلٌ؛ قال الحرث بن حِلِّزة:
لا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغبارِها،*** إِنَّك لا تَدْري مَنِ النَّاتِجُ
ولا يزال أهل حوران والبادية والحجـــــــاز واليمن حتى اليوم يسمّون الدابة التي ترضع وليدها وهي حامل بالشولي .
وتطالعنا في الباب نفسه :
الشُّوَيْلاء: نَبْتٌ من نَجِيل السِّباخ؛ قال أَبو حنيفة: هي من العُشْب ومَنابِتُها السَّهْل وهي معروفة يُتَداوى بها، قال: ولم يَحْضُرني صفتُها.
والشُّوَيْلاء أَيضاً: موضع.
والشَّوِيلة والشُّوَلاءُ، الأُولى على فَعِيلة مثل كَرِيمة، والثانيــــــــــة على فُعَلاء مثل رُحَضاء: موضعان.
وشَوَّالٌ من أَسماء الشهور معروف، اسم الشهر الذي يلي شهر رمضان، وهو أَول أَشهر الحج كما ذكرنا آنفـــاً ، قيل: سُمِّي بتشويل لبن الإِبل وهو تَوَلِّيه وإِدْبـــــارُه ، وكذلك حال الإِبل في اشتداد الحـــرِّ وانقطاع الرُّطْب ، وقال الفــــــــــرَّاء : سُمِّي بذلك لِشَوَلانِ الناقة فيه بذَنَبها.
والجمع شَواويلُ على القياس، وشَواوِلُ على طرح الزائد، وشَوَّالاتٌ، وكانت العرب تَطَيَّرُ من عَقْد المناكح فيه، وتقول: إِن المنكوحة تمتنع من ناكحها كما تمتنع طَروقة الجَمَل إِذا لقِحَت وشالَت بذَنَبها، فأَبْطَل النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، طِيَرَتَهم.
وقالت عائشة، رضي الله عنها: تَزَوَّجَني رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في شَوَّالٍ وبَنى بي في شَوَّال فأَيُّ نسائه كان أَحْظى عنده مني؟ وامرأَة شَوَّالةٌ: نَمَّامةٌ؛ قال الراجز: ليْسَتْ بذاتِ نَيْرَبٍ شَوَّاله والأَشْوَل: رَجُلٌ؛ قال ابن الأَعرابي: هو أَبو سَماعَة بن الأَشْوَل النَّعاميّ، هذا الشاعر المعروف، يعني بالشاعر المعروف سَماعة.
وشَوَّالٌ اسم رجل عند العرب ، وهو شَوَّال بن نُعَيْم.
هذا والله أعلم ، مع تقديم الاعتذار عن تأخرنا في حلقة الأسبوع الفائت ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .