الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي شاعرة مخضرمة من الزمن الجميل تنظم الشعر منذ تفتح قريحتها على العلم والأدب والمعرفة ،ولدت في عاصمة الحضارات والتاريخ العربي العريق في مدينة بغداد العاصمة العتيدة بجذورها المغرقة في القدم ،إنها ساجدة حميد حسن الموسوي ،التي تخرجت في كلية الآداب ببغداد 1975 ،ثم عملت موظفة في المركز الثقافي العراقي بلندن 1989ولمدة أربع سنوات, وعملت موظفة في وزارة الثقافة والإعلام بالعراق ،وانتخبت لأكثر من دورة لعضوية المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق, وكذلك لعضوية مجلس إدارة نقابة الصحفيين العراقيين, وكانت عضواً بالمكتب التنفيذي للاتحاد العام لنساء العراق, كما تولت منصب مديرة تحرير مجلة المرأة لعدة سنوات ،ولها مشاركات في الحياة الأدبية والثقافية والسياسية, وقد ألقت قصائدها في العديد من العواصم العربية, والأوربية والآسيوية من خلال المهرجانات والأسابيع الثقافية.
من دواوينها الشعرية: طفلة النخل 1979-هوى النخل 1983- الطلع 1986- عند نبع القمر 1987-البابليات 1989- قمر فوق جسر المعلق 1993 - شهقات 1996،وترجمت قصائدها إلى الإنجليزية, والفرنسية, والألمانية, والإسبانية, والتركية ،وكتب عن دواوينها الكثير من المقالات في الصحف والمجلات العراقية إلتقتها وكالة أخبار المرأة بالشارقة، عاصمة الثقافة الإسلامية في عدة أمسيات شعرية وكانت لها وقفات أدبية في محطات ثقافية عدة في محافل إعلامية نشرت لها العديد من المقالات والتحليلات الأدبية في الصحف الإماراتية وتغنت بقصائد شعرية بالوطن حبيبها الأول الذي يسكن القلب تنظم الشعر بنكهة أدبية خاصة ،في حورانا معها كشاعرة وطنية متميزة ذات قامة شعرية وقفت أمامها أعمدة الشعراء تقديرا وإحتراما إقتنصنا من وقتها الثمين ونحن نتابع لقائتها وهي تنقي الكلمة التي تصف فيها الوطن فتقع في إذن السامع لها لتحط بالقلب بأثر خاص وبحس شعري خاص ينبض بالحب والحياة حين تتلون بسحر خاص عبق بنسائم ريح طيبة العبير عذبة الشذى في إيقاع موسيقي مرهف الحس متذوق لصدى القصيدة في النفس ، إنها قيثارة عراقية تعزف الحنين للوطن بلون الوفاء والإنتماء ، وتشدو له أروع الكلمات التي تترجم الحب بكافة أشكاله، لمعرفة المزيد عن هذه الشاعرة المتميزة نتابعه في نص الحوار الآتي الذي لم يخلوا من الصراحة والشفافية والأمنيات العطرة لكل من إختار الشعر لغة أدبية تصمم منه لوحات إبداع بقوافي ساحرة الأثر .
*بداية من هي ساجدة الموسوي؟هل بالإمكان التعريف بنفسك في سطور ؟
- أنا شاعرة عربية ،أسعى وأحلم أن أقدم شيئاً لوطني العراق وأمتي العربية من خلال شعري وحراكي الثقافي فإن وُفقت في سعيي فذلك بفضل من الله أولاً وفضل وطني وأسرتي ثانياً وإن لم أوفق فحسبي أنني اجتهدت .
* كيف تصفين المشهد الثقافي العربي عامة، ،والإماراتي بشكل خاص؟
- الخط أو الرسم البياني للأدب العربي يرتفع إبداعياً بشكل عام ، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة نهضة ثقافية كبيرة واضحة تبشر بخير وتحفز على الإبداع على كافة المستويات وليس في الأدب وحده بل وفي مجالات الإبداع الأخرى ، أنا فخورة بالتقدم الحاصل في دولة الإمارات فهي جزء حي من وطني العربي الذي أفتخر به ،ووجهة حضارية عالمية والنهوض الثقافي الذي تشهده هو نتيجة واضحة لوعي قادتها بأهمية الثقافة ودورها الإنساني والقومي .
* يتضح حنينك للوطن في كافة قصائدك ،و يتكرر الوله به في قافية أشعارك ،وكثيرا ما تشدك القصائد التي ترتحلين فيها بعوالم عدة محطتها الأولى دائما وطنك العراق ، فتتغزلين به بنهم ، ،فماذا يمثل لك الوطن ؟
- وطني هو حبيبي الأول والدائم في قلبي ،و الذي كان وما يزال وسيظل يعشعش في ثنايا روحي ويسكنني ويرافقني أينما أكون حتى لو سكنت المريخ أو زحل ، ولو أردت وصفاً لهذا الحب لقلت إنه ولد مع ولادتي ، صرنا توأم كبرنا سوياً كلما مرت السنون يتعمق هذا الحب وتمتد جذوره وتشتبك غصونه وتحلو ثماره ويزداد ظلّه .. أما الاغتراب عن الوطن فهو الذي يجعل من هذا الحب يتيماً يبحث عن أبيه الوطن ... الغربة يتم قاسٍ لذلك تتوشح قصائد الغربة بالحنين والتوق والشوق الممض ، وكلما طال النوى احترق الجوى ، غربتي عن وطني العراق طالت ، بعضها قبل احتلاله وبعضها بعد احتلاله ، ومجموعها أربعة عشر عاماً .
* وما هو إحساسك الآن وأنت تغردين خارج سرب وطنك ؟
- أنا ربما أكون بعيدة عن وطني مكانياً لكني مازلت مع أسرابه المحلقة فوق أرض وفي أعماقه بكافة المواقع في بابل وسومر وآشور وأكد . ولم أغرد خارج السرب بمعنى المنفصل عن كينونته ورؤاه ، مازلت أغرد لعيون الوطن .
* من الملاحظ أن هناك طفرة واضحة في الحركة نسائية في الوطن العربي ،بما يظهر التنافسية بين قطاع المرأة لإثبات الذات وما إنعكس مليا بالنهضة الثقافية التي تشهدها الساحة العربية ببروز واضح لإبداعات المرأة ،هل هذا يشكل شاهد عصر على نضوج المرأة العربية فكريا بما يواكب العصر الحديث وتطوراته التقنية، كيف ترين ذلك؟ وأين أنت من هذا؟
- هذا موضوع يطول شرحه لأن حركة تحرر المرأة العربية التي ترافقت مع حركة التحرر السياسي والاجتماعي التي شهدها وطننا العربي منذ أوائل القرن الماضي وما نادى به قادة تحرر المرأة العربية لأمثال رفاعة الطهطاوي وقاسم أمين والزهاوي وغيرهم ، هذه الحركة نمت وترعرعت مكسرة القيود التي كان يضعها الرجعيون باسم الدين وسرعان ما بدأت المرأة العربية تدخل كافة مناشط ومجالات الحياة أسوة بالمرأة في الغرب رغم أن ما هو متوفر للمرأة العربية من تسهيلات لا يصل إلى عشر% مما تتمتع به المرأة في الغرب من تسهيلات وظروف في البيت أو المجتمع كدور الحضانة مثلاً ورياض الأطفال ومساعدة الزوج في العمل المنزلي والمطاعم الشعبية الرخيصة وغير ذلك .
العقود الأخيرة وبجهود المرأة العربية ( التي أثبتت جدارتها وكفاءتها ) بدأت الكثير من الأقطار العربية تشهد حضوراً لافتاً للمرأة وساعد في ذلك تطور التشريعات وإيمان القيادات والحكومات بضرورة مشاركة المرأة في بناء المجتمع وتقدمه ، وباعتبارها طاقة فاعلة ومنتجة فإن خسارتها هي خسارة لفرصة من التقدم .
بالنسبة لي أنا أبارك عمل المرأة العربية خارج البيت بشرط أن لايكون على حساب بيتها وأولادها ، فتربية الأولاد وبناؤهم جسمياً وعلمياً ونفسياً مهمة وطنية لا تقل أهمية عن عملها خارج البيت حتى أن بعض الدول بدأت تفكر بإعطاء الأم المتعلمة معاشاً لقاء تربيتها لأولادها .
* هل تجدين أن هناك تغيير في نظرة العالم للمرأة العربية في عصرنا الحالي ؟؟
- إلى وقت قريب كانت النظرة للمرأة العربية نظرة احترام وتقدير ، غير أن هذه الصورة اهتزت بعض الشيء أمام الكثيرين وخاصة في أوروبا وأميركا بعدما حصل التراجع الثقافي في الكثير من بلداننا العربية وأخذ بعض من لبسوا طاقية الدين يقودون المجتمع إلى دهاليز مظلمة معتبرين المرأة ( عورة ) وإذا لم تعِ المرأة العربية خطورة ذلك فإن التراجع حاصل بمرور الزمن لا سمح الله .
* ما هي آخر مشاريعك الثقافية؟وماذا تفعلين آزاء المتغيرات التي تشهدها بعض الدول العربية؟ وأين دور المرأة فيها ؟
- حالياً أحضّر لإصدار ديوان جديد سأعلن عنه بعد صدوره إن شاء الله ، أما بالنسبة للمتغيرات التي تشهدها أمتنا العربية فقد جرى ما جرى وعلينا بعد أن أصبحنا نعي تماما دوافع ما جرى ،لهذا علينا أن نكون حذرين ونشد الساعد على الساعد ونوحد الجهود لردم الهوات الفاصلة بين بلد وآخر بين فئة وأخرى فليس لنا غير التوحد من سبيل للقوة ، في الفرقة والتشذرم كلنا نخسر والعدو يربح لكن بالوحدة كلنا نربح وعدونا يخسر . والمرأة العربية هي أكثر الخاسرين في هذه الظروف ، وهي الأكثر تقديراً ومعرفة لمعنى الأمان الأسري ، الله يكون في عونك أيتها المرأة العربية في فلسطين والعراق وسوريا وليبيا وتونس واليمن ... يامن عشت أهوال الحروب ولم تتخلي عن أولادك ولا عن ثوابتك الوطنية .
* كلمة أخيرة لقطاع المرأة في الوطن العربي عامة والشاعرات اللواتي ظهرن حديثا ؟
-أحيي المرأة العربية أينما تكون لأنها أثبتت أنها أهل للثقة وكبيرة في دأبها وحرصها على أسرتها ووطنها ، أما الأديبات الناشئات فأوصيهن بالمعرفة أولاً فلا إبداع بدون معرفة وتعلم حقيقي وقراءة لساعات متواصلة باليوم ، وأن يطلعن على تجارب من سبقوهن ، وأن لا يخفن الفشل إن واجههن ذات مرة بل يواصلن بكل شجاعة واقتدار فطريق الإبداع ليس مفروشاً بالورد ، والإرادة أساس النجاح .