واحد من الأمور اللي بتكشف زيف فكرة الحريات المطلقة، وإمكانية وجود نظام أخلاقي متكامل خارج إطار الدين هو "حرية الإجهاض".
(ملحوظة: نحن نتحدث عن الإجهاض الاختياري هنا وليس الحالات التي يُفضل الطب إجهاضها بسبب خطورة شديدة على حياة الأم أو مرض عُضال في الجنين).
- في كندا وبعض الولايات الأميركية ليس هناك أي مانع قانوني أو شروط تمنع المرأة من إجهاض جنينها حتى وإن كان قبل موعد ميلاده بأسابيع!
في الولايات المتحدة الإجهاض حق قانوني للمرأة لكن لكل ولاية الحق في وضع شروط معينة لهذا القانون.. بعض الولايات تشددت في هذه الشروط في محاولة لمنع الإجهاض بقدر الإمكان وبعض الولايات الأخرى تساهلت.. لكن كالعادة.. مع مرور الوقت يقل التشدد ويزداد التساهل مع الإجهاض.
السؤال: ما هي مبررات من يسمحون بالإجهاض؟
المبرر الأول: المرأة لها الحرية الكاملة للتصرف في جسدها!
- ولكن هل الجنين هو جزء من جسد المرأة بحيث لا يمكن اعتبار الجنين كائناً حياً مُستقلاً لمُجرد أنه يعيش داخل رحم المرأة؟.. عندما تكون المرأة حاملاً فإنك تجد الأطباء يتحدثون عن الحالة الصحية للأم والحالة الصحية للجنين بشكل مستقل.. إنهما كائنان يعيش أحدهما داخل الآخر.
المبرر الثاني: الجنين لم يصبح إنساناً بعد لكي يكون له حقوق مستقلة!
- هؤلاء لا يعتبرون الجنين إنساناً إلا عندما يخرج من رحم الأم!.. وقتها فقط يصبح إنساناً يتمتع بحقوقه كاملة.. بينما قبل خروجه من رحم الأم بأيام قليلة وربما بساعات لا يكون إنساناً ويكون جزءاً من جسد الأم لها كامل الحرية في التخلص منه مثلما تتخلص من إحدى أسنانها مثلاً!
- تخيّل الآتي.. امرأتان في الشهر الثامن من الحمل؛ الأولى قررت أن تلد مبكراً ووضعت ابنها داخل حضّانة في المستشفى.. ثم بعد أسبوع ذهبت للحضّانة وقتلت الطفل خنقاً!!.. في نفس هذا اليوم قررت المرأة الأخرى إجهاض جنينها!.. أدعياء الحرية هؤلاء ومعهم القانون في كندا وبعض الولايات الأميركية سيعتبرون المرأة الأولى مُجرمة وقاتلة وسيتم القبض عليها فوراً.. بينما المرأة الثانية مارست حقاً من حقوقها ليس من شأن أحد أن يعترض على ما فعلته!
أي منطق وأي أخلاق في هذا الجنون؟
- أدعياء الحريات هؤلاء قد يلومونك بشدة إن قطفت وردة من على شجرة.. وسيبلغون السُلطات عنك ويعتبرونك مجرماً إن قتلت قطة أو كلباً لا يشكلان خطراً على حياتك.. بينما أن تقتل امرأة جنينها فهذا من باب الحرية الشخصية لهذه المرأة التي ليس من حقك أنت الاعتراض عليه!
السؤال الأهم: ما هي المبررات الحقيقية لهؤلاء؟
فيم يفكر هؤلاء عندما يسمحون بالإجهاض؟.. يفكرون في أشياء مثل:
1 - فتاة لم تأخذ احتياطاتها الكافية في علاقتها بالـ Boyfriend فحملت، وكلاهما ليس على استعداد لتحمل مسؤولية طفل.. هكذا يقرران التخلص من الجنين.
2 - امرأة حملت من علاقة عابرة بعد أن حملت منه وهي غير مستعدة لتحمل مسؤولية الطفل وحدها فتقرر التخلص من الجنين.
3 - زوجة حملت لعدم أخذ الاحتياطات اللازمة لكن لديها طموح عملي كبير والحمل قد يؤخر هذا الطموح فتقرر التخلص من الجنين!
4 - مراهق ومراهقة مارسا الجنس دون احتياطات كافية فحملت الفتاة في سن صغيرة (16 - 21) وطبعاً هي ليست مستعدة لكي تكون أماً فتقرر هي أو يجبرها أهلها على التخلص من الجنين.
5 - زوجة وحملت ثم هجرها رفيقها أو مات.. وترى أن إنجابها لطفل سيقلل من فرصها في الارتباط والانطلاق مستقبلاً.. فتقرر التخلص من الجنين.
وهكذا.. تعددت الأسباب الفرعية، لكن يبقى السبب الرئيسي هو الأنانية والبحث عن المصلحة والهروب "للاستمتاع بالحياة" بقدر الإمكان بدون مسؤوليات!.. السبب الرئيسي هو أنهم يرضون أهواءهم ورغباتهم وأنانيتهم.
- هل تريد أن تكشف نفاق أدعياء الحرية هؤلاء وزيف مبادئهم ؟.. قل لهم إن هناك امرأة قررت إجهاض جنينها بعد أن عرفت بكشف السونار أن الجنين أنثى بينما هي تريد ذكراً!.. وقتها لن تصبح هذه المرأة حرة في جسدها!.. ستصبح عدوة لحقوق المرأة وتستجيب لمجتمع ذكوري مُتخلف!
- هذا ما يحدث عندما يُشرع الإنسان لنفسه.. فهو يتخذ أهواءه مصدراً رئيسياً للتشريع.. هل تريد أن تضحك؟
كندا ليست بها عقوبة الإعدام!.. مهما كانت الجريمة لن يُعاقب المُجرم بالإعدام.. لو قتل المجرم ألف تلميذ في مدرسة فإنه سيُعاقب بالسجن مدى الحياة، لكن لن يتم إعدامه.. لماذا؟ هذا اتباعاً لتوجهات منظمات حقوق الإنسان التي ترى أن حياة الإنسان شيء نفيس وليس من حق أحد إنهاؤه بالقانون!! (ما لم تكن امرأة تحمل جنينا.. وقتها يحق للمرأة قتل الجنين؛ لأن لها حرية التصرف في جسدها!).
يقولون لك إنهم لن يسمحوا بحكم التشريعات الدينية؛ لأنها لا تنُاسب العصر الذي يعيشون فيه.. ولأنها تشريعات متخلفة قاسية لا تحترم الحقوق والحريات، وأن الإنسان هو أفضل مَن يشرع لنفسه بقوانين مبنية على دراسات ومنطق.. ونعم المنطق!
(أرأيتَ مَن اتخذَ إلهَه هواه أفأنتَ تكونُ عليه وكيلاً) - سورة الفرقان.