في العاصمة الهولندية أمستردام، تعرّف عن نفسها بأنها لاجئة فلسطينية من قرية سمسم المحتلة عام 1948. في هذا البلد الذي لجأت إليه وعائلتها، تحاول جاهدة تقريب القضية الفلسطينية من الهولنديين، من خلال محاضراتها في الثقافة الإسلامية، إضافة إلى مبادرات شخصية.
سهى سالم سرور، ثلاثينية حاصلة على درجة البكالوريوس باللغة الإنكليزية، والماجستير في التربية من الجامعة الإسلامية في غزة. منذ كانت طالبة، لطالما نشطت في الحقل العام، وقد حرصت على إطلاق مبادرات صغيرة تهدف إلى تمكين المرأة والشباب. وقبل أن تغادر قطاع غزة، عملت مع المركز النروجي للاجئين كمسؤولة عن المدرّسين، وقد أشرفت عليهم ودرّبتهم على أساليب التربية الحديثة.
بعد العدوان الأخير على قطاع غزة في عام 2014، قرّرت وزوجها يوسف شعت، السفر إلى هولندا مع أبنائهما الأربعة. ترى أن السفر سلاح من أسلحة المقاومة السلمية، وذلك من خلال العمل على نشر رسالة الإنسان الفلسطيني، ومحاولة تغيير الصورة الموجودة في الإعلام، وهي أن الفلسطيني هو الجاني، إذ هو صاحب حق.
في الوقت الحالي، تعمل سرور في مؤسسة "إيثكا" الهولندية، وهي مسؤولة عن مشروع يهدف إلى تعزيز جسور التواصل بين أولياء أمور التلاميذ والمدارس. وفي جامعة أمستردام، تساعد في البحث العملي، وتدرّس الثقافة الإسلامية والعربية لطلاب الماجستير. من خلال عملها، تسعى إلى تعليم القيم الإسلامية للمجتمع الأوروبي. تشير إلى الاستمرار في العمل ضمن مشاريع تدعم الأطفال العرب والفلسطينيين في قطاع التعليم، وقد عملت مع مؤسسة "كيدز رايتس فاوندايشن"، بهدف حثّ الطفل العربي والفلسطيني على المشاركة والمنافسة للحصول على جائزة الطفل الدولي التي تنظّم سنوياً. تشير إلى مشاركة ما يزيد عن خمسة أطفال من قطاع غزة في المسابقة هذا العام، آملة أن يكون النصر حليف أحدهم.
تسعى سرور إلى مساعدة المرأة الفلسطينية وتغيير الصورة النمطية عنها، وتأمل بالحصول على الدعم المادي اللازم لإنجاح مشروعها. ترى أنه في حال حصلت على الدعم اللازم، ستكون قادرة على تسليط الضوء على نجاحات المرأة الفلسطينية الكثيرة، والتي تغلبت على مشاكل ومعوقات عدة، وتثبت أن المرأة الفلسطينية مثابرة رغم ظروفها الصعبة.
تقول: "الفلسطيني أينما حل هو إثراء حقيقي للدول. وما يزيدني فخراً هو أن الطفل الفلسطيني في هولندا وفي مختلف الدول الأوروبية ما هو إلّا رسول لبلاده، وكل واحد يمثلها بطريقته الخاصة". تضيف أن أكثر ما يميز الفلسطيني أنه يصمم في كل المحافل، على التعريف عن نفسه كفلسطيني، وإن لم تطأ قدماه يوماً أرض فلسطين".
خلال المحاضرات التي تسعى من خلالها إلى إيصال الثقافة الإسلامية، تلاحظ سرور أن الغرب يتجه نحو الابتعاد عن الدين، في ظل غياب التفسير الدقيق. صحيح أنّ المدارس الهولندية تعرّف عن الأديان السماوية، لكن يبقى التسامح الديني ناقصاً. تقول إنها من أكثر الناس حظاً لأن جامعة أمستردام أتاحت لها الفرصة لإعطاء محاضرات عن القيم الإسلامية السمحة.
ومن خلال عملها هذا، استطاعت سرور الإجابة عن بعض التساؤلات لدى طلاب الدراسات العليا في الجامعة، وقد سعت جاهدة إلى نقل الثقافة الإسلامية. تضيف: "أكثر ما يميّز الأوروبي هو احترامه للثقافات المختلفة والديانات الأخرى، وإن تعارضت مع قناعاته. لذلك، أجد أننا كمسلمين قادرون على تكريس ونشر ثقافتنا طالما أن سلاحنا هو القدوة الحسنة والكلمة الطيبة". من هنا، لا تجد أي معيق لنشر الثقافة الإسلامية في أوروبا.
تدافع سرور عن صورة المهاجرين العرب والفلسطينيّين في هولندا، وخصوصاً أن مهارات العرب كثيرة. ورغم صعوبة الهجرة، ترى أنها إثراء للبلد، في ظل تدفق خبرات في مجالات مختلفة. تقول: "هناك أمثلة عدة عن فلسطينيين حملوا جنسيات أخرى، وأبدعوا في مجالات عدة، كالطب والهندسة والسياسة وغيرها".
تسعى سرور إلى دعم قطاع تعليم العرب، ونشر ثقافة الدين الإسلامي، والعمل على إعداد بحث علمي يساهم في تمكين المرأة العربية والفلسطينية. وفي الوقت الحالي، تطلق مبادرات شخصية للتقرب من المجتمع الهولندي. وخلال شهر رمضان الماضي، دعت جيرانها إلى مشاركتها وعائلتها على مائدة الإفطار، لتعريفهم بطقوس المسلمين، إضافة إلى توزيع حلويات عربية على الهولنديين، وزيارة بيوت المسنين بشكل دوري برفقة بناتها الثلاث وابنها وزوجها.
في هولندا، اتخذت سرور مساراً لا يختلف كثيراً عن مسارها في قطاع غزة. ما زالت ناشطة تسعى إلى إبراز الصور الحسنة.